أكد العلماء أن حماية الممتلكات العامة والخاصة من اعتداءات البلطجية المندسين وسط المتظاهرين يعد واجبا دينيا ووطنيا .. وأكدوا أن التراخي في منع كافة وسائل الاعتداء عليها يعد خيانة يأثم كل المشاركين فيها .. وحملوا بعض القوي والأحزاب والتيارات السياسية مسئولية ما يحدث من اضطرابات في الشارع المصري مما أدي إلي إشاعة حالة الانقسام والتخوين التي تسيطر علي المشهد السياسي في الوقت الحالي ونقل الصراع السياسي إلي الممتلكات العامة.. وطالبوا بسرعة القبض علي مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للمحاكمات العاجلة لردع كل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن ومصالح البلاد والعباد.. يوضح الدكتور محمد عبد اللطيف قنديل ..الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر أن الحفاظ علي أمن وسلامة المجتمع ومرافقه وممتلكاته العامة هو مسئولية الدولة والأفراد كل حسب استطاعته حيث تمتلك الدولة من المؤسسات ما يساعدها علي حفظ الأمن مثل الشرطة أو الجيش اذا فشلت الشرطة. وأوضح قنديل أن الإسلام يحرم ويجرم الاعتداء علي الممتلكات العامة والخاصة حتي وقت الحرب مع العدو وكان هذا مما يوصي به الرسول صلي الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون من بعده فمثلا عندما بعث أبو بكر يزيد بن أبي سفيان إلي الشام وقال له: لا تخربوا عمرانا. ولا تقطعوا شجرة إلا لنفع. ولا تعقرن بهيمة إلا لنفع ولا تحرقن نخلا ولا تغرقنه¢پفما بالنا بأبناء مصر الذين يخربون مملكاتها العامة لتحقيق مصالح شخصية أو لتصفية حسابات بين تيار وآخر في النهاية سيدفع الجميع الثمن باهظا. وأشار الدكتور عبد اللطيف قنديل الي أن المحافظة علي المال- سواء كان عاما أو خاصا - من الضروريات الخمسة التي أقرت الشريعة الدفاع عنها والموت في سبيلها سواء كانت ملكِيَّة فردية أباحها الشرع أو ملكية عامة فهي من الضروريات التي أمر الشرع بحفظها هي ¢ الدِّين. والنفس. والعقْل. والنَّسْل. والمال¢. ولاشك أن المحافظة علي المال العام من المعتدين يؤدي الي تجنب الآثار الضارَّة التي قد تَنجم عن طُغيان النزعة الفردية في التملك التي تؤدي لفقدان التوازُن الاجتماعي وتداول للمال بين فئة قليلة من المجتمع وهذا ما ذكره الله في قوله تعالي¢ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ¢ . وفي نفس الوقت وضع الاسلام حد السرقة لمن يعتدي علي مال الغير بالسرقة أو السطو فقال الله تعالي: ¢ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزى حَكِيمى ¢. وأنهي الدكتور محمد عبد اللطيف قنديل كلامه بالتأكيد علي أن المطالبة بالحقوق أو إزالة الظلم أمر مشروع بشرط أن يكون منضبطا بأوامر الشرع التي تحرم الفساد والاضرار بمصالح الناس أو ترويعهم أو ما شابه ذلك والقاعدة الشرعية التي أرساها الحديث النبوي الذي يقول فيه الرسول صلي الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار". وإذا وصل الأمر الي حد الاستشهاد في سبيل الدفاع عن المال العام أو الخاص فإن المقتول في الجنة بل انه يبلغ درجة الشهادةپلقوله صلَّي الله عليه وسلَّم ¢ مَن قُتِل دون ماله. فهو شهيد¢. التخريب ليس ثورة طالب الدكتور مختار عطا الله ..مدير مركز الدراسات والبحوث الاسلامية جامعة القاهرة الدولة بالعمل علي حل مشكلات المواطنين والجدية في تحقيق مطالب الثورة وفي نفس الوقت استخدام ما أباحته الشريعة الإسلامية من العقوبات الرادعة التي تمنع وقوع هذه الجرائم قبل وقوعها لأن الوقاية خير من العلاج مما يساعد في الحفاظ علي حالة الاستقرار الاجتماعي وحتي يشعر المواطنون بالأمان في وطنهم. وأوضح أن ما يحدث اليوم من خلط بين المظاهرات والتخريب أمر لابد أن يعيه الشعب وعلي الإعلام أن يبتعد عن هذا الخلط المتعمد بين التظاهر السلمي وحقوق الناس في العيش بأمن وأمان وبين اتخاذ المطالبة تلك الحقوق غطاء لتنفيذ اجندات تخريب للوطن القوة والقتل والحرق دون مراعاة للظروف الصعبة التي تمر بها البلاد والتي تتطلب من الجميع أن يكونوا علي قلب رجل واحد. وقال الدكتور مختار عطا الله : إن ظاهرة الاعتداء علي الممتلكات العامة بهذا الشكل تعد ظاهرة غريبة علي مجتمعنا المصري الذي لم يكن في يوم ما محبا للعنف لكن تراخي المسئولين في علاج بعض المشكلات وكذلك تراخيهم في التصدي للجرائم جعل هذه الظاهرة الغريبة تنتشر بشكل كبير ويضخمها الإعلام مما أضر بمناخ الاستقرار والاستثمار في داخل مصر وأضر بسمعتها في الخارج. حذر الدكتور مختار عطا الله من استمرار حالة الانفلات في الشارع المصري الذي يعاني اليوم حالة من الفوضي وافتقاد الأمن بسبب الانفلات الأخلاقي والسلوكي الذي يحمل خطأ مسمي ثورة مع أن الثورة المصرية المباركة بريئة من تلك الأفعال التخريبية التي أصابت المجتمع بعد الثورة وخاصة في الفترة الأخيرة. انهي الدكتور مختار عطا الله كلامه بالتأكيد علي أن المسئولية الأولي عما ما يحدث من اعتداءات علي الممتلكات العامة لا تقتصر علي القائمين بالاعتداء فقط بل تمتد إلي المحرضين بكل وسائل التحريض وخاصة من فلول النظام السابق الذين يمتلكون الاعلام المحرض ويقلبون الحقائق أو يضخمون السلبيات ولا يظهرون أي ايجابيات. وفي نفس الوقت فإنه مواجهة الفوضي بكل حسم وحزم وقوة تقع علي عاتق الدولة التي يجب أن تفرض سيطرتها وتضرب بيد من حديد علي كل يد تمتد للممتلكات العامة والخاصة أو يحاول ترويع الناس ونشر الفوضي في المجتمع. حد الحرابة يؤكد الدكتور منير جمعة ..عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن حماية الممتلكات العامة - بل والخاصة - والمحافظة عليها إحدي الضروريات الخمس التي أوجب الإسلام الحفاظ عليها وحرم الاعتداء عليها أو سرقتها وأوجب العقاب علي من يعتدي عليها وإيقاع هذا العقاب مسئولية ولي الأمر باعتباره المسئول عن توفير الأمن والأمان للمواطنين. وأوضح أن الإسلام أوجب الحفاظ علي الممتلكات العامة أو المال العام بل انه جعل الضمان بالمثل أو القيمة في حال اتلافها كلها أو بعضها وحفظ الحق في مطالبة المعتدي بإصلاح ما اتلفه لأنه حق لا يسقط بالتقادم بل يلزم التعويض عما أصابه من ضرر بسبب هذا الاعتداء بل إنه أوجب عقوبة رادعة في حالة سرقتها أو إتلافها. وقال: لا يشك عاقل في أنَّ جميع ابناء الوطن لهم حق في المال العام وأنهم يعتبرونه ملْكًا لهم وأنَّ من اؤْتُمِنَ علي هذا المال فأخذ منه شيئًا فلا شك أنَّه مُعرضى نفسه لسخط الله فما بالنا بمن يعتدي عليها بالحرق أو النهب والسرقة بل انهم يدخلون في الذين قال فيهم رسول الله - صلَّي الله عليه وسلَّم ¢إنَّ رجالاً يتخوَّضون في مالِ الله بغير حقيّ. فلهم النارُ يومَ القيامة¢. وقال في حديث آخر ¢ إنَّ هذا المال خَضِرة حُلوة مَن أصابَه بحقِّه بُورِك له فيه ورُبَّ متخوِّض فيما شاءَتْ به نفسُه من مالِ الله ورسوله ليس له يومَ القيامة إلا النار¢. وطالب الدكتور منير جمعة بإقامة حد الحرابة علي كل المعتدين علي الممتلكات العامة باعتبارهم مفسدين فقال تعالي: ¢ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافي أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيى فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابى عَظِيمى¢. وأوضح الدكتور منير جمعة أن الشريعة الإسلامية حرمت الإفساد في الأرض بكل صوره وأشكاله وليس الاعتداء علي الممتلكات العامة فقط ولذلك قال الله تعالي ¢وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ¢. وجعل الإسلام الفساد في الأرض من صفات غير المؤمنين الذين يحاربون الإصلاح ويدعون أنهم مصلحون فقال الله تعالي ¢ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ . أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ¢. وأشار الدكتور منير جمعة إلي أن المحاسبة ليس للقائمين بالاعتداء علي الممتلكات العامة فقط وإنما تمتد إلي كل من يعاون المفسدين أو يحرضهم بالقول أو المال لإثارة أعمال النهب والسرقة للممتلكات والمؤسسات والمرافق العامة لأن هذا أمرى محرم لا يجوز لأي إنسان أن يقره أو يطالب بالسكوت عليه مهما كانت الأسباب أو المطالب لأن معالجة خطأ او المطالبة بحق ما لا يكون بتدمير أو سرقة أو نهب أو تخريب للمؤسسات والمرافق والممتلكات العامة لأنها ملكى للمجتمع بل إنها قوام الحياة اليومية وبها يتم تسهيل أمور الناس وبالتالي فإن الاعتداء عليها من قبيل الإفساد في الأرض وتعطيل مصالح الناس. وطالب الدكتور منير جمعة كل أبناء الأمة بعدم إتلاف أو سرقة أو الاعتداء علي الممتلكات العامة والتصدي لمن يقومون بذلك بكل ما أوتوا من قوة لأن هذا من قبيل الواجب الديني والوطني الذي يتطلب من الجميع السعي للمحافظة وحماية هذه المؤسسات والممتلكات العامة من العبث والسرقة وكذلك علي كل من أخذ شيئاً بهذا الشكل أن يعيده إلي الجهات الرسمية ليجنب نفسه وأسرته المال الحرام.