علي أعتاب الفجر. حدق في السماء جيدا حتي يبين وقت الشروق. واجمع خيوط الشمس في كفك. فقد آن الأوان لأن تنحت من صخور أيامك وحصي أحزانك تمثالا للسعادة. وتصمده علي جسر جديد. لطريق ومسار جديد. تمشي عليه علي استحياء من ماضيك المبعثر. فقد حان الوقت لتنزع روحك من ضجيج الألم. وتزرع حفنة تفاؤل في طينة قلبك. واسقها بماء الحياة. لكي لا يذبلها شيطان الأسي والفشل. فلتنهض يا سيدي ولتوشم سواعدك وجبينك بمنظار الحياة. وارفع ببصرك وبصيرتك عاليا عاليا. حتي لا تذوب في بحر الأمنيات. واشعل فتيل النهايات لأوجاعك. لتستطيع أن تعيد ترتيب تلك الفوضي التي أحدثتها صراعاتك الحمقاء قديما. امض في طريق الحياة بابتسامة الرضا والحمد. واحمل بسلالة العطاء ما يشبه جوع الرعاة في صحراء الحرمان. وأوقد سراجا أبيضا وسط غابة من نخيل موحشة. وقل لنفسك كن لتكون. أنت الغير. فقد تشابهت الأفواه واحتدت الأذواق برغبتها بمن يتميز عن العامة. أن تكون فقط هي الغاية. ولتكمل مسيرتك ولا تلتفت لتفاصيل ذكريات أكل عليها الدهر وشرب وما زلت أنت تتوسدها. وكن أنت الحاضر والمستقبل. واترك الماضي تائها في دهاليز وغياهب النسيان. لذلك فقط مارس العمل واخلق لذاتك تاريخا تستعد به لتلذذ ما سيأتي من أيام. ما ذكرته آنفا عبارات صيغت من زخرفة الكلمات. وبذخ اللغة. إلا أنها صالحة لجميع الحالات الإنسانية. للمكلوم من حمي أو مرض ملازم أو الثكلي واليتامي وما رسّبته الحروب من حطام بشري أفقده كل ما يملكه من الأولاد والأموال وحتي الشخصية "لما سببته الحروب من أمراض نفسية" وصراعات داخلية. إن سقطت علي رأسك مغشيا عليك من صدمة الحياة فلن ينقذك أحد. لا دولة ولا مقرّبين ولا مغتربين. فأنت لنفسك ونفسك لك. الروائية - حنين محمد ياسين.