وصف شباب 7 دول عربية ثورات الربيع العربي بأنها خطوة أولي نحو التحول الديمقراطي والتقدم العلمي والاجتماعي والثقافي والسياسي للأمة العربية والإسلامية. مؤكدين أن القضية الفلسطينية من أكثر المستفيدين من هذا الربيع لما طرأ عليها من تركيز واهتمام وضعها في صدارة القضايا العربية والاسلامية وجعلها محوراً وعنصراً مشتركاً في كل الثورات الشعبية. حذروا من ابتعاد السياسيين عن تلبية احتياجات ومتطلبات الشعوب في سعيهم لإحداث التغيير لأن ذلك يولد الكفر بالتغيير عند العامة. مشيرين الي أن التغيير في حد ذاته هو من سنن الكون الإلهية ويحقق درجة الاستخلاف في الأرض. ونبهوا الي ضرورة انتهاج سياسة التدرج وليس التغير السريع لأنه لا توجد عصا سحرية تستطيع ايجاد حلول لكل المشاكل والأزمات بين ليلة وضحاها. وهذه حصيلة آرائهم حول التغيير والتحول في العالم العربي علي هامش مشاركتهم في المؤتمر الثالث لمنظمة فوز شباب الدولية بالقاهرة مؤخراً: يوضح فتحي الطهناوي مدير التدريب بالمجموعة المصرية لخدمات التدريب والدعم الفلني - أن التغيير كمصطلح عام يقصد به الانتقال من واقع مالي الي مستقبل منشود لكنه كقضية إذا سار بدون معادلة أو معايير أصبح غير ذي جدوي أو فائدة بل ضاراً بالمجتمع. والتغيير يقصد به تغيير الأفراد وهذه سياسة طويلة المدي. احتياجات الناس ويطالب "الطهناوي" القيادات والمسئولين بضرورة الاهتمام بتحقيق مطالب واحتياجات عامة الناس خاصة في فترات الثورات حتي يشعروا بأهمية التغيير والثورة وإلا أصيبوا بالاكتئاب والإحباط واليأس ومن ثم الكفر بالثورة ذاتها وهذا للأسف الشديد ما حدث في مصر خاصة مع طول المرحلة الانتقالية وعدم شعورهم بتحقيق أي من طموحاتهم وآمالهم. هذا بعكس الحال في ثورة يوليو التي اتخذت قرارات فورية حتي وإن اختلفنا حولها إلا أنها أشعرت عامة الناس بوجود التغيير ولصالحهم. خليفة الله في الأرض ويري براء زيتون - من دمشق بسوريا - أننا كبشر مخلوقون للتغيير والانتقال من الحسن الي الأحسن. وأن نغير كل شيء بداخلنا وعقولنا ومجتمعاتنا لأننا نطمح للوصول الي استحقاق درجة الاستخلاف في الأرض والتي أرادها الله تعالي لنا كما ذكرها في كتابه الكريم: "إني جاعل في الأرض خليفة" ويتحقق هذا بفعل وسلوك السنن الكونية والإلهية ومن ثم الوصول الي مرحلة التغيير وهو تغيير في الناس والواقع والمجتمعات والحكومات ومن ثم تغيير العالم لا لمجرد فكرة التغيير فحسب بل حتي نصل الي تطبيق شرع الله كما أمرنا سبحانه. التغيير الداخلي ويؤكد احمد محمد بامنيف - معلم/ من مكةالمكرمة - أن التغيير لابد وأن ينشأ أولاً في التكوين الداخلي للفرد قبل أن يسعي لتغيير أي شيء آخر حوله باعتباره جزء من نواة الكيان الذي يعيشه ويريد تغييره. فإذا لم يتغير هذا الفرد ذاته فلن يستطيع تغيير ما حوله. ثم يبدأ بعد ذلك في توسيع دائرة التغيير وتكبر لتشمل من يعول ومن حوله من الأسرة والمجتمع والجيران وهكذا حتي يصل الي الكون كله. الطريق الصحيح يتفق معه أشرف جهاد أبودية - من غزة بفلسطين - موضحاً أن التغيير للإيجاب والأفضل هو الطريق الصحيح أما عكسه فهو مرفوض. والشاب الفلسطيني يؤمن بالتغيير باعتباره سنة كونية لكنه يطمح لوضع أفلضل لقضيته. فالفلسطيني أول من اجتهد وابدع في تطبيق هذا المفهوم من حيث انه كان ينظر لضرورة وجود تغيير في العالم العربي والاسلامي تجاه القضية الفلسطينية التي عانت طويلاً من ركود وجمود نتيجة ممارسة الأنظمة العربية للقهر والظلم وكبت الحريات. لذا عندما بدأ ربيع الثورات العربية ششهدت القضية الفلسطينية تغييراً إيجابياً وأحيت ضمائر الشعوب العربية والاسلامية تجاه القضية المحورية. يضيف "أبوديه": إننا نطمح لتغيير الوضع المأساوي للفلسطينيين الذين يعانون العدوان والحصار. وقد غيرت ثورات الربيع العربي من هذا كثيراً. فأصبحنا نري الأمة العربية تحتضن الشباب الفلسطيني وتخفف من آلامه وجراحاته وهذا لم يكن موجوداً بهذا الشكل في السابق. أما اليوم فقضيتنا الفلسطينية هي محور أساسي في كل الثورات العربية بل تجمع عليها كل الشعوب في شعاراتها وندائها نحو التغيير. والفلسطيني يدرك أن عرقه العربي الاسلامي هو الذي يستطيع النهوض بقضيته وأن العدو الصهيوني ما تجرأ في عدوانه إلا عندما رأي الأمة مشتتة ولكن بعد ثورات الربيع العربي بدأ العدو يتخوف علي مصالحه وينزعج من شعارات تلك الثورات التي كانت في صالح القضية الفلسطينية. ويقول عبدالرحمن النهاري - مدير مؤسسة أثير ميديا للخدمات الإعلامية بالحديدة باليمن -: الشيء الثابت الوحية في هذه الحياة هو التغيير. وينبغي أن تكون مساراته في اتجاهين.. الأول: التغيير الاجتماعي. والثاني: التغيير السياسي.. ويسيران بالتوازي والتوازن. وهذا مهم جداً لأنه يغلب الظن عند طرح فكرة التغيير أن ينسبح الفهم علي التغيير السياسي فقط وهذا خطأ كبير لأننا بحاجة ماسة الي المزيد من فهم التغير الاجتماعي ووسائله وأدواته فهو التغيير الاستراتيجي الذي يحدث تغييراً حقيقياً علي المدي البعيد وفي كل مناحي الحياة. أما التغيير السياسي فهو تغيير اللحظة ونتيجة لعملية التغيير الاجتماعي المتراكمة. ونحن في الوطن العربي مارسنا مهام التغيير الاجتماعي لكننا لم نؤصل لهذه القضية ولم ننشر الوعي حولها. ولكن الآن وبعد تحقق ثورات الربيع العربي فلابد من أن نجعل التغيير يتم في مساريه حتي تحقق ا لأهداف المرجوة. ويركز "النهاري" علي ضرورة أن تكون المنصة الرئيسية للانطلاق نحو التغيير هي الذات والنفس أولاً وأن تتميز وتتصف هذه العملية الوجدانية بسمات صالحة للاستخدام والاستمرار. تحسين الأوضاع من جانبه يشير بدر عبدالله محمد - من السعودية - الي أن التغيير عامة هو الانتقال للوضع الأصلح والنهضة بالوطن. وآلياته تختلف حسب طبيعة كل دولة طبقاً لما تحتاجه من متطلبات للوصول الي النهضة. فهناك دول تحتاج لمزيد من التحرك الشبابي لتحقيق النهضة بغض النظر عن تغيير نظام الحكم. وكذا تنمية القطاع الأهلي وهكذا. ويتفق معه زميله يحيي حمدي من أن التغيير هو حاللة الانتقال من صورة سلبية الي أخري حسنة وإيجابية تشمل كل الجوانب الانسانية من فكرية وعقلية وثقافية فهو يسعي لدرجة من الأفضلية والكمال. والرغبة في فرضه من الخارج لن تنجحه فلابد من التغيير الداخلي في ذات كل إنسان أولاً وهو عليه أن يرتب بيته ثم أسرته ومجتمعه وهكذا حتي ينجح التغيير في إصلاح نفوسنا وذواتنا ثم مجتمعاتنا. يؤيدهما حمزة عبدالله - من البحرين - مشدداً علي ضرورة أن ينشد الشباب التغيير في جميع نواحي الحياة الشخصية والاجتماعية والفكرية وليس التركيز علي الجانب السياسي فقط. فالمشكلة الآن أن طرح التغيير ينسحب علي التغيير السياسي فقط وهذا بسبب الأوضاع الراهنة. بل لا يكون التغيير للصور السلبية أيضاً وحسب بل أيضاً حتي الايجابية لأن هناك صور إيجابية أفضل منها. ويؤكد أحمد حسن عجبنا - مدير شركة كيب أب بالعاصمة السودانية الخرطوم - أن التغيير المطلوب هو تغيير النفوس قبل الأنظمة والحكومات لأن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم. ويضرب مثلاً بالتغيير المطلوب ي السودان فيقول: نحتاج الي أربعة أشياء هامة وضرورية لإحداث التغيير المنشود.. أولها: غرس وتعميق الوطنية والانتماء في نفوس الشباب السوداني. فهل يعقل أن مواطن يحمل السلاح ضد بلده واستقلالها واستقرارها؟ لقد حدث هذا سودانياً!! ثانيها: الحفاظ علي الممتلكات العامة. فلا يعقل أن نخرب وندمر ممتلكاتنا الوطنية ونحن نسعي التغيير والإصار فوضي وتدميراً. ثالثها: نبذ القبلية التي يعلو صوتها فوق كل صوت آخر حتي وان كان صوت الوطن الانسانية والدين!! رابعها: محاربة الفساد فبدون تطهير المجتمعات لن يكون للتغيير تأثيره المرجو ولن يحقق أهدافه المنشودة. المسئول الأول ولتأصيل وتعميق مفهومنا للتغيير الحقيقي كان لقاؤنا مع الخبير التربوي الدكتور عبدالله علي الجملي - الداعية وأستاذ اللغة العربية بجامعة الامام محمد بن سعود بالسعودية - الذي أكد أن تحقق عملية التغيير في المجتمع يأتي ببناء المناهج التعليمية التربوية وتعزيز الجوانب السلوكية في الأفراد وعدم الاكتفاء بالنظريات بل الوصول لمرحلة السلوك والتطبيق والعمل البناء فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا عند حفظهم لآيات الكتاب الكريم لا يتجاوزون العشر آيات حتي يتعلموا ما فيها ويطبقوه فعلياً. فالمناهج هي المسئول الأول في التغيير. وحول رؤيته لثورات الربيع العربي يقول "الجملي": لاشك أن أي انسان عاقل يفرح بالتغيير إذا كان تغييراً من الفساد الي الصلاح أو من الصالح الي الأصلح. لكن يجب علي الشباب إدراك أنه بحاجة لتغيير داخلي ذاتي وليس مستنسخاً. صحيح انه يستفيد من تجارب الآخرين بحيث تكون ملهمة له للتغيير في النفوس والبيئة ودوائر التأثير المختلفة التي يمكنهم التأثير فيها. يضيف: وشباب اليوم يحتاج لعمل وجهد كبير وتكاتف أصحاب العلم والتربية لإنقاذهم من حالة التبعية المادية والشهوات والنزوات وانغماسهم فيها حتي نستطيع بناء الانسان والحضارة التي ننشرها لمجتمعاتنا.