كان اليهود العبرانيون بالمدينةالمنورة -في السنوات الأولي من قيام دولة النبوة- يتربصون بهذه الدولة الدوائر. حريصين علي هزيمتها أمام الشرك الوثني. عاملين علي تأليب القبائل الوثنية علي محاربة الإسلام والمسلمين -رغم التعاقد الذي عقده معهم المسلمون-» كي يعيشوا في إطار هذه الدولة الإسلامية. لهم ما للمسلمين وعليهم ما علي المسلمين. ولذلك. انتهز يهود بني النضير فرصة هزيمة المسلمين في موقعة أحد -7 شوال سنة 3ه/ 23 مارس سنة 625م- فنقضوا عهدهم مع الدولة الإسلامية بعد أشهر من هذه الهزيمة سنة 4ه.. لقد كان بينهم وبين المسلمين عهد أن ¢يتعاونوا في أداء الديات¢. فنقضوا هذا العهد. وعندما ذهب إليهم الرسولپ يدعوهم للوفاء بتعهداتهم. رفضوا بل وتآمروا علي قتله!.. فكان حصار المسلمين لهم. حتي خرجوا من ديارهم بعضهم إلي ¢خيبر¢. وبعضهم إلي الشام. وبخروج بني النضير من ديارهم سنة 4ه بعد خروج بني قينقاع -عقب خيانتهم سنة 3ه-. لم يبق بالمدينة من اليهود العبرانيين سوي يهود خيبر. التي تحولت إلي مركز للتآمر علي الإسلام والمسلمين!! ومعهم يهود بني قريظة القاطنين حول المدينةالمنورة. فلماذا اجتمعت قبائل الشرك والوثنية لحصار المدينةالمنورة في غزوة الخندق -ذي الحجة سنة 5ه/ سنة 923م- واشتد الحصار علي المسلمين؟ حتي بلغ حالهم تلك الصورة التي عبر عنها القرآن الكريم بقوله: "إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضى مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةى مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقى مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةى وَمَا هِيَ بِعَوْرَةي إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا" "الأحزاب: 10- 13". في ذروة ساعات العسرة هذه -عندما زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر. وظن الناس بالله الظنون. وعلت أصوات وتحركات الجبن والنفاق- في هذه اللحظات الحرجة انتهز يهود بني قريظة الفرصة. فنقضوا عهدهم مع الدولة الإسلامية. وفتحوا -في مساكنهم- ثغرة كي يقتحم منها المشركون المدينة المحاصرة!.. لكن نصر الله للمؤمنين به. أحبط كيد خيانتهم. فكانت العاصفة التي هبت علي مواقع المشركين. والتي اضطرتهم إلي الانسحاب.. وبقي خونة بني قريظة لمصيرهم. الذي ارتضوا فيه التحكيم والمحاكمة علي هذه الخيانة.. فحكم الذين ارتضوهم من حلفائهم بقتل المقاتلين منهم جرَّاء خيانتهم في ساعة العسرة. ونقضهم العهد الذي سبق وعاهدوا عليه المسلمين!! نعم.. لقد زحف المسلمون -عقب جلاء المشركين من حول المدينة- إلي الأحياء التي يسكنها هؤلاء الخونة. فحاصروهم خمسًا وعشرين ليلة -في ذي الحجة سنة 5ه- ورفضوا السماح لهم بالجلاء والخروج إلي الشام أو الخروج إلي خيبر.. فلما ارتضوا التحكيم في خيانتهم كان هذا هو حكم حليفهم سعد بن معاذ. الذي ارتضوه هم حكمًا في هذا الذي اقترفوه. وبكسر شوكة يهود بني قريظة.. لم يبق بداخل المدينةالمنورة من بؤر التآمر والخيانة والتحريض علي الدولة الإسلامية سوي يهود خيبر. الذين مردوا علي التآمر والخيانة والتحريض. فأوغلوا في طريقها. متحالفين مع الشرك الوثني ضد التوحيد الذي جاء قرآنه مصدقًا لما معهم. وضد المسلمين الذين يصلون ويسلمون علي أنبياء بني إسرائيل!.. نعم.. ساروا بها وأوغلوا من هذا الطريق. غير معتبرين بمصائر الذين سلكوه!!