ما من نبي أو رسول سار في طريق الدعوة وتبليغها الا وأوذي في سبيل الله لذلك امر الله الأنبياء والمرسلين بالهجرة. فكما هاجر الأنبياء من قبل هاجر رسول الله صل الله عليه وسلم الذي قال الله تعالي له "فاصبر كما صبر أولي العزم من الرسل" 35 الاحقاف . فكانت الهجرة قدرا من اقدار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ہ فإذا إتجهنا الي آدم عليه السلام نجد ان الله قد اخرج آدم من الجنة ليبداء رحلة الجهاد الاكبر ضد الشيطان مسلما بالوحي الكريم الذي عبر عنه القران الكريم بقوله "قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدي فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي" 123 طه. ولو بقي آدم في الجنة لما كانت هناك حاجة الي الانبياء او الشياطين . لذلك هبط الي الارض وهاجر من مكان الي مكان. ولما امتلات الارض فسادا ووصل نوح عليه السلام بعد اطول رحلة في تاريخ الدعوة "الف عام الا خمسين" وصل نوح الي مرحلة اليأس الذي توضحه الاية القرانية في قوله تعالي "أنه لن يؤمن من قومك الا من قدءا من فلا تبتئس بما كانوا يفعلون" 36 هود . أمره الله ان يصنع الفلك وان يهاجر من مكان الي مكان لا يعرفه . واغرق الله الارض ومن عليها وبداء نوح رحلة دعوة جديدة علي ارض جديدة . واذا اتجهنا الي سيدنا إبراهيم كانت الهجرة قدرا ثابتا في حياة الخليل لدرجة انه نسب الي العبرانية من كثرة عبوره الي الاماكن بحثا عن الامن في الحياة والمناخ المهيأ لاستقرار الايمان واستمراره. أما ابنه اسماعيل عليه السلام فكانت هجرته من اعجب الهجرات في التاريخ . فقد هاجر وهو صبي في المهد وقد ألقاه ابوه وامه في ارض جرداء لا ذرع فيها ولا ماء تنفيذا لأمر الله . والي هذه الهجرة يعود قيام اعظم مدينة مقدسة في التاريخ وهي مكةالمكرمة . واصبح هذا الطفل المهاجر ابا للعرب الساميين بينما اصبح اخوه اسحاق ابا للساميين الاخرين ابناء عمومتهم. ثم ياتي لوط ويهاجر هجرة مصاحبة لهجرة عمه إبراهيم يأمران بالمعروف وينهيان عن المنكر حيثما حلا او ارتحلا. ثم اتي يوسف عليه السلام ويهاجر هجرة عجيبة . فقد بدأت بمؤامرة ثم بمحاولة قتل غير مباشرة حين القاه إخوته في الجب . ثم تبع ذلك استرقاق وعبودية وسجن واتهام بالباطل حتي مكنه الله في الارض وهو يقول "ان ربي لطيف لما يشاء" 100 يوسف. بل بعد ان نجاه الله من الذل الي العز ومن الفقر الي الغني وجعله عزيز مصر قال "إنه من يتق ويصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين" 40 يوسف. ثم تاتي رحلة موسي عليه السلام الي ارض مدين ثم هجرته لبني اسرائيل من مصر فتكون معلما اضافيا من معالم تاريخ الانبياء. ثم تاتي هجرة رسول الله صل الله عليه وسلم وقد انتهت بإقامة دولة وإقامة حضارة إنطلق منها الاسلام الي آفاق الارض . - وقد تجلت العناية الالهية في مواقف حاسمة في هجرة المصطفي ... - تجلت حين خرج الرسول من داره وفتيان قريش يلتفون حول الباب فضرب الله عليهم النوم وخرج الرسول بعد ان وضع علي رؤسهم التراب وهو يقراء "وجعلنا من بين ايديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون" 9 يس . - وتجلت حين كان النبي وابو بكر في الغار وجاء المشركون وقال ابوبكر يا رسول الله لو نظر احدهم تحت قدميه لرأنا . فقال له النبي "ما با لك بأثنين الله ثالثهما" ويسر الله لهما وسائل الامان من عنكبوت . وحمام . وأغصان . وأشجار .. - وتجلت عناية الله حين حمي الله الرسول وصاحبه من سراقة بن مالك الذي لحق بهم علي امل الفوز بجائزة قريش فأعجزه الله عن الوصول اليهما وهو علي بعد خطوات منهما يحدثهم ويحدثونه .. - وتجلت عناية الله حين تحول سراقة الذي رأي بعينه حماية الله لهما ويحرس مسيرتهم.. وإذا العناية لاحظتك عيونها ... نم فالمخاوف كلهن أمان.