أجمع المسلمون علي تحريم القتل بغير حق. وأنه من أكبر الكبائر. وأن قتل النفس الواحدة بغير حق في حكم قتل كل الأنفس. كما أن التسبب في إحياء نفس واحدة في حكم إحياء كل الأنفس. لقوله تعالي: "من أجل ذلك كتبنا علي بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً" "المائدة: 32". اختلف الفقهاء وأهل العلم في حكم توبة هذا القاتل العامد فقال ابن عباس وبعض الفقهاء: إن القاتل العامد لا تقبل توبته. لأنه ارتكب أفظع الجرائم. واستدلوا بظاهر قوله تعالي: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً" "النساء: 92". ولا يخلد في النار إلا الكافر الذي مات كافراً بغير توبة. قال ابن عباس: وهذه الآية من آخر ما نزل. فلم ينسخها شيء. وذهب جمهور الفقهاء إلي أن القتل العمد وإن كان من أكبر الكبائر إلا أن له توبة. لعموم قوله تعالي: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" "النساء: 116". وقوله تعالي: "قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه الغفور الرحيم" "الزمر: 53". كما استدل الجمهور علي إمكان توبة القاتل عمداً بما أخرجه البيهقي عن أبي سعيد الخدري. أن النبي صلي الله عليه وسلم أخبر أنه كان في الأمم السابقة رجل قد قتل مائة نفس ثم سأل عن أعلم أهل الأرض. فسأله هل له توبة؟ قال: نعم. ومن يحول بينه وبين التوبة؟ ثم أمره أن يخرج من أرض الظلم إلي قرية أخري صالحة يعبد الله فيها ويستزيد من الطاعات. فخرج الرجل تائباً. فأدركه الموت في الطريق. فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. فبعث الله إليهم ملكاً فقال: قيسوا ما بين القريتين. فإلي أيهما كان أقرب فاجعلوه من أهلها فوجدوه أقرب إلي القرية الصالحة بشبر واحد فجعلوه من أهلها. قالوا: وأما قوله تعالي: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها "النساء: 93" فهو محمول علي من لم يتب حتي مات.