حادث هجرة المصطفي صلي الله عليه وسلم من مكة الي المدينة كان من أهم وأعظم الحوادث في تاريخ الإسلام إن لم يكن أعظمها علي الإطلاق. يكفي ان سيدنا عمر رضي الله عنه عندما بدأ في التقويم الإسلامي ظل يبحث عن حادث عظيم يكون بداية لهذا التاريخ الجديد فأخذ يفاضل بين بعثة المصطفي وبين مولده وبين هجرته فاستقر الرأي علي عام الهجرة لأهمية هذا الحدث ولأنه كان بداية التأسيس الحقيقي لدولة الإسلام ورحلة هذا الدين وانطلاقه من الدروب الضيقة إلي الأفق الواسع ومن ثم فقد أطلق علي هذا التقويم: التقويم ولأجل هذه الأهمية للحدث كان الرسول صلي الله عليه وسلم يتحري الدقة في كل الهجري تفاصيل الحدث وقام بالتخطيط له علي أحسن ما يكون حتي يفتح لهذا الدين أرضاً جديدة وبيئة التخطيط وليد اللحظة أو اليوم الذي بدأت فيه الرحلة بل سبق ذلك خصبة لنشره. فلم يكن بفترة طويلة بل قام النبي صلي الله عليه وسلم بالتمهيد لهذه الهجرة أثناء بيعتي العقبة الأولي والثانية سنة 12 و13 من البعثة بعد ان جاءت وفود من المدينة للحج في مكة وقابلوا النبي صلي الله عليه وسلم واستمعوا الي حديثه فآمنوا بدعوته وعادوا الي يثرب ليمهدوها لتكون عاصمة جديدة لنشر الدعوة الإسلامية ومكانا يخرج منه شعاع النور الي العالم أجمع. واستمر التخطيط النبوي لهذه الرحلة الهامة من أجل إنجاحها ودار هذا التخطيط علي حسن اختيار الشخص المناسب في العمل المناسب وعلي توظيف الطاقات بشكل جيد فكان اختيار الرفيق المناسب وهو أبوبكر الصديق القادر علي المساعدة في إنجاح هذه العملية تجهيز معدات الرحلةپقبل وقتها بشكل كاف فكان تجهيز الراحلة قبل الموعد بأربعة المهمة توظيف النساء "أسماء بنت ابي بكر" والأطفال " عبدالله بن ابي بكر" والفتيان أشهر كاملة "علي بن أي طالب" كل في دوره المناسب فكان حادث الهجرة ملحمة عظيمة اشترك في اختيار الأكفأ لقيادة الطريق فكان عبدالله بن أريقط بطولتها الرجال والنساء وحتي الأطفال كان اختيار يثرب اختياراً الدليل الكفء برغم أنه مشرك إلا أن أمانته وكفاءته كانتا سببا لاختياره ورقيا من مجتمع مكة حتي موفقا فهي بلد يختلف تماماً عن مكة في ان مجتمعها أكثر تقدماً في علاقاته الاجتماعية. ولأن في يثرب أخوال النبي صلي الله عليه وسلم الذين سيناصرونه في دعوته. كما ان أهل المدينة كانوا أكثر رغبة في التواصل مع الدين الجديد أكثر من أهله كل هذا لمناصرة النبي صلي الله عليه وسلم والوقوف خلفه في مكة وكانوا علي أتم الاستعداد لمحات بسيطة من كيفية تعامل النبي صلي الله عليه وسلم مع هذا الحادث والتخطيط له بشكل جيد يدعونا جميعا للتأمل ووضع درساً مهماً في الإدارة الحكيمة. والتخطيط. إن الأمة الإسلامية والعربية الآن تعيش مسلسلاً من الفشل العلمي الناجح المسبق. المتوالي في التخطيط والتدبير للمستقبل وتفشل دوما في استغلال مواردها الطبيعية إذا أرادت الأمة إعادة مكانتها وهيمنتها بين الأمم مما أدي الي تأخرها بين الأمم سبيل أمامها لذلك إلا بالتخطيط الجيد والعمل الدءوب والاقتداء بسنة الحبيب صلي الله عليه وسلم من خلال قراءة سيرته العطرة بشكل يمكننا من استخراج الفوائد والعبر والمحاولة لاسقاطها بشكل مباشر علي واقعنا الذي نعيشه علنا نجد تغييراً ونجاحاً يمحو بعضا من الصورة السيئة المأخوذة عن افراد هذه الأمة. اللهم وفقنا إلي ما تحبه وترضاه.