فرضت الأحداث السياسية نفسها علي فعاليات مؤتمر الأزهر لمواجهة التطرف والإرهاب الذي شارك فيه علماء من مختلف قارات العالم أكدوا أن المؤامرة الغربية علي العالمين العربي والإسلامي وراء رعاية الفكر الإرهابي والتكفيري بدليل أن الإرهابيين التكفيريين لم يلقوا حجارة واحدة علي الكيان الصهيوني في حين استحلوا دماء وأموال وأعراض أبناء الديانات السماوية بالمشرق العربي. شهدت جلسات المؤتمر التي ترأسها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر سخونة ابتداء من كلمته التي حذر فيها من جرائم الإرهاب التي أصبحت تهدد الدين الإسلامي بعد أن ارتدي الإرهابيين عباءة الإسلام وأطلقوا علي أوكارهم اسمِ ¢دولة الخِلافة الإسلامية ¢ وسموا جرائم قطع الرؤوس وترويع الآمنين ¢الجهاد¢ وزين لهم الشيطان أعمالهم الضالة فرموا الأمة كلها بالكفر لسوء فهمهم لما يطلق عليه ¢الولاء والبراء¢. وأشار شيخ الأزهر إلي أن هؤلاء قدموا خدمة لأعداء الأمة أكثر مما كانوا يحلمون به حيث قدموا صورة مشوشة مليئة بالدماء والخراب والدمار وهذا ما يسيء أبلغ إساءة للإسلام وقد لعب الإعلام الغربي الذي يسيطر عليه الصهاينة دورا في الترويج لهذا الإسلام المغشوش وتقديمه علي أن الدواعش يفعلون ذلك بناء علي تعاليم الإسلام. وأوضح شيخ الأزهر. أنه رغم أن هناك العديد من الأسباب الداخلية التي أفرزت التطرف والإرهاب إلا أنه لا يمكن أن نتجاهل المؤامرة العالمية التي يقودها الغرب ضد الجيوش والشعوب العربية لتأمين بقاء وقوة إسرائيل بدليل القضاء علي الجيش العراقي بعد أن تم غزو العراق عام 2003 وتسريح أفراد الجيش والشرطة العراقية وتوزيع أسلحتهم علي الفصائل المتناحرة ليصل الوضع إلي حالة الفوضي والاقتتال الداخلي. وتم تكرار نفس السيناريو ولكن بخطط مختلفة تحت ما يسمي ¢الربيع العربي¢ حيث تم إشعال حروب أهلية في ليبيا وسوريا واليمن. وتصدي الجيش المصري لتنفيذ هذا المخطط في مصر. ودعا شيخ الأزهر إلي حل عادل للقضية الفلسطينية والمحافظة علي المقدسات الإسلامية من الانتهاكات الصهيونية اليومية وخاصة المسجد الأقصي. ولهذا فإن الأزهر يعد لمؤتمر عالمي حول نصرة الأقصي وتحريره. قال البابا تاوضروس الثاني بابا الكنيسة المصرية: إن المسيحيين اشتركوا مع أخوتهم المسلمين في صناعة الكثير من الثورات والانتصارات علي مر التاريخ وأن المسيحيين العرب جزء لا يتجزأ من الأمة العربية مضيفا أن الكنيسة المصرية كانت دائما مدافعة عن الوحدة الوطنية. وأضاف تاوضروس: أن الكنائس تعرضت علي أرض مصر للهجوم والحرائق المفتعلة بهدف إشعال الفتنة الطائفية إلا أننا تعاملنا مع الأمر بعقلانية وأكدنا أن ¢وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن¢ ولهذا فنحن نبحث دائما عن أساليب جديدة لنحيا في سلام مع أشقائنا المسلمين. وأوضح تاوضروس. أن المبادئ الأساسية في الحياة المسيحية هي السلام والمحبة والحوار الدائم مع كل البشر الذين تجمعهم الأخوة لإنسانية والصلاة لما فيه خير البلاد والعباد مع البعد عن ألاعيب السياسة ولم نسع في يوم من الأيام الي السلطة زمنية. ديانات الشرق من جانبه دعا مفتي لبنان. الشيخ عبداللطيف الدريان. الأزهر إلي تبني مبادرات للتشاور المستمر بين أتباع ديانات المشرق العربي للتصدي للمؤامرات الداخلية والخارجية التي تهدف إلي خدمة الكيان الصهيوني حيث يتم وصف مقاومة الاحتلال بالإرهاب في حين يتم غض الطرف تماما عن الممارسات الصهيونية ضد البشر والحجر والمقدسات الإسلامية والمسيحية لقوة اللوبي الصهيوني المسيطر علي صناع القرار في الغرب وخاصة الولاياتالمتحدة وزادت هذه العدوانية في ظل الصمت العربي. وقال مفتي لبنان: لابد من المصارحة التي تؤدي المصالحة بين أتباع الديانات الشرقية الذين عليهم أن يؤمنوا أن الاختلاف سنة كونية ويجب عليهم ألا يفترقوا مع اتخاذ العلاقات. الإسلامية- المسيحية. المبنية علي المودة والاحترام نموذجا حيث تصل إلي حد العلاقات الأسرية بين أتباع الديانتين. الغريب أنه رغم هذه الإدانة للكيان الصهيوني إلا أن ممثلي فلسطين في المؤتمر وهما الشيخ محمد حسين مفتي فلسطين والشيخ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصي لم ينطقا بكلمة واحدة سواء في جلسات المؤتمر أو أمام وسائل الإعلام وامتنعا عن أية تصريحات او حوارات إعلامية وكأنه كانت هناك تعليمات مشددة عليهما بذلك. ممارسات داعش وفي جلسات المؤتمر فرضت ممارسات داعش وأخواتها نفسها حيث أدان الحاضرون من مختلف الديانات الممارسات البربرية الداعشية ضد المسلمين سواء من السنة أو الشيعة وكذلك ضد المسيحيين علي اختلاف مذهبهم وطوائفهم وكذلك أتباع الديانات الوضعية الا أن القوي الظلامية التي وفدت علينا بأفكار ضالة وتنفيذ لأجندات مخابراتية خارجية لم يوجهوا كلمة واحدة ضد إسرائيل أو يلقوا عليها حجرا واحدا. وأوضح الدكتور محي الدين عفيفي. الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر. أن الاختلاف بين العقائد سنة إلهية ولهذا علينا أن نعيش في وطن واحد ضمن هذه الأفكار والثقافات المتنوعة والمتعددة وأن نحول هذه التنوع إلي مصدر ثراء وغني لا مصدر تناحر وتقاتل وأن يجتمع الجميع في اطار التعايش السلمي في إطار مفهوم المواطنة التي يتساوي فيها الجميع في الوجبات بلا تمييز. وطالب الدكتور أبو لبابة حسين. الأستاذ بجامعة الإمارات والرئيس السابق لجامعة الزيتونة. بالتحديد الدقيق لمفهوم الإرهاب سواء من خلال علماء الشريعة أو أساتذة القانون الدولي لأن تعريفه الحالي ليست له أية معايير بل انه خاضع لتوجهات ومصالح الدول الكبري التي تلصق كل من يختلف معها بالإرهاب وخاصة إذا كان منتميا إلي العالم الإسلامي في حين يتم تجاهل عتاة الإجرام الصهيوني والأمريكي والأوروبي بل والزعم بأنهم رعاة السلام في العالم. وأشار الدكتور ابو لبابة إلي أن المواجهة الأمنية بقوة السلاح ليست الحل لأن جرائم الإرهاب ناتجة عن فكر معوج لابد من مواجهته بالفكر وتصحيحه بين الشعوب وفي نفس الوقت معالجة الأسباب المؤدية إليه أهمها الأمية الدينية والاستبداد السياسي والفقر وضياع موازين الحق والعدل سواء علي مستوي المجتمع الدولي أو داخل عالمنا العربي والإسلامي نفسه. أدب الاختلاف ودعا الدكتور أحمد المبلغي. رئيس جامعة المذاهب بإيران. إلي ضرورة تدريس أدب الاختلاف في الأديان في المناهج الدراسية حتي تتم تنشئة الأطفال والشباب علي قبول الآخر المختلف معه في الدين والمذهب لأن الجهل بذلك أشعل الفتن والاقتتال ليس بين المختلفين في الدين فقط بل بين أتباع الدين الواحد بل وبين أتباع المذهب الواحد أو الطائفة الواحدة ولهذا فإن الحل الوحيد هو البحث عن أسباب التعايش السلمي لقطع الطريق علي أعداء العرب والمسلمين علي اختلاف دياناتهم ومذهبهم. وأكد المفكر اللبناني الدكتور محمد السماك. أن الشرق لا يكون إلا بمسلميه ومسيحيه معا وقد صدر في اسطنبول منذ أيام بيانا من بابا الفاتيكان قال فيه نصا:¢إننا لا نقبل شرق أوسط بدون مسيحيين¢ وهذا ما نؤمن به نحن المسلمين. واعترف الداعية الإيراني محمد علي أبطحي. رئيس مجمع حوار الأديان. بوجود متطرفين يسيئون للمذهب الشيعي أيضا ولابد من مواجهتهم مثل المتطرفين السنة تماما والإسلام برئ من الفريقين لأنه للأسف ازداد الإرهاب الذي يرتكب باسم الإسلام في الآونة الأخيرة ولهذا لابد من التصدي لهذه الأفكار المتطرفة إنقاذ الذين يقتنعون أنهم بهذه الأعمال التخريبية يقومون بالجهاد وأنهم إذا ماتوا يذهبون إلي الجنة مباشرة. مؤامرة غربية أشار الدكتور نبيل لوقا بباوي. أن المؤامرة الغربية واضحة للجميع في الرغبة الحقيقية في القضاء علي الإسلام أو علي الأقل تشويه والتنفير منه من خلال الممارسات الدموية لبعض من يتنسبون إليه مع الإسلام حجة علي أتباعه وليس العكس كما يفعل الإعلام الغربي الذي ينسب كل ما هو سيئ إلي الإسلام ولا يفعل ذلك مع أي دين آخر سواء كان دينا وضعيا أو سماويا. ووصل الأمر إلي أن القاتل والقتيل المسلم الآن كل منهما يحمل سلاحا مصنوع في الدول الغربية وخاصة الولاياتالمتحدة. وكشف الدكتور محمد الشريف. العميد السابق لكلية الشريعة بالكويت. عن ببحث ميداني ثبت فيه بما لا يدع مجالا للشك أن السبب الرئيسي في التطرف والإرهاب هو جهل المسلمين بدينهم وجهلهم بالآخر ولهذا لابد من توسيع المشتركات بين أتباع الأديان لتعمير الأرض بدلا من تخريبها. وعرض الداعية العراقي الشيخ سيد صالح الحديري والدكتور عبد الله سعيد. رئيس علماء كردستان العراق للمجازر الوحشية التي ترتكبها داعش ضد البشر من مختلف الأديان والعرقيات ووصلت العدوانية إلي حد هدم أضرحة الأنبياء وأولياء الله الصالحين. تفاعل ايجابي تفاعل ضيوف المؤتمر مع الجلسة التي ترأسها الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية والتي تحدث فيها الدكتور عبد الحي عزب رئيس جامعة الأزهر والدكتور إبراهيم الهدهد. نائب رئيس الجامعة. حيث شخصوا باقتدار ظاهرة الإرهاب والتطرف من حيث النشأة التطور وكيفية المواجهة بوسائل فعالة وضرورة تضافر جهود الجميع في المواجهة التي ليست قاصرة علي مجموعة دون اخري. كما كان لتعليق الدكتور عبد المنعم فؤاد عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين مردودا قويا حيث كان عنوانها ¢كفوا أيديكم عن الأزهر¢ دافع خلالها عن وسطية الأزهر وانه سفينة النجاة للأمة. المواجهة الأمنية وتحدث الدكتور فيصل بن معمر. مستشار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والأمين العام لمركز حوار الأديان فأوضح أنه من الضروري معرفة الأسباب التي تؤدي للتطرف وفي مقدمتها إصرار البعض علي المواجهة الأمنية فحسب مؤكدا أن المواجهة الأمنية فقط لن تؤدي بحال من الأحوال لمواجهة الإرهاب وعنف الجماعات التكفيرية وإنما لابد أن يكون هناك حوارا جادا يقوم به العلماء مع الشباب المغرر به بسب أميته الدينية. وأشار فيصل بن معمر إلي أن من أهم الأسباب التي تؤدي للتطرف النظرة الأحادية لأحكام الدين بطريقة تجعل صاحب تلك النظرة الأحادية يظن أن كل من يخالفه هو منحرف يستحق القتل وبالتالي يتحول صاحب النظرة الأحادية إلي إرهابي يمارس العنف وهو ما يحدث اليوم من خلال تلك المنظمات الإرهابية وعلي رأسها تنظيم داعش وغيره من التنظيمات التي ظهرت علي الساحة وأضاف:للأسف العالم ما زال يتعامل معها بمنطق القوة رغم أن هذا المنطق ثبت فشله بالفعل وبالقول لهذا فنحن في حاجة ماسة لاستخدام نظرية الحوار والناصحة عسي أن تساهم في تخليص شبابنا من براثن تلك الجماعات الإرهابية. لسنا أقلية رفض المطران بولس مطر. رئيس أساقفة بيروت للموارنة بلبنان. وصف المسيحيين في الشرق العربي بأنهم أقلية مؤكدا أنهم شركاء للمسلمين ولن يرضوا بمصير غير مصيرهم وهذا ما يؤكده التاريخ والجغرافيا حيث تصدي المسلمون والمسيحيون معا للمتاجرين بالدين عبر التاريخ سواء كانوا يدعون الانتماء إلي الإسلام والمسيحية. وأشار بولس إلي أن التلاحم والاحترام المتبادل بين الإسلام والمسيحية ليس قاصرا علي النصوص الدينية بل إن رسول الإسلام أكرم نصاري نجران وسمح لهم بالصلاة وتعايش معهم سلميا من خلال اتفاقيات سلام وهذا ما يجهله دعاة العنف والتطرف سواء كانوا ممن ينتمون إلي الإسلام أو المسيحية. عرض الشيخ إبراهيم صالح. مفتي نيجيريا. للجرائم الوحشية التي تقوم بها عصابة باكو حرام تحت مسمي تطبيق الشريعة الإسلامية وهم ابعد ما يكونوا عن سماحة الإسلام وقد أدت هذه الأفعال إلي تنفير كثير من الأفارقة من الإسلام بعد أن كان الدين الأكثر انتشارا في أفريقيا حيث استغل أعداء الإسلام هذه الممارسات الدموية لتشويه صورته. الإسلام والتطرف قال الشيخ علي الأمين. من كبار علماء لبنان: إن المسلمين يسعون للعيش بسلام مع جميع شعوب العالم ولا يهدفون للصدام مع المجتمع الانساني. فالدين الإسلامي ليس هو مصدر التطرف. بل إن هذه الظواهر نشأت نتيجة لعدة اسباب أهمها استمرار معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الصهيوني. وهو الذي جعل المناخ ملائما لظهور حالات التطرف والإرهاب. وأضاف: أن الإرهاب يرتكز إلي خلفية ثقافية يستغلها في تعبئة اتباعه وهي ثقافة مشوهة للدين ظهرت افاتها في ازهاق النفوس وقطع الرؤوس وتدمير الاوطان. وتحت زعم هذه الثقافة المشوهة للدين والمدمرة للدنيا زعمت الخلافة الدينية. التي تفتقر ألي اي المعايير العقلية والنقلية. وأكد الأمين. علي أهمية الدور الملقي علي أهل الأمر والعلماء تجاه هذه الأمة لمواجهة هذا الخطر الداهم. وقد ورد في الحديث "اثنان إذا صلحا صلحت امتي. الامراء والعلماء". وهو دلالة ان الاصلاح المطلوب يتطلب ضرورة التعاون ببين السيف والقلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولذلك لابد من التفكير بالدرجة الأولي علي دور ولاة الأمر في هذه المسألة المهمة لكونهم في موقع المسئولية الأولي وبين أيديهم تقع ادوات وامكانات مواجهة الإرهاب. وهذه المواجهة تتطلب تطوير الخطاب الديني لإبعاد الدين عن الاستغلال الخاطئ ضد مصلحة الأمة. وقدم الشيخ الأمين. بعض المقترحات للمساهمة في مواجهة الأفكار المتطرفة. حيث دعا إلي دعم اصحاب الاعتدال الديني في المجتمعات المسلمة. وانشاء المعاهد الدينية التي تعلم الفكر الوسطي المعتدل. وتحديث المناهج الدينية. كما دعا الأمين إلي اعتماد الوسائل الاعلامية لنشر الوسطية والاعتدال في مجتمعاتنا وعلي مستوي العالم أجمع.