كلمة الضرورة في هذه الأيام تلقي رواجا في غير موضعها وهو اتجاه خطير لتسويق الربا وإجازته من نافذة الضرورة وعند هذا يقول المرحوم الشيخ محمد أبوزهرة: "تقرر أن الضرورة لا يتصور في نظام ربوي. بل تكون في أعمال الآحاد إذ أن معناها أن النظام كله يحتاج الربا كحاجة الجائع الذي يكون في مخمصة إلي أكل الميتة أو لحم الخنزير أو شرب الخمر. وان مثل هذه الضرورة لا تتصور في نظام كهذا النظام". ثم يتحدث الشيخ أبوزهرة بعد ذلك موضحا حدود الضرورة عند الفرد التي يتيح له المحظور فيقول: "أما الضرورة فهي ما يترتب علي تركه تلف النفس أو عضو من أعضاء الجسم". ومن أي نوع حاجة الاقتصاد الإسلامي إلي الربا؟ مع العلم بأن ربا النسيئة فقط هو الربا الجلي وهو محرم لذاته لا لغيره. فهو لا يباح للحاجة إنما يباح فقط للضرورة. ولقد قرر الفقهاء أنه لا يؤخذ من المحرمات التي تباح للضرورة إلا ما يسد الرمق فهل المسلمون الآن سدت أمامهم كل طرق الكسب الحلال حتي يستباح الربا باسم الضرورة؟ اللهم لا. إن الحلال بين والحرام بين واننا قبل أن نستحل الربا ونفتي به تحت نافذة الضرورة علينا أن نعمل علي تغيير الأوضاع الاقتصادية التي قامت عليه وأن نفتح باب الكسب الحلال علي مصراعيه. ونري زيادة في الايضاح للضرورة بيان ما قاله العلماء الفقهاء في حدود الضرورة الشرعية وفي دائرة الأفراد لا الدول أو النظم. - يشترط أن تكون الضرورة ملجئه بحيث يجد الفاعل نفسه أو غيره في حالة يخشي منها التلف علي النفس أو الأعضاء. - يشترط أن تكون الضرورة قائمة لا منتظرة. فليس للجائع أن يأكل الميتة قبل أن يجوع جوعا شديدا يخشي منه علي نفسه. - ألا يكون لدفع الضرر وسيلة إلا ارتكاب هذا الأمر. فلو أمكن دفع الضرورة بفعل مباح. امتنع دفعها بفعل محرم. فالجائع الذي يستطيع شراء الطعام ليس له أن يحتج بحالة الضرورة إذ سرق طعاما. - أن يدفع الضرورة بالقدر الكافي اللازم لدفعها فليس للجائع أن يأخذ من طعام غيره إلا أن يرده.