هل يفتح استرداد غطائي التابوتين الأثريين اللذين تم استعادتهما مؤخرا من إسرائيل واستقرارهما الآن فى المتحف المصري، باب الأمل فى استعادة باقى الآثار المصرية من الخارج ، من بينها "حجر رشيد" من المتحف البريطانى، و"ذقن أبو الهول"، وتمثال رأس نفرتيتى من متحف برلين، وتمثال مهندس الهرم الأكبر من ألمانيا، وتمثال مهندس الهرم الثانى من بوسطن، ونقش القبة السماوية؟ تجدر الاشارة إلى أنه توجد اتفاقية في مصر تنص على أنه لا يوجد في الدولة المصرية تجارة آثار منذ العام 1983، ولذلك نحن في انتظار عودة نحو 284 قطعة تم تهريبها قبل العام 2011، تمت سرقتها نتيجة التنقيب غير المشروع وتهريبها للخارج. علما بأن هناك العديد من الاسباب التى أدت إلى اختفاء كميات كبيرة من الآثار المصرية سواء بطرق شرعية كالإهداء لرؤساء وملوك بعض الدول، وتقاسم الآثار المكتشفة مع البعثات الأجنبية، أو بطرق ليست شرعية كتهريب الآثار المصرية للخارج. والسؤال الذى يطرح نفسه الآن، إلى متى سيظل التراث المصري عرضة للعبث والسرقة والإهمال؟ وهل هناك مؤامرة خارجية تحاك ضد ثرواتنا التاريخية والحضارية؟ ترى ما الأسباب الحقيقية وراء عرقلة عودة آثارنا المسروقة فى مختلف انحاء العالم؟ ومن المسئول عن تلك الكوارث المتكررة لنهب ثراث الأجداد؟ في التحقيق التالي تحاول "الأهالي" الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها من خلال نخبة من المثقفين والمتخصصين. الإنتربول المصري أكد شعبان عبد الجواد المشرف العام على إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار، أن عودة الغطائين تعد هى المرة الثانية لاستعادة قطع أثرية من إسرائيل، وأن المرة الأولى كانت فى تسعينيات القرن الماضى حيث نجحت مصر فى استعادة القطع الأثرية التى تم التنقيب عنها فى سيناء عن طريق بعثات أثرية إسرائيلية وقت الاحتلال. وقال إن الغطاءين اللذين تم استعادتهما على شكل آدمين مصنوعان من الخشب والكارتوناج عليهما عدد من النقوش والزخارف الملونة وكانا قد خرجا من مصر بطريقة غير شرعية عن طريق أعمال الحفر خلسة وتهريبهما عبر تاجر آثار إسرائيلي، وتم ضبطهما في أحد صالات المزادات بالقدس عام 2012 عن طريق سلطة الآثار في إسرائيل وإنتربول القدس الذي أبلغ بدوره الإنتربول المصري لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة نحو إثبات ملكية مصر لهما واستعادتهما، مشيرا إلى الجهود التى تقوم بها الوزارة فى استرداد كل القطع الأثرية المهربة خارج مصر حيث نجحت الوزارة فى استرداد 546 قطعة أثرية خلال عام 2015 وحتى الآن من عدد من الدول من بينها سويسرا وإنجلترا وأمريكا وألمانيا والنمسا وبلجيكا وغيرها، مؤكدا أن الوزارة بعد أكثر من 6 سنوات من المباحثات والإجراءات القانونية نجحت فى استرداد نحو 44 قطعة أثرية من فرنسا تنتمى لعصور مختلفة من الحضارة المصرية القديمة، لافتاً إلى أنه تم خلال العام الماضى استرداد نحو 240 قطعة أثرية من فرنسا. قد تم ضبطها فى مطار شارل ديجول فى مارس ونوفمبر 2010، وكانت وزارة الآثار قد تقدمت بطلب استرداد رسمى للحكومة الفرنسية بعد تأكيد أحقية مصر فى استرداد هذه القطع وأنها من تراث مصر الحضارى والأثرى وتخضع لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته بالقانون رقم3 لسنة 2010. مشيرا إلى أن مجموعة القطع المستردة هى عبارة عن تمثال لامرأة من الحجر الجيرى يعود للعصر الرومانى بالإضافة إلى رؤوس مغازل، وأقراط، وصلبان، وقطع خشبية، وأيادى كانت تستخدم كآلات موسيقية تعود للعصر القبطى. القانون الدولى كان لمبدأ "القسمة" السبب الرئيسى فى خروج العديد من القطع الأثار المصرية للخارج، حيث كان ينص قانون الآثار المصرى فى ذلك الحين على إجراء القسمة على الآثار المُكتشفة بين البعثات الأجنبية والحكومة المصرية.. المثير للدهشة أن عمليات تهريب وسرقة الآثار تقوم بها عصابات متخصصة فى تهريب الآثار، ففى لندن اعترف أحد أفراد تلك العصابات – فى التحقيقات التى أجرتها شرطة سكوتلانديارد – أنه هرب 250 ألف قطعة أثرية من الآثار المصرية، وأنه يعمل لحساب عصابة دولية لتهريب الكنوز الأثرية من مصر إلى لندن. من أشهر قضايا تهريب الآثار، القضية الشهيرة المتهم فيها رجل الأعمال "طارق السويسى" وأكبر معاونيه تاجر الآثار اللبنانى الشهير "على أبو طعام" وآخرون من بينهم منتجون سينمائيون ورجال أعمال وعشرة أجانب من جنسيات سويسرية وبريطانية وفرنسية ولبنانية. فى هذا السياق صرح الدكتور خالد العنانى وزير الآثار، بأن الوزارة تعمل على استعادة القطع الأثرية المصرية المهربة خارج البلاد، ويتم حاليا السعى لتوفير خبرات فى مجال القانون الدولى لاستعادة تلك القطع الأثرية، إلى جانب تشكيل لجنة من وزارات الآثار والخارجية والعدل والإنتربول، لوضع خطة متكاملة ورؤية شاملة ذات صيغة قانونية لاسترداد الآثار المصرية المهربة للخارج، مشيرا إلى أنه يقوم حاليا بإعادة تشكيل القطاعات التابعة للوزارة ودعمها بخبرات من خارجها، مؤكدا أن هذا الملف من الملفات الشائكة الذى توليه الوزارة اهتماما خاصا. الآثار المهربة من جانبه أوضح الدكتور على أحمد مدير إدارة الآثار المستوردة إن مشكلة استرداد الآثار المصرية الموجودة فى الخارج تتمثل فى أننا لا نستطيع إثبات ملكيتنا لها!! مشيرا إلى أن وزارة الدولة لشئون الآثار تمتلك أدلة لإثبات ملكية نحو 60 % من القطع الأثرية المسروقة بالخارج، والدليل على هذا القناع الجنائزي للسيدة "كانفر نفر" ، الذى سرق من مخزن سقارة، حيث اكتشفه عالم الآثار المصري محمد زكريا والقناع مسجل بسجلات سقارة بتاريخ 26 فبراير 1952، الوزارة تمتلك النشر العلمى للقناع وتاريخ التسجيل بل وتاريخ تتبع القطعة، ومع ذلك لم تقدم تلك الأدلة القاطعة إلى المحاكم الأمريكية مما جعل إحداها تحكم لصالح متحف سانت لويس الأمريكي بأحقيته في امتلاك ذلك القناع!! وهذا مثال صغير لما يحدث في ملف الآثار المهربة للخارج.. مشيرا إلى أن هناك أدلة عديدة علي أحقية مصر في كنوزها المسروقة، ولكن هناك من يعمل على عرقلة التحرك لتظل آثارنا المسروقة موجودة فى تلك المتاحف الخارجية!! مشيرا إلى أنه لو قررت وزارة الآثار إقامة دعوات قضائية وقدمت جميع الأدلة من أوراق وغيرها ستكسب الكثير من القضايا ومن ثم يتم استرداد كثير من الكنوز المصرية المسروقة بالخارج، ولكن للأسف البعض يضلل الرأى العام ويكذب لتوصيل رسالة مفادها أنه يستحيل استرداد مصر لآثارها الموجودة بالخارج، وهذا مجافٍ للحقيقة تماما، لأنه يمكنا استرداها بالفعل، أما الكارثة الأخرى فتتمثل فى السماح لبعثات المتاحف الأجنبية التى سرقت وما زالت تسرق كنوزنا التراثية بالتنقيب، بل وبجرد الآثار الموجودة بالمخازن!! مؤكدا أن الإدارة تعمل جاهدة على متابعة جميع صالات المزادات والمواقع الإلكترونية المعنية ببيع القطع الأثرية فى محاولة جادة لاستعادتها، الأمر الذى يساهم فى الحفاظ على مقتنياتنا الأثرية ويمنع العبث بتاريخ هذا البلد العظيم.