* يسأل "ع. ع. ر" من أسيوط: قتلت أحد الأشخاص في قريتي. وأريد أن أقدم نفسي لأهل القتيل ليثأروا مني؟ فهل أفعل ذلك وماذا تنصحني؟ ** يقول الشيخ عبدالعزيز النجار مدير عام شئون مناطق وعظ الأزهر: ليس من الواجب عليك أن تتقدم لأهل المقتول ليقتلوك أخذاً بالثأر ولكن يجب عليك أن تطلب منهم العفو. فإن عفوا وطلبوا الدية فأعطهم الدية. وإن عفوا من غير دية فذلك من فضل الله عليك. والدية مائة جمل ويصفحوا تقدمت إلي الحاكم ليقتص منك. هذا هو حكم الشرع ولكن أين من يطبق الشرع في بلدنا؟. لهذا أنصحك أن تعيش بعيداً عن البلد الذي قتلت فيها نفساً بغير حق.ذ وأن تختار قوماً صالحين تقضي معهم بقية عمرك. وأن تجتهد في الطاعة. وأن ترجو العفو من الله.. ولا تقنط من رحمة الله. فالله عز وجل قادر علي أن يغفر لك ويرضي عنك خصومك يوم القيامة. يقول الله عز وجل في سورة الزمر: "قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم". ويقول في سورة طه: "وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدي". ويقول في سورة فُصلت: "وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون". والآيات في هذا المعني كثيرة. والأحاديث في قبول التوبة أكثر من أن تعد. وأعظم حديث يدخل علي قلبك الطمأنينة والرجاء هو ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً. فسأل عن أعلم أهل الأرض. فدُل علي راهب.. فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً. فهل له من توبة؟ فقال: لا. فقتله فكمل به مائة. ثم سأل عن أعلم أهل الأرض. فدل علي رجل عالم. فقال: انه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم. ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلي أرض كذا وكذا. فإن بهم أناساً يعبدون الله تعالي فاعبد الله معهم. ولا ترجع إلي أرضك فإنها أرض سوء. فانطلق حتي إذا نَصَفَ الطريق أتاه الموت. فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلي الله تعالي. وقالت ملائكة العذاب: انه لم يعمل خيراً قط. فإتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم أي حكماً فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلي أيتهما كان أدني فهو له. فقاسوا فوجدوه أدني إلي الأرض التي أراد. فقبضته ملائكة الرحمة". وفي رواية: "فكان إلي القرية الصالحة أقرب بشبر فجُعل من أهلها".. وفي رواية: "فأوصي الله تعالي إلي هذه أن تباعدي. وإلي هذه أن تقربي. وقال: قيسوا ما بينهما فوجدوه إلي هذه أقرب بشبر فغفر له". وفي رواية: "فنأي بصدره نحوها". وهذا الحديث يعطيك الأمل في قبول توبتك فمهما كان ذنبك عظيماً فعفو الله أعظم. ولكن لا ينبغي علي العبد أن يقدم علي الذنب طمعاً في رحمة الله. ويقول: أفعل الذنب ثم أتوب. فهذا فكر منكوس فمن كان هذا حاله كان كالمستهزيء بربه عز شأنه. نسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق والسداد في القول والعمل.