"رحلة الحج والعمرة أحكام وتطبيقات" أحدث إصدار للعالم الأستاذ الدكتور شعبان محمد اسماعيل أستاذ أصول الفقه وعلم القراءات بجامعتي الأزهر وأم القري بمكة المكرمة. هذا الكتاب الذي صدر عن دار الصحابة للتراث ومكتبة الراية يعد قيمة علمية وشرعية لما يحتويه من معلومات يحتاجها ضيوف الرحمن المقبلين علي هذه الرحلة العظيمة رحلة العمر كما يقال. والكتاب مع صغر حجمه جاء وافيا بأحكام الحج والعمرة بأسلوب سهل واضح من خلال بيان أحكام المناسك وزمن أدائها شرعاً كما جاءت في حجة الوداع لرسول الله - صلي الله عليه وسلم - عندما قال: "خذوا عني مناسككم". وبالرغم من أن المؤلف - أطال الله في عمره - له مؤلفات عديدة تنحصر معظمها في تخصيص علم القراءات وأصول الفقه إلا أن فكرة تأليف كتاب عن رحلة الحج والعمرة كانت له أسباب ذكرها المؤلف في تقديمه لهذا الكتاب. يقول كان الدافع لكتابة هذه المذكرة المختصرة مع كثرة المؤلفات أن الله تعالي أكرمني بالإقامة في جوار البيت العتيق مايقرب من ثمانية عشر عاما. أديت فيها الحج والعمرة أكثر من مرة. وهذا في حد ذاته عامل مهم في معرفة الخطوات المتبعة وأماكنها المختلفة. فضلا عما كنت أتعرض له من أسئلة مما يعرض للحجاج من ظروف تجعلهم لا يؤدون المناسك تامة في أوقاتها وأماكنها المشروعة. واعترافا بقلة علمي وتحاشيا للإفتاء بغير علم كنت أحيل بعض المسائلين إلي إخواني الأكثر مني علما أو أؤجل السائل الي وقت لاحق حتي أراجع بعض المؤلفات أو أسأل من أثق بعلمه. ونبه الدكتور شعبان في مؤلفه إلي أمر مهم للغاية حتي يستفيد منه الحجاج بصفة عامة والعلماء الأجلاء بصفة خاصة وهو أن كثيرا ممن يتولون الإفتاء في مناسك الحج والعمرة يستدلون علي مايقولون بأن الرسول - صلي الله عليه وسلم - فعل ذلك وقال: "خذوا عني مناسككم". والاقتداء برسول الله من جوهر هذه الشريعة. والله سبحانه وتعالي يقول: "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". وعلماء الأصول قالوا: أن أفعال الرسول - صلي الله عليه وسلم - منها مايدل علي الوجوب ومنها مايدل علي الندب أو مجرد الإباحة. وما فعله الرسول في مناسك الحج منه مايدل علي الإلزام وهوو مايعبر عنه العلماء بالأركان والتي لا يصح الحج بدونها. ومنه مايدل علي ماهو أقل درجة من الإلتزام وهو مايسمي بالواجبات والتي يترتب علي تركها الهدي. ومنه مايدل علي الندب ولاشيء علي من ترك ذلك ووإن كان الأفضل فعلها فإن الخير في الاقتداء به - صلي الله عليه وسلم - وبناء علي ذلك: لاينبغي للعالم أن يستدل علي كل مسألة من مسائل الحج بالحديث الشريف: "خذوا عني مناسككم" ويحمله علي الوجوب. بل عليه أن يوضح حكم كل منسك بما يتفق مع روح هذه الشريعة القائمة علي التيسير ورفع الحرج. ثم طاف بنا المؤلف في هذه الرحلة المباركة حول الاستعدادات التي يجب علي ضيوف الرحمن الأخذ بها عند أداء مناسك الحج أو العمرة مثل التوبة النصوح ووكتابة الوصية وحفظ اللسان من الكلام الفاحش واختيار الصاحب وأن يكون ماله من حلال وان يتعلم كيف يحج ويعتمر ويودع أهله. وتحدث المؤلف عند الآثار التي في الحرم وحكم الشرع فيها مثل الحجر الأسود الذي يعد من أحجار الجنة ومقام ابراهيم عليه السلام وماء زمزم وماله من فضل وشفاء بإذن الله تعالي وحكم مشروعية التضلع من ماء زمزم والركن اليماني وهو ركن الكعبة الغربي الجنوبي والملتزم وحجر سيدنا إبراهيم الذي يعد جزءا من البيت والصلاة فيه كالصلاة داخل الكعبة.