قطب الأقصر والصعيد العالم الفقيه أبوالحجاج الأقصري كان وراء تفوقه ونبوغه في تحصيل علوم الفقه والشريعة والحديث والسنة في صباه حتي أصبح واحد من أكبر علماء الإسلام حشرة الجعران فقد جعلها مثله الأعلي في المثابرة وبذل الجهد من أجل الرفعة وتحقيق الهدف الذي ينشهده. فقد قال رضي الله عنه "كنت في حداثة عمري أسهر وأحبر واكتب فإذا بجعران يحاول أن يصعد أعلي زجاجة المصباح التي أقرأ وأكتب علي ضوئها لكي يقترب من مصدر نورها فقد كان يسقط في كل محاولة للصعود بعد أن يقطع عدة خطوات لكون زجاجة المصباح ملساء وكنت أرقبه بإعجاب وبلغ عدد المرات التي سقط فيها علي الأرض وهو يحاول الوصول إلي مصدر نور زجاجة المصباح سبعمائة مرة في ليلة واحدة ثم تركته وتوجهت لأداء فريضة صلاة الصبح وبعد عودتي للمنزل وجدت الجعران نفسه جالسا فوق منارة المصباح سعيدا بعد أن حقق هدفه". أبوالحجاج الأقصري هو السيد يوسف بن عبدالرحيم بن يوسف بن عيسي ينتهي نسبه إلي الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه ولد في أوائل القرن السادس الهجري ببغداد في عهد الخليفة العباسي المقتفي بأمر الله كان والده يشغل منصبا كبيرا في ديوان الخليفة العباسي وتوفي وابنه صغيرا ولم يترك له عقارا أو أموالا تعينه علي الحياة فعمل في صناعة الغزل والحياكة في حانوت أو "نول" خاص به. وقد التحق أثناء عمله بهذه الحرفة بالمدرسة النظامية التي أنشأها الوزير نظام الملك وزير ملك شاه السلجوقي وذلك في القرن الخامس الهجري وكان صديقا للإمام شهاب الدين السهروردي وبعد أن أصبح أبوالحجاج من أشهر علماء بغداد قرر تركها بسبب الفتن والثورات التي نشبت في عهد الخليفة الناصر لدين الله. اصطحب أبوالحجاج أولاده إلي مكة بعد وفاة والده وزوجته وفيها تعرف علي الشيخ عبدالمنعم الأشقر الذي زوج بناته الثلاثة لأبناء صديقه أبي الحجاج كما عرض عليه أن يزوجه ابنته الرابعة إلا أن الشيخ أبوالحجاج رفض وقال لصديقه الأشقر "لن أتزوج علي أم أبنائي ولست في حاجة للنساء والله وكتبي يؤنسان وحدتي". بعدها قرر أبوالحجاج الأقصري السفر إلي مصر والإقامة بها لما تمتاز به من أمن واستقرار فتوجه إلي دلتا مصر ثم أسيوط وجرجا ثم قوص واستقر به الحال بمدينة الأقصر إحدي أعمال قوص في ذلك الوقت ومعه أولاده وبعض أقاربه وفي الأقصر وصعيد مصر اشتهر الشيخ بالزهد والتقوي والورع وغزارة العلم فسمع بذلك سلطان مصر عماد الدين أبوالفتح عثمان بن صلاح الدين الأيوبي وكان حاكما تقيا يحبه شعب مصر فأسند إليه رئاسة الديوان السلطاني لكنه ضاق ذرعا بهذا المنصب فتركه وسافر إلي الإسكندرية وبقي بها أياما قليلة ثم هجرها عائدا إلي مدينة قوص وفيها التقي بقطبها عبدالرحيم القنائي وذلك قبل رحيل الأخير إلي مدينة قنا وبعد ذلك قرر أبوالحجاج الأقصري العودة مرة أخري إلي بلدته المحببة إلي قلبه الأقصر وتوفي بها.