رغم الأهمية الكبري للإعلام في صناعة الرأي العام وتوجيهاً لمصلحة البلاد والعباد.. إلا أن هناك مجموعة الفضائيات التي تغرد خارج السرب من خلال أجندات الاثارة ونشر الشائعات لخدمة أغراض معينة لأشخاص أو هيئات ومؤسسات داخلية وخارجية مما يجعله ليس خطراً علي الأمن والسلام الاجتماعي فحسب بل انه أصبح خطراً علي الأمن القومي لأنه يقلب الحقائق ويزور الوقائع.. من هنا تأتي الأهمية لهذا التحقيق الذي نحاول ان نضع فيه النقاط علي الحروف من خلال آراء الخبراء. * في البداية يري الدكتور محمد عبدالعظيم الاستاذ بكلية الإعلام بجامعة الأزهر أن هؤلاء القلة الذين يظهرون علي شاشات الفضائيات ويتنقلون من قناة لأخري ما هم إلا مجموعة من المرتزقة هدفهم الاساسي جمع الأموال وقد حققوا ذلك كما انه لا هم لهم سوي تهييج الرأي العام وتجنيد الناس في المظاهرات لافشال الثورة وإعادة مصر لما كانت عليه قبلها. وأضاف: ان كان هؤلاء المنتفعون يحبون مصر لوضعوا أيديهم علي مشاكلها الحقيقية وعملوا جاهدين لحلها كما يفعل من يتواري عن الأضواء راغباً في اصلاح هذا البلد ونهضته. وعاب علي بعض من يرتدون عباءة الدين ويتحدثون باسمه تطاولهم علي بعضهم البعض والنيل من الآخر وكيل الاتهامات له دون وجه حق وتشويه صورته وفي ذلك اساءة للدين الذي يتخفي وراء عباءته ولكل علماء الأمة الشرفاء لا يحتقرون جهود الآخرين لأن أكبر خطأ يرتكبه عالم الدين ان يهاجم عالماً آخر علي المنبر. وأعرب عن استيائه الشديد من تطرق بعض المنتمين للتيارات الإسلامية وبذاءات ألسنتهم في الخطاب الإعلامي ووجود الكثير من علامات الاستفهام حولهم ابتداء من طريقتهم في الحوار واختيار الضيوف ومناقشة الأمور وترك المشاكل الجسام التي تعتبر المعاناة الحقيقية للقاعدة العريضة من الشعب المصري مطالبا الحكومة والرئيس بالحسم وتشديد العقوبة علي كل من يعمل علي اشاعة الفتن وإثارة الرأي العام. واشار إلي وجود الكثير من أبناء هذا الوطن المخلصين المنتمين للتيارات والجماعات المختلفة وغير المنتمين لأي جماعات الذين يعملون ليل نهار في قري ونجوع مصر المختلفة من أجل تنميتها وان يحيا ساكنوها حياة آدمية كريمة لكن لا أحد يشعر بهم ولا يشير إليهم أو يشد علي أيديهم ويدعمهم.. فهؤلاء هم المخلصون حقا الذين يحبون هذا الوطن لا أولئك المتنطعين علي الفضائيات. مرحلة الفتن * أكد الدكتور فتحي عثمان وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر ان القرآن الكريم مليء بالآيات التي قرن فيها الله عز وجل الإيمان بالعمل فالمؤمن الحق هو الذي يعمل بجد واجتهاد ويخلص في عمله تقرباً إلي الله عز وجل لكن ما يحدث اليوم عكس ذلك تماماً ولا علاقة له بالإيمان والتدين من قريب أو بعيد وهو مرحلة الفتن التي حذر منها النبي صلي الله عليه وسلم وهي المرحلة التي أخبرنا بها رسول الله صلي الله عليه وسلم فنحن في حيرة شديدة من أمرنا نسمع كلاماً من أناس يدعون التدين والالتزام بما جاء في كتاب الله وسنة نبيه ولا نجد ترجمة فعلية لهذا الكلام بل نجد تناقضاً كبيرا بين القول والفعل.. فأنا اتعجب من استاذ جامعي يفضل الظهور ثلاث ساعات متواصلة علي إحدي المحطات التليفزيونية يردد كلاماً ما أنزل الله به من سلطان تاركاً مهنته الأساسية وهي تعليم الأجيال مما تعلم فهذا الأستاذ لو التزم مع ابنائه واعطاهم المحاضرات لكان انفع له ولهم وللمجتمع فإذا ادي كل إنسان عمله كما ينبغي ما وصلنا لهذه الحالة من التردي والانهيار. واستطرد: نحن للأسف الشديد بعيدون كل البعد عن مباديء وأسس ديننا الحنيف وهذا ما اوصلنا لهذه المرحلة التي نحن بصددها في حين ان الغرب الذي لا دين له أخذ عنا مباديء الدين وتقدم ونهض. واضاف: من يظهرون علي شاشات الفضائيات يروجون لأنفسهم داعين الناس للفضيلة لا خير فيهم ولا مصداقية لهم فالناس تعاني مشكلات لا حصر لها ونريد من يأخذ بأيديها ويساعدها لا تريد واعظاً ولا داعية لأن هؤلاء موجودون بالمساجد ناهيك عن أن هؤلاء لا يلتزمون بآداب الحوار كما يدعون كذباً لذلك لا خير فيهم ولا فائدة من ورائهم فيما يجب نحو هذا الوطن ويدعي الالتزام بكتاب الله وسنة نبيه. عليه العمل بجد لانتقاذ مصر مما هي فيه. إعلام متآمر يشير الدكتور أحمد حسين وكيل كلية الدعوة الإسلامية إلي ان الإعلام ليس محايداً ولا بريئاً من وجهة نظري ويؤيدني في ذلك الكثيرون. بل هو متآمر ولا يملك إلا النقد اللاذع والهدام وليس أمامه سوي اثبات العجز والفشل لمن تصدي للحكم للنيل منه وافشال وتحريض الناس ضده كما انه لا يتناول من قريب أو بعيد جهود الجمعيات الإسلامية في صعيد مصر وما تقوم به من جهود حقيقية في نهضة الصعيد وتوفير حياة كريمة لأهله. وقال: لا يكتفي الاعلام بذلك انما نجده يتسابق في إظهار السلبيات وإلصاق التهم بكل ما هو إسلامي من أجل النيل منه وتحريض الناس ضدهم وتلميع الطرف الآخر وتحسين صورته وهذا تحيز وتعصب غير محمود وغير معني وغير أخلاقي. أضاف: الأصوات المنادية بالاصلاح كثيرة لكنها لا تعمل في ظل هذا الجو من التوتر وتزييف الحقائق لأن الذين ينتمون للتيارات والجماعات الإسلامية لا يعدون علي اصابع اليد مقارنة بالجيوش الغفيرة التي تعمل ليل نهار في صمت لخدمة هذا الوطن دون ان يتطرق إليهم أحد كما انهم لا يحبون الاعلان عن أنفسهم كما يفعل الطرف الآخر لأنهم يحبون هذا الوطن حقا.. لذا لا داعي لإلقاء التهم جزافاً واتهام أناس أبرياء بأشياء ليست بهم. وطالب الدكتور أحمد حسين الإعلام بالعدل في عرض الانجازات وابراز جهود الإسلاميين في اصلاح المجتمع اخذاً علي أيدي الإسلاميين ألا يملوا ولا ييأسوا ويظلون علي عهدهم في خدمة مصر وأهلها إلي ان يقضي الله أمراً كان مفعولا. جهود محمودة أكد الدكتور يوسف إبراهيم مدير مركز صالح كامل بجامعة الأزهر علي ان للجمعيات الإسلامية جهود محمودة في نهضة مصر خاصة بمحافظات الوجه القبلي لكن الاعلام غير منصف يتعمد اخفاء هذه الجهود وعدم الاشارة إليها وهؤلاء ايضا لا يسعون للترويج لأنفسهم لأنهم يعملون من منطلق ديني ووطني. فعلي سبيل المثال لا الحصر "الجمعية الشرعية" لها دور قومي رائع منذ عشرات السنين ولا ينكره إلا جاحد كذلك "جمعية مصر الخير" تقوم بدور تنموي كبير.. هذا بجانب الجهود الفردية التي يقوم بها رجال أعمال محبون لهذا الوطن ومخلصين له.. لكن كون الفضائيات لا تشير لهذه الجهود فهذا لا ينتقص من شأنهم إنما يزيدهم مصداقية.. فالذين يعملون حقا في خدمة المجتمع ويسعون لتغيير وجهة للأفضل يعزفون عن الظهور علي شاشات الفضائيات لأن التواجد علي الفضائيات أصبح مصدماً ومحبطاً للجميع ولا فائدة من ورائه. وأضاف: هناك مشروعات كبيرة وفي حاجة لسواعد أبناء مصر المخلصين كمشروع محو الأمية الذي يستنزف ميزانية ضخمة ولم يحقق الهدف منه. فنحن بامكاننا محو أمية من لا يعرف القراءة والكتابة في كل مصر في سنة واحدة إذا توافرت الارادة وبلا مقابل لكن لا أحد يعمل سوي القليل حتي من يعمل لا نكتف بكيل الاتهامات له لاحباطه وافشاله. دور محوري * وأوضحت الدكتورة نادية رضوان استاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس ان الجمعيات الأهلية تقوم بدور كبير ومحوري في خدمة المجتمع هو في حقيقته ليس دورها انما دور الحكومة والدولة فالمفترض ان دور جمعيات المجتمع المدني دور تكميلي وترفيهي فلا يصدق اننا في القرن الواحد والعشرين وهناك قري محرومة من الصرف الصحي ومن المياه ناهيك عن أكوام القمامة التي تسد الشوارع واصابتهم بالأمراض الخطيرة. وأضافت: لقد فقدت الثقة في كل إنسان يتحدث باسم الدين ولا يعمل شيئاً مفيداً لهذا البلد فهؤلاء الذين يطالعوننا علي شاشات الفضائيات لا يملكون شيئاً حقيقياً يقدموه لهذا البلد للتضحية بكل ما هو غال وثمين لأجل تحقيق هدفهم. التنمية الشاملة * ووافقتها الرأي الدكتورة سامية الجندي العميد الاسبق بكلية الدراسات الإنسانية واستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر قائلة: العمل يعد من أهم مباديء الشريعة الإسلامية ولا خير في إنسان يدعو الناس للتحلي بمكارم الأخلاق ولا يطبق ذلك ولا هم له سوي بلبلة رأي الناس واضاعة وقتها هباء.. نحن لا نعترض علي ان يدلي كل إنسان برأيه ويعبر عما يدور بخالده لكننا نرفض بشدة تقليب الرأي العام وإثارة البلبلة بين الناس فالأجدي لهؤلاء ان يعملوا وينتجوا وينتشلوا مصر مما هي فيه في ظل ما نعانية من تدهور اقتصادي وافتقادنا لمقومات النجاح الأساسية. واضافت: هناك جهود مبذولة من جانب بعض الجمعيات في تنمية قري مصر وهذه الانجازات يقوم بها المنتمون للتيارات الإسلامية والتيارات المدنية علي السواء لكنها ليست كبيرة كما يدعي البعض فنحن نحتاج لمضاعفة المجهود وتنمية شاملة لتغيير وجه مصر.