إن الرئاسة أمانة فهي إما كرامة وإما أمانة. فكيف إذا كانت رئاسة مصر فولاية مصر كما قال فاتحها المبارك عمر بن العاص تعدل الخلافة. أي تساوي الخلافة. فمصر هي القلب وهي الرأس وما يجري الآن علي أرضها حدث تاريخي كبير قد لا يعرف كثير من أهل مصر خطره وقدره. وأنا أقدر ما عاناه أهل مصر طيلة الأشهر الماضية فقد أصيب كثير من أهلنا بنوع من الإحباط والخوف والقلق. ولم يخرج كثير منهم سلبيا بقدر ما أراه إنه اعتراضا منه علي هذه الأوضاع المؤلمة. ولكن علي أي حال فمصر تمر الآن بحدث تاريخي فريد. وربما لم يجرِ علي أرض مصر منذ أكثر من ألف سنه أن يختار أهل مصر رئيسهم بإرادتهم. واختيارهم الحر بلا تضليل أو تزوير أو فرض لإرادات مزيفه أخري فالرئاسة أو الإمامة أو الولاية أو الحكم كما عرفها الإمام الموردي في الأحكام السلطانية أن الإمامة موضوعة لخلافه النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به. بينما الخلافة الحكم . وإن الإمامة موضوع لخلافة النبوة وخلافة الدين وسياسة الدنيا به هذا هو الأصل هذا هو الهدف. فما قيمة الحياة المترفة؟ بلا دين وأعلم أن الناس في ضغط نفسي مؤلم. ولكن يجب أن أطرح هذا السؤال لا أريد الناس أن يعيشوا في ضنك. لكن أريد أن أذكر بالأصل الأول والغاية التي خلقت من أجله الإنسانية بل خلقت من أجله الدنيا كما قال الله تعالي في كتابه الكريم: ¢وما خلقت الجن والإنسان إلا ليعبدون¢ فالخلافة موضوعة لخلافة الدين. وقال الإمام الجويني في كتاب غيث الأمم عرف الإمامة ب ¢رئاسة تامة وزعامة مختصة بالخاصة والعامة بمهمات الدين والدنيا لذا فالإمامة أو الرئاسة واجبة باتفاق أهل السنة فواجب علي الأمة أن تختار لها إماما أو حاكما أو رئيسا وجميع مقاصد الإمامة إقامة حكم الله عز وجل علي الوضع الذي شرعه سبحانه وتعالي في سورة الحج ¢الذين إن مكانهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الذكاه وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر¢. وإن كثيرا من الناس فاسقون فأبحكم الجاهلية طالبون. أي أن هناك من يقاتل من أجل الرئاسة والإمارة. وهناك من ينتهكون العرض والدماء ليحصل علي هذا الكرسي الذائل. فلو إنكم ستحرصون علي الإمارة ستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبأست الفاطمة. إنني أتمني من رئيس مصر أن يقرأ خطبة عمر بن الخطاب التي ألقاها بعد توليه الخلافة. فمشكلة مصر في أسطر قليلة وليست في برامج كثيرة. أقول لرئيس مصر القادم الذي اختاره شعب مصر بإرادته وحريته بلا تضليل أو تزوير أو إكراه مسئوليتك كبيرة وعظيمة. فلقد تعب الناس جميعا وسئموا ويريدوا أن يشعروا بالأمن والأمان والرخاء والسعادة والبركة والأمر يتطلب الكثير من التوبة والعودة لله والتسامح والتصالح مع كل الأطياف. ولا أريد أن تكون البداية انتقامية مع كل الأعداء والخصوم. فعلينا أن تكون بداية عودة لله جل وعلا ولمنهج النبي ولسعادتنا لن تكون الا بامتثال أمره والوقوف عند حدوده. فلابد أن نتغير جميعا من أعماقنا وأن ننظف قلوبنا من الحقد والغل والشرك والشهوات ويجب أن نطهر أيدينا من الرشاوي. إن المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد لا تحتاج إلي ¢الإتيكيت¢ الفكري ودبلوماسية الحوار التي ينتهجها البعض مع العزة بالإثم والجدال بغير حق. ولكنها تحتاج إلي عطاء وجهد ومصارحة مع الآخر. ومصالحة وصدق مع الله حتي تحكم شريعته وتسود سنة نبيه. وأطالب الدكتور محمد مرسي وقيادات الإخوان المسلمين بعمل مصالحة شعبية مع كل القوي الوطنية من خلال رسائل طمأنة. وفتح باب للخير حتي ينعم الجميع بالشريعة وخيرها الذي يظهر نتاجه في الدنيا قبل الآخرة. وأبعث برسالة طمأنة إلي الأقباط بأننا لن نسمح بظلم قبطي في ظلال الشريعة الإسلامية. لأنهم أهل ذمة الله ووصية رسوله صلي الله عليه وسلم . وإن مصر تمر بأخطر مرحلة في تاريخها المعاصر. وكل سكانها وأصحاب الأفكار من السلفيين والإخوان والليبراليين واليساريين والأقباط يركبون في مركب واحد. إن نجت نجوا جميعا. وإن هلكت هلكوا جميعا. لذلك فللصوت الانتخابي أثر إيجابي سواء أدلي به المواطن أو بخل به. ولكننا نرفض ونأبي أن يتهمنا أحد بعدم النضوج الديمقراطي. فالشعب المصري يشبه بذور الزهور التي توضع في الأرض ويهال عليها التراب والطين. ولكن تشق الأرض وتتفرع وتنبت زهرا يفوح علي الكون بعبيره. والإنسان المصري كالنيل يسير محملا بالخير والفضل والرزق ولكنه إذا غضب يدمر كل شيء. لقد أخطأالإسلاميون في الخطاب والحوار. و يجب أن نعترف بالخطأ ولا ندفن رءوسنا في الرمال كالنعام. كفانا عنادا وكبرا وعنجهية لا تغني ولا تسمن من جوع. فلن نكون خونة لربنا ولديننا وسنبذل النصح لأي قائد يتولي زمام هذا البلد ولو كان من الإخوان المسلمين ولقد دفنت العصمة يوم مات رسول الله فلا عصمة لأحد حتي نقول نحن لا نخطئ فكل بن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. وأقول للجميع لا تخشوا شريعة الله في الحصن والأمان. وددت لو خاطبت كل مصري وكل مصرية علي حدة أشرح لهم الدين بيسره وسهولته ورفقه ولينه ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ولن يضار أحد في ظل الشريعة الإسلامية التي توصي بالمسلم وغيره من أهل الكتاب وتقدر حقوق الإنسان وآدميته وتعلي من شأنه ورفعته. لكن الإعلام المتلاعب المتشنج الذي يقدم الضجيج الفارغ المعني اعلام مزور يشحن صدور الناس ضد الشريعة السمحة السهلة اللينة. ولكن رغم كل هذه الاموال التي تبذل والمؤامرات التي تحاك سينعم العالم كله وكل الأديان في ظل تطبيق الشريعة السمحاء بنعم لا حد لها .