فماذا عن قدسية المسجد؟ وكيف يمكن من خلال بيت الله مناقشة كل أمور خلق الله بما لا يخرج عن آداب الإسلام؟ في البداية يقول الشيخ عبدالمنعم عبدالعزيز المفتش بأوقاف القليوبية: المسجد عندما يقام فيه ما يمس صالح الإسلام والأمة يكون عملاً مقبولاً. وقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يناقش مشاكل المسلمين داخل المسجد "مسجده الشريف" وكان علي نفس سنته صلي الله عليه وسلم أصحابه وأتباعه يدرسون القضايا العامة التي تمس الإسلام والمسلمين داخل المسجد وكان في مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم تجيش الجيوش وتقسم الغنائم. وينزل الوحي ويعرف الناس أمور دينهم. فكانت هذه الأمور المتاحة المباحة داخل بيوت الله أما غير ذلك من القضايا الشخصية أو القضايا الدنيوية والتي تمس مصالح المسلمين والإسلام فلا يجوز مناقشتها. ولذلك فإنه من الأمور الدنيوية التي يباح التحدث بها في المسجد اتقان العامل لعمله . وأمانة التاجر ومنعه من الغش وغير ذلك هذه الأشياء العامة التي تتصف بمكارم الأخلاق وسلوك الإنسان الذي يشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإرشاد كل مسلم. أما الأمور الأخري الشخصية والتي لا تفيد الإسلام بل هي بعيدة عن النظم الإسلامية فهي تدخل تحت لغو الحديث وهو مكروه. المساجد لها احترامها ويضيف الشيخ محمد عبدالفتاح بركات إمام وخطيب بأوقاف الخانكة: المساجد بيوت اللعه في الأرض لها احترامها وتقديرها. وقد أوجب الإسلام تشييدها وتعميرها لكي تكون مكانا للعبادة ومدرسة للتعليم وداراً لاجتماع المسلمين قال تعالي: "إنما يعمر مساجد الله من أمن بالله واليوم الآخر واقام الصلاة وأتي الزكاة ولم يخش إلا الله فعسي أولئك أن يكون من المهتدين". وكان المسجد في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم يقوم بدور كبير ومن هنا كان اهتمام رسول الله صلي الله عليه وسلم به حيث اتخذ منه مكاناً للعبادةوالعلم ومكاناً لمجلس الشوري ولعقد المعاهدات ومدرسة لتوجيه الجنود والقادة الذين يتوجهون إلي مختلف البلاد ومن أجل الدفاع عن الإسلام والمسلمين. وظل المسجد يؤدي دوره كاملاً سنوات طويلة. ثم رأينا بعض الناس يقصرون دور المسجد علي العبادة فقط ولكن المسئولين والمهتمين بعمارة المسجد تنبهوا في السنوات الأخيرة إلي أهمية المسجد فحاولوا أن يعيدوا للمساجد دورها الحقيقي الذي انشئت من أجله فرأينا الآن المساجد وبجانبها كثير من المشروعات المتعددة التي تخدم فقراء المسلمين والقرآن يقرر: "إن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً" والرسول صلي الله عليه وسلم يقول: إذا رأيتم الرجل ينشد ضالته في المسجد فقولوا له.. لا ردها الله عليك وإذا رأيتم الرجل يبيع في المسجد فقولوا لا أربحك الله". وهذا المنهج يبين قدسية المسجد في الشريعة الإسلامية التي لا تبيح أن تتحول المساجد إلي أسواق أو أندية يجلس فيها بعض الناس للتسامر وتجاذب أطراف الحديث فعلي المسلم أن يعلم أن ما يصلح خارج المسجد لا يصلح بالضرورة بداخله يقول الله سبحانه وتعالي: "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وايتاء الزكاة". وعلي كل مسلم أن يجعل من بيت الله مكانا لتهذيب النفس البشرية وصيانة اللسان من اللغو والغيبة والنميمة.