ونحن نحتفل بذكري الهجرة النبوية التي كانت نقطة تحول في نشر الدعوة يجب أن نبرز الدور المهم الذي قامت به المرأة العربية المسلمة والشدائد التي احتملتها في سبيل الله. فقد كان للمرأة دور ايجابي وفعال حيث تحملت مثل المسلمين الأوائل كل ضروب الأذي من اجل اعلاء كلمة الله. فما هو دور المرأة في الهجرة ابتداء من التخطيط لها حتي وصول الرسول صلي الله عليه وسلم إلي يثرب.. حول هذا الدور كان اللقاء مع علماء الإسلام. تحقيق الأمل يقول الشيخ علي أبوصالح كبير أئمة الأوقاف بمحافظة القليوبية : الهجرة النبوية الشريفة كانت نقطة تحول في تاريخ الإسلام وفي حياة الرسول صلي الله عليه وسلم فقد تنافس المسلمون رجالا ونساء في هذا السبيل أي تحقيق الأمل بالانتقال من مكة التي كانت حينئذ مكانا غير ملائم لنشر الدعوة الإسلامية. حيث كان الشر والغدر والمكر يحيط بالمسلمين ويهددهم في حياتهم وفي أعز ما يملكون من مال وولد. وقد شاء الله أن تتم الهجرة النبوية بفضل اخلاص الرسول صلي الله عليه وسلم والمسلمين معه رجالا ونساء. وإذا حاولنا ان نتلمس دور المرأة في بداية الهجرة فإننا نجده يتمثل في عدة مواقف أولها في موقف السيدة اسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها جاء إليها جدها أبوقحافة. وكان شيخا كبيرا قد عمي بصره وقال لها: أين أبوك يا عائشة؟ قالت: لقد خرج مع محمد ياجدي. انني أظنه فجعكم بماله كما فجعكم بنفسه "وكان أبوبكر قد أخذ جميع أمواله معه يوم الهجرة" فأجابته عائشة علي الفور: لا لا ياجداه إن المال عندنا كثير. وأخذت يده وكانت قد ملأت صرة كبيرة بالحصي وغطتها. ووضعت يده علي هذا الحصي الذي يشبه المال. فقال نعم نعم إن كان قد ترك لكم ذلك فلا بأس. فياله من موقف كريم من امرأة مسلمة عرفت الله وأخلصت لدينه الحنيف. فاستهانت بالمال وضحت به مبتهجة مسرورة لخروج أبيها مهاجراً مع رسول الله. ولم تعبأ بالمال الكثير الذي أخذه أبوها مادام ينفق في سبيل الله. ذات النطاقين يضيف الشيخ حسين عبدالحكيم حميد امام وخطيب المسجد الكبير بكفر الشوبك ويقول إذا نظرنا إلي اسماء بنت أبي بكر الصديق وراقبناها في تصرفها أيام الهجرة النبوية. فإننا نجدها تمثل الايمان بمعناه الكامل فهي تخاطر بنفسها كل يوم. وتحصب الطعام والماء متسللة في ظلام الكتمان والخفاء حتي تصل إلي غار ثور. والمسافة بين مكة وجبل ثور تبلغ ثلاث ساعات سيرا علي الأقدام. والطريق إلي هذا الجبل محاط بالمتالعب المضنية. فهو مملوء بالرمال التي تغوص فيها الاقدام. والتي يرهق السائر فيها إذا سار نصف ساعة فضلا عن هذه المسافة الكبيرة. والصعود إلي الغار في قمة جبل ثور أمر بالغ المشقة والخطورة. ولا يستطيع الوصول إليه إلا أولو العزم والقوة ناهيك عن أن أسماء كانت في شهرها التاسع من الحمل ومع ذلك كانت أسماء رضي الله عنها تقطع هذه المسافة كل يوم ذهاباً ومجيئا ومعها ما يحتاج إليه الرسول وأبوبكر من الطعام والماء والأخبار. فبالفعل كانت أسماء وزيرة التموين ومديرة للمخابرات للرسول صلي الله عليه وسلم أيام الهجرة. حتي مضت الأيام الثلاثة التي مكثها الرسول وصاحبه في الغار "غار ثور" فلما جاء وقت الرحيل من الغار. وأراد الرسول أن يربط بعض أمتعته ولم يجد رباطاً شقت أسماء نطاقها وربطت متاع الرسول علي الجمل وأبقت لنفسها الشق الآخر ولذا سميت ذات النطاقين. استقبال رائع أما الشيخ واعي حمزة مفتش المساجد بوزارة الأوقاف يقول: يمضي رسول الله صلي الله عليه وسلم في طريق الهجرة تحفه عناية الله ورعايته وتحيط به الآيات والمعجزات التي سجلتها كتب التاريخ حتي يصل إلي يثرب في موكب النور. ويستقبل الرجال والنساء والأطفال. وتهلل الفتيات المسلمات فرحاً باستقباله حينما استقر في دار أبي أيوب الأنصاري وينشدون أمامه هذا النشيد الجميل: نحن جوار من بني النجار ياحبذا محمد من جار فيقول الرسول لهن وهو يبتسم: أتحببنني؟ فيقلن: نعم. فيقول الرسول: إن قلبي يحبكن. وهكذا نري للمرأة دور في كل مناسبة إسلامية ويصبح من واجب المرأة المسلمة ان تقتدي في عمل الخيز بأخواتها المسلمات اللاتي سبقتها في خدمة الإسلام حتي تحقق الأمل المرجو في خدمة المجتمع الإسلامي. تحمل الشدائد يؤكد الشيخ أيمن كامل امام وخطيب بأوقاف العبور ان المرأة شاركت في اقامة الأمة الإسلامية من أول يوم دعا فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم الناس إلي الايمان بالله وترك عبادة الأصنام. وكثير من النساء تحملن في أول الدعوة المحن والشدائد من مشركي قريش وبخاصة الإماء منهن. ونذكر في هذا المقام أم عمار بن ياسر التي كانت تجلد في الصحراء بمكة مع زوجها وابنها عمار. حتي ماتت بطعنة رمح من الذي كان يعذبها. وفي هذا المقام يكون في مقدمة النساء اللاتي جاهدن في سبيل الله السيدة خديجة رضي الله عنها زوج النبي صلي الله عليه وسلم التي كانت إلي جانبه في كل أمر من أمور دعوته. داعية الإسلام يضيف الشيخ أيمن كامل: كان لأسماء بنت عميس زوجة جعفر بن أبي طالب دورها الناصع في حركة الهجرة. فإنها من المسلمات اللائي هاجرن مع أزواجهن إلي الحبشة. وكانت كذلك أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج عبد الله بن جحش وكان لها بين السيدتين اختلاط ببعض النساء في بلاد الحبشة. فاستطاعتا غرس الإسلام لدي كثيرات من سيدات افريقيا وبذلك كانت هذه وأم حبيبة دعامتين مهمتين في نشر الإسلام لدي بعض السيدات في هذه المنطقة. ومن المعروف ان المرأة إذا أسلمت ربت أولادها علي الإسلام. ولهذا نذكر بالتقدير والاعجاب دور اسماء بنت عميس وأم حبيبة في نشر الإسلام بمنطقة الحبشة. ومن المعروف ان عبد الله بن جحش تنصر وهو بالحبسة ففارقته زوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان التي تزوجها الرسول صلي الله عليه وسلم بعد ذلك.. وكانت هذه الفترة فترة تفرغ لأم حبيبة لتقوم بدور طيب في الدعوة للإسلام ونشره.