* يسأل محمد محمود: يقع من الإنسان بعض الهفوات فمن هو المؤمن؟ من هو التقي؟ ** وعد الله سبحانه وتعالي الجنة للمتقين ولم يعدها الفجار. الله تبارك وتعالي يقول "ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين. جنات عدن" "النحل: 30 31" هي دار المتقين ويقول "وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين" "آل عمران: 133". هؤلاء المتقون من هم؟ المتقون وصفوا بصفات. هذه الصفات نجدها في كتاب الله. فالله سبحانه وتعالي يبين أن التقوي قبل كل شيء عقيدة في النفس تسيطر علي هذه النفس وتهيمن عليها. وتتغلغل في أعماق مشاعرها. ثم بجانب ذلك انعكاس لهذه العقيدة في تصرفات الإنسان وأعماله حتي تكون هذه التصرفات والأعمال متجاوبة مع هذه العقيدة فنحن نري أن الله تبارك وتعالي يقول "هدي للمتقين. الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون" "البقرة: 2 4". ويقول سبحانه عندما ذكر البر "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتي المال علي حبه ذوي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وأتي الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون" "البقرة: 177" أي الذين جمعوا بين هذه الصفات جميعاً هم الذين صدقوا وهم المتقون. كذلك يقول الله سبحانه وتعالي "قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين أتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد. الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار. الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار" "آل عمران: 15 17". ثم نجد أن الله تعالي أيضاً يقول "أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين. والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون" "آل عمران: 133 135" فهم وإن وقعوا في معصية يتراجعون ويتوبون إلي الله ويندمون علي تلك المعصية. كذلك يقول الله تبارك وتعالي "إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون" "الأعراف: 201". فهؤلاء سرعان ما يذكرون ويعودون إلي الله وينقلبون عن المعصية إلي الطاعة تاركين تلك الهفوات التي وقعوا فيها. فشأن المتقي أن يكون حريصاً علي أن يتراجع لا يسترسل في هواه. لو وقع في معصية هو سرعان ما يتوب إلي الله. لا يستلز تلك المعصية ويستمرئها ويستمر عليها إنما يتراجع عنها ويري أن سعادته في تركها. أما الذي يستمرئ المعصية ولا يبالي بها فذلك هو المصر علي معصية الله سبحانه وتعالي. هؤلاء المصرون هم أبعد ما يكونون عن رحاب المتقين: فوقوع المعصية من شأن الإنسان. وليس ذلك بغريب علي الإنسان. لأن الإنسان جبل علي النسيان وجبل علي الضعف. هو ضعيف. وتيارات كثيرة تؤثر عليه ولكن الله من فضله فتح له باب التوبة. وهذه التوبة إنما تكون بتراجع هذا الإنسان وندمه علي ما فرط. ولا يعني ذلك أن يستمرئ تلك المعصية ويستمر عليها فإن هذا مما يتنافي كل التنافي مع ما يتصف به المتقون. بل ذلك مما يتنافي مع الإيمان الذي هو ركيزة التقوي وهو ركيزة النجاة فإن الله تبارك وتعالي قال في المؤمنين "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلي ربهم يتوكلون" "الأنفال: 2". فهؤلاء هم المؤمنون الذين توجل قلوبهم من هيبة الله سبحانه وتعالي ومن خشيته فلا يمكن أن يستمروا علي معصية الله.