* يسأل محمود أبوعباس من بورسعيد: ما هي الحكمة من صيام رمضان؟ ** يقول الشيخ عثمان عامر من علماء الأزهر: ليست العبادات في الإسلام مجرد أعمال تؤدي وكلاما يتلي وإنما من ورائها حكم عالية. وفوائد غالية أرادها المولي سبحانه للطائعين من عباده. فالصلاة مثلا: تنهي عن الفحشاء والمنكر قال تعالي: "إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر" آية رقم 45 من سورة العنكبوت كما أنها تجعل المسلم طاهرا سائر يومه قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقي من درنه شيء؟ قال: فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا" رواه البخاري ومسلم. والصيام ثمرته وغايته التقوي: قال تعالي: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون" آية رقم 183 من سورة البقرة. لأن الصيام حرمان مشروع وتأديب بالجوع وخضوع لله وخشوع فهو يستثير الشفقة ويحض علي الصدقة ويكسر الكبر ويسن خلال البر. ويعلم الصبر والزكاة تطهير للنفوس وتزكية للأموال قال تعالي: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها.." آية رقم 103 من سورة التوبة وقال ابن عباس رضي الله عنهما عن زكاة الفطر: فرض رسول الله صلي الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" رواه أبوداود. ولما كان الحج فيه مشقة أكثر من غيره من العبادات حيث إنه يجمع بين المشقة البدنية والانفاق المالي معا كان فيه منافع كثيرة قال تعالي: "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق" ليشهدوا منافع لهم". الآيتان 27. 28 من سورة الحج. وهذه المنافع التي يتحصل عليها الحاج من أدائه لهذه الفريضة هي دينية ودنيوية. فالدينية تتمثل في تجرده من الثياب المحيط والمخيط ولبسه ملابس الإحرام التي تذكره بلحظة خروجه من الدنيا عاريا إلا من لفافة هي الكفن. ورحم الله القائل: تجرد عن الدنيا فإنك إنما خرجت إلي الدنيا وأنت مجرد وتب من ذنوب موبقات جنيتها فما أنت في دنياك هذي مخلد وقال تعالي: "ولقد جئتمونا فرادي كما خلقناكم أول مرة" آية رقم 94 من سورة الأنعام. والدنيوية هي اكتساب الحاج صداقات ومعارف وربما مكاسب مالية خلال رحلته إلي الأراضي الحجازية وعودته منها والمسلم وإن كان مطالبا بالبحث عن الحكمة من العبادات علي سبيل التأمل في تعاليم هذا الدين الحنيف فليس شرطا في أداء العبادة أن يعرف المسلم الحكمة من وراء فرضها فربما خفيت حكمتها من عقولنا ودقت عن تفكيرنا. إلا أنه لابد أن يكون لها حكمة عند العليم الحكيم سبحانه.