نعم.. نحن بعد كل ما فعلناه بانفسنا ووطنا.. لم تعد تكفينا توبة واحدة.. نعم نحن في حاجة إلي توبة وتوبات.. عسي الله أن يكشف عنا ما حل بنا وعلينا من غمة ويرفع ما انحط من كرب وبلاء. نعم نحتاج إلي توبة دينية وسياسية واجتماعية وعلمية واقتصادية وكل أنواع التوبات التي أقرها الله لكل الخلق من انس وجان.. في السماوات والأرض حتي نتطهر.. وحتي يمكن أن يقبلنا الله تعالي لنتقدم إليه بطلب التوبة. فكم اجرمنا في حق أنفسنا وفي حق الوطن والمواطنين.. باسم الدين تارة وباسم الحرية تارة وباسم التحرر والمدنية وباسم الشرع والشرعية وبكل اسم ما انزل الله به من سلطان. من الغريب أننا صعبنا - بفتح الصاد وتشديد العين - علي أنفسنا كل شيء حتي التوبة.. وكأننا وصلنا إلي نقطة اللا عودة واللا رجوع.. لا نعرف كيف نتوب ولا مما سنتوب. هل من الهم والغم الذي صنعناه بأيدينا وننزل به يوميا فوق رؤوس العباد باسم الثورة والثوار؟ هل من جبال الكراهية التي شيدناها ولازلنا نتفنن في نسجها صباح مساء..؟1 هل من العناد والإصرار علي التمسك بالرأي حد الحمق والحماقة..؟ هل من الخداع السياسي والمكر الاستراتيجي الذي أوردنا المهالك؟ هل من التلاعب باسم الدين واتخاذه ستارا للسيطرة والهيمنة أو للضحك علي خلق الله؟ هل من الادعاء بحماية الدين والدفاع عنه من المتلاعبين به.. ونحن نطعنه في مقتل بلا حياء أو خجل..؟ هل من التلاعب في نصوص الدين وظيفها وتفسيرها وفق الأهواء والأغراض.. حتي بدا الدين وكأنه قطعة عجين في أيدي صبية صغار يشكلونها كيف وأني شاءوا؟ هل من الوقوف في خندق واحد مع أعداء الدين ودعاة الإلحاد وحبس الأديان في الصوامع والبيع؟ هل من التمويل الأجنبي والدعم الخارجي والتماس العز والوجاهة حتي ولو من الد الاعداء..؟ هل من بث كل أساليب الفرقة والخلاف التي ابتكرناها وابتدعناها حتي قطعت كل الأوصال وقضت علي كل معالم ومظاهر الاخوة والرحمة والتراحم ونحن نزعم بأننا نتحدث باسم الدين وأننا ندعو إلي أن نكون عباد الله اخوانا ليس هذا فقط بل محبين ومتحابين.. حتي صرنا من عباد الله الأشرار قطاع الطرق والمواصلات.. ممن يوجب إقامة حد الحرابة فيهم علي الفور وليس علي التراخي..؟ هل نتوب من لعبة الطائفية البغيضة واتخاذها وسيلة للتخويف والترويع.. أو بمعني أصح فزاعة.. للناس في الداخل والخارج.. أو نجعل منها ورقة للمخادعة والمداهنة والمتاجرة السياسية ومغازلة الأعداء واللا أصدقاء علي السواء.. أو حتي للاستفزاز السياسي أو تهييج الرأي العام وإشاعة السخط علي فريق ما وضده وقتما نريد وبالقدر الذي نريد..؟ هل نتوب من لعبة الاقصاء للآخر وإشاعة الكراهية ضده بل وشيطنته لا لشيء إلا لتحقيق مآرب خاصة سياسية وغيرها..؟ هل نتوب من الكذب علي الله وعلي أنفسنا وعلي الناس بعد أن مارسنا كل أنواع الكذب وكل ألوان الضلال.. حتي صرنا من أنصار الباطل وأصدقاء كل شيطان رجيم..؟ هل نتوب من الافك والضلال الذي صرنا له أسري وعبادا..؟ أخشي أن نكون قد وصلنا إلي حافة أولئك الذين لا يرجي لهم توبة.. بعد أن أصبح اخلاصنا للدين والوطن علي المحك أو بمعني أدق محل شك وبلا جدال..؟ نحن بحاجة إلي أن نجرب توبة في الكريسماس.. في رأس السنة.. في طوبة.. في عز البرد والثلج.. حتي تكون نقية طاهرة كالثلج.. ومن حسن الحظ أن العام ثلجي وشتاءه مفعم بالبرودة وماء المطر.. قد يتحزلق متحزلق كالعادة.. وما لنا والكريسماس وهل يجوز وهل يصح وهل من الشرع.. وغير ذلك من حزلقات ألفناها في الأيام الغابرة والغبرة أيضاً عند اقحام الشريعة بمناسبة وبلا مناسبة والمسيحيين وغير المسيحيين لا لسبب إلا لأغراض في نفس يعقوب.. وفقط. ونرد عليهم ببساطة ولم لا نتذكر ونحن نفعل فعل أهل روما رغم أننا لسنا في روما.. ونحن نكسر زجاجات الخمر ونحن نطفئ الأضواء ونقرع الأجراس.. ثم أليست التوبة في كل زمان ومكان.. أليست أوجب مع وقع المعاصي وسيطرة اللهو والمجون.. أليست التوبة عبادة في كل دين سماوي.. أليس الهدف رفع الخطايا وتطهير النفوس..؟!! * * في شروط التوبة يقول الإمام النوويُّ - رحمه الله تعالي: ¢قال العلماء: التوبة واجبةى من كلِّ ذنب. فإن كانت المعصيةُ بين العبد وبين الله - تعالي - لا تتعلَّق بحقِّ آدميّي. فلها ثلاثةُ شروط: * أن يُقلعَ عن المعصية. * أن يَندمَ علي فِعْلها. * أن يَعزمَ علي ألاَّ يعودَ إليها أبدًا. فإن فُقِد أحدُ الثلاثة لم تصحَّ توبته. وإن كانت المعصية تتعلَّق بآدمي فشروطها أربعة.. هذه الثلاثة. وأن يبرأ من حقِّ صاحبها. فإن كانت مالاً أو نحوه ردَّه إليه. وإن كانت حدَّ قذفي ونحوه مكَّنه منه أو طلب عفوه. وإن كانت غِيبةً استحلَّه منها. ويجب أن يتوب من جميع الذنوب. فإن تاب مِن بعضها صحَّت توبتُه - عند أهل الحقِّ - من ذلك الذنب. وبقي عليه الباقي. * * يقول المصطفي - صلَّي الله عليه وسلَّم -: "إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يَبسُط يدَه باللَّيل ليتوبَ مسيءُ النهار. ويَبسُط يدَه بالنهار ليتوبَ مسيءُ اللَّيل. حتَّي تطلع الشمس من مغربها" أخرجه مسلم وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلَّي الله عليه وسلَّم - يقول: "قال الله - تبارك وتعالي-: يا ابنَ آدم. إنَّك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك علي ما كان فيكَ ولا أُبالي. يا ابنَ آدم. لو بَلغتْ ذنوبُك عَنانَ السماء ثم استغفرْتَني. غفرتُ لك ولا أبُالي. يا ابنَ آدم. إنَّك لو أتيتَني بقُراب الأرض خطايَا. ثم لَقِيتني لا تشركُ بي شيئًا. لأتيتُكَ بقُرابها مغفرةً". أخرجه الترمذي. * * يقول الإمام علي رضي الله عنه: ¢حُسن الإعتراف. يهدم الإقتراف¢.. روي الإمام البخاري ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "من كانت له مظلمة من أخيه من عرضه أو شيء فليتحلّله منه اليوم قبل ألاّ يكون دينار ولا درهم. إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه". ** اللهم املأ بالإيمان قلوبنا.. وباليقين صدورنا.. وبالنور وجوهنا.. وبالحكمة عقولنا.. وبالحياء أبداننا.. واجعل القرآن شعارنا.. والسنة طريقنا.. يا من يسمع دبيب النمل علي الصفا.. ويُحصي وقع الطير في الهواء.. ويعلم ما في القلب والكُلَي.. ويعطي العبد علي ما نوي. ** اللهم اجعل في قلبي نورا وفي لساني نورا واجعل في سمعي نورا واجعل في بصري نورا واجعل من خلفي نورا ومن أمامي نورا واجعل من فوقي نورا ومن تحتي نورا اللهم اعطني نورا.. * * اللهم إني أسالك إيمانا دائماً. وأسألك قلبا خاشعاً. وأسألك علما نافعاً. وأسألك يقينا صادقاً. وأسألك العافية من كل بلية. وأسألك تمام العافية. وأسألك الشكر علي العافية. وأسألك الغني عن الناس.. اللهم إني أسألك في صلاتي ودعائي.. بركة تطهر بها قلبي. وتكشف بها كربي. وتغفر بها ذنبي. وتصلح بها أمري. وتغني بها فقري. وتذهب بها شري. وتكشف بها همي وغمي. وتشفي بها سقمي. وتقضي بها ديني. وتجلو بها حزني. وتجمع بها شملي. وتبيض بها وجهي.. يا أرحم الراحمين. اللهم إليك مددت يدي. وفيها عندك عظمت رغبتي. فاقبل توبتي. وارحم ضعف قوتي. واغفر خطيئتي. واقبل معذرتي. واجعل لي من كل خير نصيباً. وإلي كل خير سبيلاً. برحمتك يا أرحم الراحمين.