* يسأل عبدالله الشريف من بورسعيد: لماذا ضرب الله المثل بالبعوضة؟ ** يقول الشيخ عثمان عامر من علماء الأزهر: البعوضة: هي واحدة البعوض: وهي حشرة صغيرة من الحشرات الطائرة. وتعرف بالناموسة. ضرب الله تعالي بها المثل في الصغر والضآلة من بين جميع المخلوقات. فقال تعالي: "إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها...." آية رقم 26 من سورة البقرة. وكان مناسبة نزول هذه الآية الكريمة وضرب المثل بالبعوضة أنه سبحانه ضرب المثل علي ضعف وحقارة من يدعو المشركون من دون الله آلهة بحشرتين صغيرتين هما: الذبابة والعنكبوت فقال تعالي: "ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب" آية رقم 73 من سورة الحج وقال تعالي: "مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون" آية رقم 41 من سورة العنكبوت. فقال المشركون: كيف يضرب الله المثل بهذه الحشرات الصغيرة كالذبابة والعنكبوت. فبين الله تعالي لهم في هذه الآية السابقة: "إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها..." الآية. أي أنه سبحانه له أن يضرب المثل بما شاء من خلقه صغر هذا الشيء أم كبر. وأنه سبحانه لا يعتريه الحياء الذي يعتري البشر فيمنعه من ضرب المثل بما شاء من مخلوقاته. ووقف المفسرون طويلاً مع هذه الآية الكريمة عند الجملة الصغيرة منها "فما فوقها" متسائلين: هل المراد بما فوقها: أي في الضخامة والكبر. باعتبار أن الحشرتين اللتين ضرب الله بهما المثل من قبل كانتا أكبر حجماً من البعوض؟ أما المراد بما فوقها: بما دونها في الضآلة والصغر؟ وقالوا: إن اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم تحتمل هذين الوجهين. وظل هذا التساؤل قائماً حتي اكتشف العلم الحديث ما في البعوضة من إعجاز وأنها تنقسم إلي ذكر وأنثي. وأن الأنثي فيها من الإعجاز ما يفوق الذكر. ولذا عاد الضمير عليها مؤنثاً في قوله تعالي: فما فوقها. وليس هذا وحسب. بل وجدوا أن البعوضة لها مائة عين في رأسها. وثلاثة قلوب في جسمها. ولها ست سكاكين في خرطومها. ولها ستة أجنحة في كل جانب من جانبيها ثلاثة. تساعدها هذه الأجنحة علي الطيران لمسافات طويلة... إلي غير ذلك من نواحي الإعجاز الإلهي في هذا المخلوق الضعيف. وفوق كل ذلك اكتشف العلماء حلاً للغز الذي حير المفسرين طويلاً وهو: هل المقصود بالجملة الكريمة "فما فوقها" ما كبر عنها أم ما صغر عنها؟ فقطع الخلاف اكتشافهم أن كل بعوضة تحمل في ظهرها حشرة متناهية في الصغر لا تري بالعين المجردة تعتبر من أصغر المخلوقات. إن لم تكن أصغرها علي الإطلاق. وبذا يكون المضروب به المثل هو البعوضة فما فوقها في الضخامة والكبر. ولا ننسي أبداً أن هذه البعوضة التي ضرب الله بها المثل في الحقارة والصغر كانت سبباً في هلاك ملك طاغية من ملوك الأرض الطغاة الذين ملكوا الأرض ودانت لهم الدول والممالك فعن مجاهد رحمه الله ملك الدنيا أربعة: مؤمنان وكافران. فأما المؤمنان: فسليمان بن داود. وذو القرنين. وأما الكافران: فبختنصر البابلي ونمرود بن كنعان أورده السيوطي في الدر المنثور وابن كثير في البداية والنهاية. فقد عز هذا الملك ملكه وسلطانه والطاعة العمياء من رعيته فأدعي صفته من صفات الله سبحانه. وهم: المحيي والمميت. وذلك في خطابه لنبي كريم هو الخليل ابراهيم عليه السلام قال تعالي: "ألم تر إلي الذي حاج ابراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال ابراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت..." آية رقم 258 من سورة البقرة. وكان إهلاك البعوضة له بأن سكنت في أذنه فكانت تطن في رأسه فلا يقر له قرار ولا يهدأ له بال حتي يضرب بالنعال وظل كذلك حتي مات ذليلاً علي يد أضعف مخلوقات الله. لأنه تكبر علي الله.