نواصل حديثنا عن المتناقضات في الإنجيل. فنقول وبالله التوفيق: الآلام وعيد الفصح. من الروايات المتضاربة أو المتناقضة. الأحداث الأخيرة التي طبعت حياة المسيح والتي تلت آلامه. ويلاحظ الأب "روجي" نفسه. أن عيد الفصح معين بشكل مختلف زمنيا بالنسبة إلي عشاء المسيح الأخير مع الحواريين في الأناجيل الثلاثة المتوافقة. وفي الإنجيل الرابع. فيوحنا يقول بوقوع هذا العشاء "قبل عيد الفصح". أما الأناجيل الأخري فتقول إنه حدث في أثناء عيد الفصح نفسه. ويؤدي هذا التضارب فضلا عن ذلك إلي أمور واضحة في عدم معقوليتها. إذ يستحيل تصور هذا الحدث أو ذاك بسبب موقع عيد الفصح الذي تحدد بهذا الشكل وبالنسبة إلي هذا الحدث. وعندما ندرك أهمية عيد الفصح في الطقوس اليهودية والأهمية التي اكتسبها هذا العشاء الذي ودع فيه المسيح حوارييه. فكيف يمكن تصور أن التراث الذي نقله المنصرون فيما بعد قد نسي زمن هذا العشاء بالنسبة إلي عيد الفصح؟ وبشكل أكثر عمومية. تختلف روايات الآلام بحسب الأناجيل. وهي تختلف بشكل خاص بين الأناجيل الثلاثة الأولي وبين إنجيل يوحنا. فالعشاء الأخير للمسيح والآلام يحتلان في إنجيل يوحنا مساحة كبيرة. تبلغ ضعف المساحة عند كل من مرقس ولوقا. ويزيد نص يوحنا بمقدار مرة ونصف المرة علي نص متي. ويسرد يوحنا خطبة طويلة للمسيح نحو تلامذته. ويحتل سرد هذه الخطبة أربعة إصحاحات "من 14إلي 17" في إنجيله. وعبر هذا الحديث الأعظم. يعطي المسيح آخر إرشاداته لتلامذته الذين سيتركهم كما يسلمهم وصيته الروحية. وليس هناك أي آثر من هذا في الأناجيل الأخري. وعلي العكس. يسرد متي ولوقا ومرقس صلاة المسيح في ضيعة يقال لها جسيتماني. ولا يشير يوحنا إليها. وأهم ما يلفت قارئ الآلام في إنجيل يوحنا. هو أنه لا يشير أية إشارة إلي تأسيس القربان المقدس في أثناء عشاء المسيح الأخير مع الحواريين. وليس هناك مسيحي لا يعرف إيقونة العشاء الأخير. حيث يجلس المسيح بين حوارييه للمرة الأخيرة. لقد صور أعظم المصورين هذا الاجتماع وفيه يجلس يوحنا إلي جانب المسيح. يوحنا.. هذا الذي اعتدنا اعتباره مؤلف الإنجيل الذي يحمل اسمه. ومهما كان في ذلك دهشة للكثيرين. فإن غالبية المتخصصين لا يعتبرون أن يوحنا الحواري هو مؤلف الإنجيل الرابع. وهذا الأخير لا يشير إلي تأسيس القربان المقدس. هذا علي حين أن تقديس الخبز والخمر اللذين يصبحان جسد المسيح ودمه. هو الفعل الطقسي الكنسي الجوهري للمسيحية. إن الأناجيل الثلاثة الأخري تتحدث عن هذا الفعل. وإن كان ذلك بألفاظ مختلفة.. أما يوحنا فهو لا يقول عنه كلمة واحدة. روايات الأناجيل الأربعة تحتوي فقط علي نقطتين مشتركتين: التنبؤ بإنكار بطرس وخيانة أحد الحواريين "ولا يشار إلي يهوذا الأسخربوطي باسمه إلا في إنجيلي متي ويوحنا" إن إنجيل يوحنا وحده هو الذي يسرد غسل المسيح لأقدام تلامذته في بداية العشاء.