يقولون ما اشبه الليلة بالبارحة.. واقول ما أحوجنا الليلة ان نفهم ما حدث البارحة.. اقول هذا ونحن علي موعد بعد غد لنعيش مع اطلالة واحدة من اعظم ذكريات النصر في التاريخ.. واحدة من معارك الاسلام الكبري في بداية الدعوة معركة پقلبت موازين العالم. أو بالأحري عدَّلت موازين العالم المقلوبة.. معركة بين ثلاثمائة ونيِّف من المسلمين المخلصين المتمسكين بأهداب الدين الحريصين علي رفعة شأن الاسلامپو راية المسلمين أمام ألف من المشركينپ.. انها معركة أو غزوة بدر الكبري التي جرت احداثها في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة.. تحقق فيها أول واكبر انتصار للمسلمين.. وبعده ولدت أمة ثابتة راسخة لها رسالةى ولها هدف ولها طموح. تغير التاريخ البشري حقًّا بعد قيام دولة الإسلام. فقد نشأت الأمة التي حملت علي عاتقها هداية البشرية. الأمة التي ستصبح خير أمة أخرجت للناس. وغزوة بدر لم تكن غزوة عظيمة بجغرافيتها أو خططها أو السلاح المستخدم فيها. إنما كانت عظيمة بأهل الحق فيها - علي حد تعبير الدكتور راغب السرجاني - ولو كانوا قلة بسيطة فقراء أو كما وصفهم القرآن أذلة: "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْري وَأَنْتُمْ أَذِلَّةى" "آل عمران: 123" كانت بدر عظيمة بالطائفة المؤمنة النبيلة التي شاركت فيها. من أجل هذه الطائفة حدثت تغييرات كونيَّة هائلة. فنزلت الملائكة وخضع الشيطان. بل نكص علي عقبيه مذمومًا مدحورًا. احداث ووقائع الغزوة العظيمة مشهورة و محفوظة ومحفورة في عقل و ذاكرة كل مسلم.. نتائجها واثارها والدروس والعبر فيها كثيرةپولايكاد يخلو حديث منها وعنها.. لكن تظل دائما جوانب العظمة في القيادة المحمدية موضع تأمل واستشراف لانوار الهدايةپوالتماس لطرق النجاة خاصة عندما تدلهم الظلم وتتوالي الكوارث ويكثر الحديث باسم الدين من جانب.. ويتطاول عليه الاقزام ومدعو الثقافة في عصور الغفلة وازمان التيه والبهتان من جانب اخر .. ورغم كثرة ما كتب وألف عن الجوانب العسكرية والسياسية في شخصية الرسول صلي الله عليه وسلم من جانب كتاب عرب ومسلمين ومحللين اجانب .. الا انني كثيرا ما اعود الي الكاتب العلامة الكبير عباس محمود العقاد رحمه الله في اسلامياته متأملا وتوثرني تحليلاته العبقرية واستشرافه لمكامن العبقرية في الشخصية التي يقف امامها.. وفي عبقرية محمد التي قرأتها عشرات المرات اتوقف امام باب بعنوان محمدپالرئيس .. وقد استحسن العقاد ان يكتب عن تلك الصفة الرئيس بعد ان كتب عن صفة مهمة اخري وهي محمد الصديق .. لانه هو قد جعل للرئاسة معني الصداقة المختارة.. فمحمد الرئيس هو الصديق الاكبر لمرؤوسيه مع استطاعته ان يعتز بكل ذريعة من ذرائع السلطان .. ويحدد العقاد ثلاثة انواع من السلاطين : * الحكم بسلطان الدنيا .. * والحكم بسلطان الاخرة .. * والحكم بسلطان الكفاءة والمهابة .. وكل اولئك كان للرسول الحق الاول فيه.. فله كل ما للأمير المطلق الحق في رعاياه.. وكل ما للنبي الذي يعلم من الغيب ما ليس يعلمه المحكومون.. وكان له من سلطان الكفاءة والمهابةپما يعترف به بين اتباعه اكفأ كفؤپواوقر مهيب.. ولكنه لم يشأ الا ان يكون الرئيس الاكبر بسلطان الصديق الاكبرپبسلطان الحب والرضا والاختيار.. فكان اكثر رجل مشاورة للرجال وكان حب التابعين شرطا عنده من شروط الامامة في الحكم بل في العبادة.. ويلمس العقاد عددا من النقاط المهمة في شخصية النبي الرئيس منها: كان اعلم الناس بان الاعمال بالنياتپولكنه علم كذلك ان الامير اذا ابتغي الريبة في الناس افسدهم.. فوكل الضمائر الي اصحابها والي الله وحاسب الناس بما يجدي فيه الحساب.. كان النبي يعلم ان الرئاسةپ لجميع المرؤوسين وليست للموافقين منهم دون المخالفين.. فيامر قومه ان اتقوا دعوة المظلومپوان كان فرا فانه ليس بينها وبين الله حجاب.. واذا قال هذا رئيس نبي فلها من اولي السنن ان يتبعها الرؤساء كافة لانهم لم يبعثوا لنشر الدينپومحو الكفر كما بعث الانبياء.. رحمك الله يا عقاد.. و يا ليت قوميپيعلمون ..!!!! * * * في الدراسات التاريخية القيمة عن عبقرية الرسول السياسية والعسكرية يتوقف المؤرخون امام مشاهد القائد الملهم والمعلم لجنودهپوقادة اركانه واصحابه جميعا ويرصدون بكل الاعجاب والتقدير عددا من النقاط نشير الي ابرزها : * كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يحرص علي ألا يواجه الأعداء جميعا في وقت واحد.. فإذا تجمعوا لقتاله حرص علي التفريق فيما بينهم بكل الوسائل. حتي إذا أمكنته الفرصة بطش بأقواهم ثم بمن بعدهم حتي يتم له النصر * كان الرسول مقدرا تماما للظروف والاحوال المحيطة.. فلم يكن الرسول حين يريد الأمر فيحال بينه وبين ما يريد. تأخذه حمية المقاتل الذي يصر علي أن ينتصر. بل كان يقدر الظروف. ويقارن بين ما يريد وبين ما يعرض له من فرصة. فإن وجدها أجدي عليه مما يريد عمل بها وأخر ما يريد إلي وقت آخر.. * بفضل حكمته العالية نجت الدعوة في حياه الرسول من كثير من المتاعب. وحال دون تأليب الأعداء عليه جميعا إلا حين لم يستطع لذلك دفعا كما في غزوة الأحزاب . وأنزل الضربات المتتالية بأعداء الدعوة فريقا إثر فريق . * تنازل في مواقف الشدة عن بعض مظاهر القوة ليدفع شراً أو ليكسب من وراء ذلك نصراپ0 * لزم الرسول صلي الله عليه و سلم الحرص علي المرونة في التعامل مع المواقف المختلفة وتفضيل المصلحة العامة .. وأفضل مثل يدل علي مرونة الرسول صلي الله عليه وسلم وبراعته وتفضيله المصلحة البعيدة المدي علي المصلحة المؤقتة التي يمكن أن تكسب بالعاطفة. ولكنها تفوت كثيراً من المكاسب السياسية. مثلما في صلح الحديبية فقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم لا يريد القتال بل يريد الطواف في الكعبة. فلما أصرت قريش علي المنع صمم الرسول صلي الله عليه وسلم علي قتالهم. ووجد من المسلمين كل استعداد للفداء. وبايعه المسلمون بيعة الموت المشهورة ببيعة الرضوان. حتي إذا أبدت قريش رغبتها في الصلح علي الشروط المعروفة. وهي شروط لم يرضها المسلمون أول الأمر. بل رأوا فيها ضعفاً وذلة. ولكن الرسول أصر علي قبول الشروط. ولم يجد المسلمون بداً من القبول. وتبين فيما بعد أن هذه الشروط كانت سبباً من أسباب تعجيل النهاية المرتقبة للوثنية في جزيرة العرب. وأن صلح الحديبية كان الخطوة الأولي لفتح مكة واستسلام الوثنية العربية استسلاماً لا قيام لها من بعده أبداً * كان حريصا علي أن يجنب الدعوة المتاعب الكثيرة بأقل التضحيات. وأن يخضع للظروف مع حسن الاستعداد والاستفادة. كما فعل صلي الله عليه وسلم حين رأي إصرار قريش علي ألا يدخل الرسول ذلك العام مكة أبداً. فرجع عنها هو وصحبه بعد أن أوشكوا علي وصولها. وكان قادراً علي أن يدخلها عنوة واقتداراً. ولكن المعركة يومئذ ستكلف المسلمين كثيراً من التضحيات. وما كسبه الإسلام من صلح الحديبية. كان أعظم سياسياً ودينياً وعسكرياً مما كان يكسبه لو دخل المسلمون آنئذ مكة عنوة. وما هو إلا انتظار سنتين بعد ذلك حتي دخل الرسول مكة فاتحاً. وقد استسلمت قريش. ثم دخلت في دين الله أفواجاً.. * قال تعالي : "لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرً" "النساء : 123" وقال الله تعالي ايضا: "وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَي الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ" "الأنفال: 7" ** هذِي يدُ الأوطانِ تجزي أهلَها مَن يقترفْ في حقّها شرّاً..يَرَه ضاعت عُبَيلةُ.. والنياقُ.. ودارُها لم يبقَ شيءى بَعدَها كي نخسرَه فدَعوا ضميرَ العُربِ يرقدُ ساكناً في قبرِهِ.. وادْعوا لهُ.. بالمغفرة عَجَزَ الكلامُ عن الكلامِ .. وريشتي لم تُبقِ دمعاً أو دماً في المحبرة وعيونُ عبلةَ لا تزالُ دموعُها تترقَّبُ الجِسْرَ البعيدَ.. لِتَعبُرَه پالابياتپمن قصيدة عنوانها كفكف دموعكپوانسحب يا عنترة لشاعر مصري شاب إسمه مصطفي الجزار شارك بها في مسابقة أمير الشعراء في دبي0