علي مدي كل عصور تاريخ البشرية كان الناس يتخذون من مختلف أنواع النباتات علاجاً لشتي الأمراض. فمن منا لم يتناول كأساً من البابونج أو النعناع ليستعين بمفعوله المريح في تخفيف اضطرابات المعدة أو غيرها؟! فحقيقة الأمر ان العديد من النباتات يحتوي علي المواد الفعالة الموجودة في الأدوية التي نتعاطاها.. والأعشاب والحبوب والجذور لها مفعول كبير في شتي أنواع العلاج. والشيء الذي لا ريب فيه انه إذا قيل لأحدنا إن طبيباً عالماً فذاً عبقرياً وصف من التراب علاجاً أو من سموم بعض الحشرات بلسماً. لاستجبنا واستعملنا ذلك العلاج بلا أدني ريب أو تردد بل نعطي الثقة المطلقة في ذلك الدواء لأنه من طبيب مشهور. فما بالنا بخير البرية وطبيب البشرية رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد دلنا علي حبة فيها شفاء من كل داء ألا وهي الحبة السوداء.. أليس هو أولي وأجدر وأحق بالثقة واليقين المطلق. والإشارة إلي الحبة السوداء بهذا الوضوح والدقة لا يكون إلا بوحي من عند الله تعالي مما يؤكد صدق رسالته وانه ليس من عند نفسه. وصدق رب العزة إذ يقول عنه: "وما ينطق عن الهوي" "النجم: 3". أحاديث نبوية عن الحبة السوداء: جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "عليكم بهذه الحبة السوداء فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام" يعني الموت. وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها انها سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام. قالت: وما السام؟ قال صلي الله عليه وسلم: السام هو الموت". وقد تستعمل الحبة السوداء مفردة وربما استعملت مركبة وربما استعملت مسحوقة وغير مسحوقة وربما استعملت أكلاً وشرباً وغير ذلك كما قال ابن حجر وغيره. * ما هي الحبة السوداء؟ لم يستحوذ علي اهتمام الناس في السنين الأخيرة نبات طبي مثلما كانت الحبة السوداء وكان من الناس من اعتقد أن الحبة السوداء شفاء من كل داء ومنهم من أنكر فوائدها كلية. وآخرون أيقنوا أن الحبة السوداء شفاء من بعض الأمراض وانتشرت بين الناس وصفات زيت الحبة السوداء لأنواع كثيرة من الأمراض. واستغل الأمر بعض التجار ممن أخذ يبيع زجاجات زيت الحبة السوداء بأسعار باهظة ويجني الأرباح غير مبالي بما قد يصيب المريض من ضرر. والحبة السوداء عشب نباتي ينمو سنوياً في منطقة البحر الأبيض المتوسط ولكنه يزرع في مناطق عديدة أخري في شمال افريقيا وآسيا والجزيرة العربية. وتنتمي لعائلة الشمر واليانسون وتحتوي ثمرة النبات علي كبسولة بداخلها بذور بيضاء ثلاثية الأبعاد والتي سرعان ما تتحول إلي اللون الأسود عند تعرضها للهواء. وللحبة السوداء أسماء أخري مثل الكراوية السوداء. أو الكمون الأسود. وكذلك يسمونها في الهند بالكالونجي الأسود. وفي بلاد فارس القديمة عرفت باسم شونياز. * أنواع حبة البركة: 1 حبة البركة الشائعة وهي المعروفة بنبات عشبي ولها رائحة عطرية عند فركها بين الأصابع. 2 حبة البركة الشرقية. ولكل واحدة منها صفات ومميزات ليس هذا مجالها ولكن حسبي في هذه السطور أن نصل بقارئنا الكريم إلي بعض الحقائق التي تفيد الإنسان وترشده إلي الاستخدام السليم حيث تم نشر أكثر من 150 بحثاً في الدوريات العلمية عن فوائد استخدام حبة البركة. وسبحان الله! تأتي معظم هذه الأبحاث من أوروبا وأمريكا ضمن الدعوة إلي إحياء طب الأعشاب كطب بديل. ذكر فوائدها كثير من حكماء الطب في الزمن القديم أمثال ابن سينا الذي ذكر في كتابه "القانون في الطب" انها تعالج أمراض الكبد والجهاز الهضمي وتحفز الطاقة وتساعد علي التغلب علي الإرهاق والإجهاد. ولقد وجدت الحبة السوداء في مومياء توت عنخ آمون الفرعوني. ومعروف منذ القدم إضافتها إلي شتي أنواع الطعام. إذ تضاف إلي الخبز والحلبة المطحونة والفطائر. ولذا فقد عكف العلماء منذ زمن طويل علي معرفة كيفية عمل الحبة السوداء في شفاء الأمراض. وللحديث بقية في العدد القادم إن شاء الله تعالي.