* يسأل محمود شعبان من البحيرة: هل يصوم مريض القلب؟ ** أجاب الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر الاسبق: صوم شهر رمضام من أركان الإسلام. قال الله تعالي في سورة البقرة: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون. أياماً معدودات فمن كان منكم مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر.." الآيات رقم "83. 1984". وللمريض في صوم شهر رمضان حالتان الأولي: أنه يحرم عليه الصوم ويجب عليه الفطر إذا كان لا يطيق الصوم بحال أو غلب علي ظنه الهلاك أو الضرر الشديد بسبب الصوم. والحالة الأخري: أنه يستطيع الصوم لكن بضرر ومشقة شديدة. فإنه يجوز للمريض في هذه الحالة الفطر وهو مخير في هذا وفقا لأقوال فقهاء الحنفية والشافعية والمالكية وفي فقه أحمد بن حنبل أنه يسن له الفطر ويكره له الصوم. هذا إذا كان المسلم مريضا فعلا. أما إذا كان طبيعيا وظن حصول مرض شديد له فقد قال فقهاء المالكية إن الشخص الطبيعي إذا ظن أن يلحقه من صوم شهر رمضان أذي شديد أو هلاك نفسه وجب عليه الفطر كالمريض. وقال فقهاء الحنابلة إنه يسن له الفطر كالمريض فعلا ويكره له الصوم وقال فقهاء الحنفية إذا غلب علي المسلم أن الصوم يمرضه يباح له الفطر أما فقهاء الشافعية فقد قالوا إذا كان الإنسان طبيعيا صحيح الجسم وظن بالصوم حصول المرض فلا يجوز له الفطر ما لم يشرع في الصوم فعلا ويتيقن من وقوع الضرر منه. من هذا يتضح ان المريض مرخص له في الافطار في رمضان بالمعايير السابق بيانها. وكذلك الشخص الطبيعي إذا خاف لحوق مرض به بالصيام بالتفصيل المنوه عنه في أقوال الفقهاء المذهب ولكن ما هو المرض الذي يوجب الفطر أو يبيحه؟. لا جدال في أن نص القرآن الكريم الذي رخص للمريض بالإفطار في شهر رمضان جاء عاما لوصف المريض ولذلك اختلفت أقوال العلماء في تحديده.. فقال الكثيرون إذا كان مرضا مؤلما مؤذيا أو يخاف الصائم زيادته أو يتأخر الشفاء منه بسبب الصوم ولاشك أنه لا يدخل في المرض المبيح للفطر المرض اليسير الذي لا يكلفه مشقة في الصيام. ولذلك قال فريق من الفقاء إنه لا يفطر بالمرض إلا من دعته ضرورة المرض إلي الفطر ومتي احتمل الضرروة معه دون ضرر أو أذي لم يفطر. ومن هذا يمكن أن نقول إن معيار المرض الموجب أو المبيح للفطر بالتفصيل السابق معيار شخصي. أي أن المريض هو الذي يقدر مدي حاجته إلي الفطر وجوبا أو جوازاً. وله بل وعليه أن يأخذ برأي طبيب مسلم متدين يتبع نصحه في لزوم الفطر أو أن الصيام لا يضره.. ومن هنا نعلم أن مريض القلب أو أي مرض آخر عليه أن يستنير برأي الطبيب فيما إذا كان الصوم يضره أو يستطيعه دون ضرر. وليعلم المسلم أن الله الذي فرض الصوم قد رخص له في الفطر عند المرض.. وإذا أفطر المريض وكان يرجي له الشفاء قضي أيام فطره. وإن كان مرضه مزمناً لا أمل في البرء منه أطعم عن كل يوم مسكينا. ومن الاعذار المبيحة للفطر بالنسبة للنساء الحمل والإرضاع.. ففي فقه المذهب الحنفي أنه إذا خافت الحامل أو المرضع الضرر من الصيام جاز لهما الفطر سواء كان الخوف علي نفس المرضع والحامل وعلي الولد والحمل جميعا. أو كان الخوف علي نفس كل منهم فقط. ويجب علي الحامل والمرضع القضاء عند القدرة بدون فدية وبغير تتابع الصوم في القضاء. ولا فرق في المرضع من أن تكون أما أو مستأجرة للإرضاع. وكذلك لا فرق بين أن تتعين للإرضاع أو لا. لأن الأم واجب عليها الإرضاع ديانة والمستأجرة واجب عليها الإرضاع بحكم العقد. وفي الفقه المالكي أن الحامل والمرضع سواء كانت هذه الأخيرة أما أو مستأجرة إذا خافتا بالصوم مرضا أو زيادته سواء كان الخوف علي نفس كل منهما أو علي الولد أو الحمل يجوز لهما الإفطار وعليهما القضاء. ولا فدية علي الحامل بخلاف المرضع فعليها الفدية. أما إذا خافتا الهلاك أو وقوع ضرر شديد لأنفسهما أو الولد فيجب عليهما الفطر. وإنما يباح الفطر للمرضع إذا تعينت للإرضاع. وقد أجاز فقهاء الحنابلة للحامل والمرضع الفطر إذا خافتا الضرر علي أنفسهما والولد والحمل جميعا أو خافتا علي أنفسهما فقط. وعليهما القضاء فقط في الحالتين الأوليين أما في حالة الخوف علي الولد فقط فعليهما القضاء والفدية وبعد: فإن الله قد يسر للمسلمين عبادته فقال سبحانه: "فاتقوا الله ما استطعتم" وإن الله سائل كل مسلم عن أمانة العبادة وغيرها من الأمانات حفظ أم ضيع وهو العليم بالسرائر المحاسب عليها. فليتق الله كل مسلم وليؤد ما فرض الله عليه ولا يتخلق أعذارا ليست قائمة بذات نفسه توصلا للتحلل من تأدية العبادة. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ويوفق للخير والحق.