يري الدكتور محمد عبدالسلام بنيعيش رئيس المجلس الأعلي للصوفية مدير ومؤسس بيت القرآن ببلجيكا رئيس المجلس الأعلي للاقتصاد الإسلامي في أوروبا أن التصوف أمر مشتهر بين أهل الإسلام علي مر العصور السابقة ولا يكاد يخلو منه بلد ولا قرية ولا مكتبة من مكاتب المسلمين عن أخبار الصوفية وأهل التصوف وما كانوا عليه عليهم رضوان الله تعالي والتصوف ربما تكلم فيه بعض الناس بما لا يليق وبما لا يصح وللأسف أن البعض قد طال لسانه وتجرأ قلمه في أن يتهم أهل التصوف ليس بالبدعة وبشيء من الفسوق فقط بل طالت بعض الألسن علي أهل التصوف بتهمة أنهم علي الشرك والكفر وأنهم استمدوا عقائدهم وأفكارهم من الفلسفة اليونانية والهندية وغير ذلك وهذا الكلام يحتاج منا إلي حسن نظر وتأمل وتروي فنقول لأهل هذه الاتهامات الباطلة: تريثوا وتمهلوا وترووا فيما تقولون فإنكم تتكلمون عن أمر عظيم ربما وقفتهم بين يدي الله تعالي يوم القيامة للمساءلة عنه. استطرد د.بنيعيش قائلا: التصوف الذي نعنيه نحن هنا هو الطريق الحق الذي انتشرت أخباره في المشارق والمغارب التصوف المقصود منه كما قال أهل العلم: هو بلوغ مرتبة الإحسان لأننا نعلم أن الله سبحانه وتعالي لما بعث نبيه صلي الله عليه وسلم إلي هذه الأمة "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة" الجمعة: .2 فإذن المهمة التي بعث بها رسول الله صلي الله عليه وسلم ليست مهمة مخاطبة العقول أو التلاوة أو الإرسال إليهم فقط إنما كان مبعوثا بالتعليم والتزكية والتربية فإذا شأن التزكية للنفس الذي يبلغ صاحبها إلي مرتبة المعاملة مع الله تعالي التي سئل عنها رسول الله في الحديث الصحيح لما جاءه جبريل فقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام فأخبره ثم قال: أخبرني عن الإيمان فأخبره ثم قال: أخبرني عن الإحسان فقال: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإ لم تكن تراه فإنه يراك. أصول شريفة يضيف د.بنيعيش: نحن نري الطرق الصوفية اليوم في العالم الإسلامي فنجد أن كل الطرق الصوفية أو معظمها تعود أسانيدها وتأسيسها إلي رجال آل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم فمثلا: أصحاب الطريقة القادرية أو الجيلانية وهم ملايين في العالم منهم بالعراق وفي أفريقيا وفي الهند وفي الحجاز كلهم يعودون في سندهم بالتربية والتزكية وأخذ الأوراد والأذكار إلي الأمام عبدالقادر الجيلاني الحسني يعود نسبه إلي الحسن بن علي بن أبي طالب. الشاذلية وهم كذلك ملايين منهم في مصر وفي الشام وفي الحجاز وفي تركيا وفي نواحي العالم كله وهم يعودون إلي سيدنا أبوالحسن الشاذلي السيد من آل بيت رسول الله. إذا السواد الأعظم من أل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم عل يمنهج الحق فلو الواحد اليوم ببساطة وسهولة يقول "الصوفية مبتدعة.. الصوفية ضالون" فكأنه يقول السواد الأعظم من أمة النبي والسواد الأعظم من آل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم كلهم أهل ضلال وكل ضلالة في النار فيدخل أهل الإسلام وغالبية آل بيت رسول الله إلي النار وما يقول بذلك عاقل أبدا أبدا أبدا. الواقع والتاريخ يثبت أن أهل البيت غالبيتهم علي طرق الصوفية في العالم كله الذي لا يصدق يرجع إلي الواقع أمامه يذهب إلي بلاد المسلمين فيجد الطرق الصوفية فيجد كلها آل بيت رسول الله الذين يتصدرونها. إجماع الأمة ثم علامة رابعة علي أن التصوف حق كما يقول د.بنيعيش: وهي الإجماع نحن نعلم أن التصوف برز من القرون الأولي ومرت عليه هذه القرون كلها ونعلم أن الأمة لم تهاجم هذا التصوف ولم يتكلم فيه أحد وأن الأة قد استحسنته وقد ارتضته علي مر عصورها فهل الأمة الإسلامية كانت كلها غافلة؟ وهل كانت كلها نائمة؟ وهل كانت كلها راقدة؟ ضلالة تنتشر فيها ولا تهاجم؟! نحن نريد أن نعلم متي هوجم التصوف؟ ومن الذين هاجموا التصوف؟ ومن الذين تكلموا عن التصوف بالكلام الذي البعض اليوم يتكلم عنه بالتشنيع والتشديد وبالتفسيق أو التضليل نجد كلهم أفراد والكثير منهم جاءوا متأخرين كمثل ابن الجوزي أو ابن تيمية أو غيره ممن جاء من بعد القرن الثامن بل نفس هؤلاء الذين ذكرتهم لم يهاجموا التصوف كمنهج إنما هاجموا بعض أدعياء التصوف. نحن نري أغلب أهل الأرض اليوم منسوبون إلي التصوف ونري مرور القرون كلها لم يهاجم التصوف وفي ذلك كفاية لصاحب العقل والفهم أن يدرك أن التصوف حق وأن يدرك أن التصوف صدق وليس بباطل. قال صلي الله عليه وسلم في أحاديثه الكثيرة: "لا تجتمع أمتي علي ضلالة". يضيف د.بنيعيش نأتي لدور التصوف في جانب مهم جدا ألا وهو الجهاد في سبيل الله فالأمة الإسلامية اليوم في أمس الحاجة للجهاد في سبيل الله ونحن نري واقع العالم الإسلامي وما يجري علي أراضي المسلمين في القدس وغيرها في الشرق والغرب ننظر إلي الجهاد الذي مر في العالم الإسلامي من القرون الأولي إلي اليوم وماذا كان دور التصوف فيه. نقول: أولا إذا رجعنا إلي ترجمة رجال التصوف الأوائل وجدناهم كلهم كانوا ممن يخرجوا في سبيل الله تعالي. ثم نأتي إلي دور الصوفية في الدعوة إلي الله سبحانه وتعالي: فنجد أن أكثر الأراضي التي دخلت في الإسلام دون السيف إنما دخلت إلي الإسلام بدعوة الصوفية ولا غير والتاريخ يشهد بذلك بل وكتب العرب والغرب ولاشرق وكتب المستشرقين وكتب المؤرخين كلها تثبت هذه الحقيقة.