يعد الشيخ محمد رفعت من أعظم قراء القرآن الكريم علي مر العصور.. فقد استطاع بصوته العذب الخاشع أن يغزو القلوب والوجدان في قراءاته للقرآن.. وكان صوته الشجي ولايزال يشرح الآيات ويفسرها وهو في قمة الخشوع والأثير.. فكان رحمه الله أسلوباً فريداً ومدرسة متفردة.. وأحد الأقطاب الذين ساهموا في تشكيل وجدان الشعب المصري.. فكان كفاحه الأكبر في تنمية موهبته وصقلها. كما كان همه طيلة حياته تلاوة القرآن الكريم وتبليغ رسالته. وتميز بأمانته وحسن صوته وموسيقية الأداء حتي أطلق عليه قيثارة السماء. وبعد 62 عاماً علي وفاته رحمه الله وبعد افتتاح العديد من المدارس القرآنية الأخري في فن التلاوة.. ماذا يقول شيوخ التلاوة عن مدرسة الشيخ محمد رفعت. يقول الشيخ محمد محمود الطبلاوي نقيب الجمهورية إن الشيخ العملاق محمد رفعت ليس في حاجة لأن نتكلم عنه فهو عمدة المقرئين.. وأري أن كل الأسماء الكبيرة رحلت ودفنت أسماؤهم معهم إلا مولانا الشيخ محمد رفعت فمازال موجوداً بيننا بصوته العذب وبتقواه. وكان رحمه الله يقرأ القرآن للقرآن. شرفت برؤيته أكثر من مرة. كان طيب القلب. زاهداً في الدنيا.. طلبت منه النصح فأوصاني بألا أكف عن مراجعة القرآن مهما حدث قائلاً لي: اقرأه وأنت تمشي. راكب السيارة. في العمل المهم أنك تقرأ. صوت فريد ويقول الشيخ أحمد محمد عامر شاءت إرادة الله أن تتلقي أذني صوت مولانا الشيخ محمد رفعت لأول مرة قبل وصول الكهرباء.. حيث كتب الله لي أن يتوفي شيخي الذي يحفظني القرآن الشيخ الشرباص فذهبت إلي قرية العزيزة مركز المنزلة لأكمل تعليمي عند شيخي إبراهيم نجم وعند وصولي إلي المنزلة وجدت مقهي كبيراً وله راديو كبير الحجم ولاحظت أن رواد المقهي يلتقون حول هذا الراديو تاركين أدوات التسلية والمشاريب ليسعدوا بصوت العملاق الشيخ محمد رفعت وهو يقرأ القرآن بصوت معجز وكأنه من الجنة ومن خلال تلاوته عليه رحمة الله وجدت أن صوته يجذب الآخر بشدة من أول ما يقرأ حتي ينتهي صوت مفيش زيه ليس له مثيل.. مما دفعني أن أقوم بشراء جهاز الراديو المزود بالحجارة لأتمكن من سماعه وحاولت أن أقلده كثيراً فلم أستطع ودفعني حبي للشيخ رفعت إلي الذهاب إلي القاهرة لمقابلته بالمسجد الذي كان يقرأ فيه سورة الجمعة فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب رضي الله عنها وإذا بي أجد المسجد قد امتلأ عن آخره من الساعة التاسعة والنصف صباحاً فلا يوجد موضع لقدم حباً في الشيخ رفعت رحم الله الشيخ رفعت فقد كان أول شيء تفتحت أعيننا عليه. صوت من الجنة من جانبه قال الشيخ محمد السيد ضيف حينما أسمع مولانا الشيخ رفعت يخيل إليّ إنه ولد في الجنة ثم أهداه الله لنا ليقرأ لنا في الدنيا لنشعر بحلاوة القرآن وجماله بعد خروجه من هذه الحنجرة الذهبية الربانية.. وأقسم بالله العظيم انني سمعته ذات مرة وأنا نائم مستغرق في النوم فاستيقظت علي صوته وأحسست انني مت وأدخلني ربي الجنة وأنني أسمع هذا الصوت في جنة عدن. أضاف الشيخ ضيف: الشيخ رفعت ليس ككل القراء الذين نسمعهم في عصرنا فهو صاحب الصوت الملائكي والخلاصة أنه معجزة القرن العشرين والواحد العشرين. قيثارة السماء بحق ويغوص الشيخ محمد الهلباوي في بحر علم نغم الشيخ رفعت فيقول: أقيم صوته فأقول: صوت قيثارة السماء فضيلة الشيخ محمد رفعت. ندي. نادر. نحيل. ندي.. يجذب الآذان حتي تنتهي تلاوته نادر.. صوت نادر الوجود. يملك الدواوين الثلاثة "أكتاف". ووصف النحيل أي أن صوته ليس بعريض أي ليس بخشن يعني ذهبي والنحيل مثقف أي درس المقامات الصوتية الشرقيةوالغربية لأنه كان يستمع إلي الموسيقات الغربية "موت سارت" المعروفة عند الفرنسيين موزار. وهي موسيقات عالمية واستمع الشيخ رفعت إلي الموسيقات الشرقية مثل بلاد فرس وتركيا والعراق. أما نادر فأقول: نادر الوجود فلم نستمع إلي صوت جاء قبله أو بعده. يواكب الكلمة بمكانها.. بمعني أنه إذا قال الشيخ رفعت: "السماء" تكون عالية بالجواب العالي وإذا قال: الأرض يصبح من القرار وإذا قرأ من المنتصف يقولها من الوسط أي ما بين الجواب والقرار وهكذا وكان الشيخ رفعت يصور معني الجملة بالمقامات أي إذا تلا قوله تعالي: "وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ".. هذه بشارة.. والبشارة تقال بمقام الفرح وهو مقام "الراست".. وإذا تلا قول الله: "قال إنما أشكو بثي وحزني إلي الله" يقولها بمقام الصبا وهو مقام الحزن فنراه يبشر في مقام البشارة وينذر في مكان الانذار. وهذا الرجل كان ولياً من الله وأفضل قصة قصَّها لنا ولده حين قال حسين: كان أبي يصلي العشاء في مسجد السيدة زينب إن لم يكن عنده مواعيد. وفي يوم من الأيام صلينا العشاء ثم خرجنا من المسجد وأنا معتقد أننا سنتوجه إلي البيت فإذا بوالدي يقول لي: لا تتجه ناحية البيت يا حسين سنذهب إلي شارع مارسينا.. يقول حسين محمد رفعت: فذهبنا بالكارتة إلي هناك وأنا متعجب وهناك رأينا حفل "مأتماً" فقال لي والدي: توقف هنا.. وحينما توقفنا وجدت الجميع يلتف حول والدي.. فقال لي والدي: يا حسين اذهب واحضر إليّ صاحب المأتم بسرعة. فأسرعت وأحضرت له صاحب المأتم وكان شاباً صغير السن فوجدت والدي يقول له: ألم توصك أمك قائلة لك عندما أموت تأتي لي بالشيخ محمد رفعت فهو الذي يقرأ مأتمي؟ فتعجب الشاب وقال: نعم هي أوصتني بذلك ولم يكن معنا إلا الله فمن الذي أعلم الشيخ رفعت بذلك وقال الشاب للشيخ رفعت ولكني يا مولانا لا أملك مالاً حتي أنفذ وصية أمي فقال الشيخ يابني إن الوصية لابد وأن تنقذ فاذهب إلي من يقرأ واستأذنه في أن أنفذ الوصية. واختتم الشيخ الهلباوي: فمن أخلص للقرآن كما كان يفعل الشيخ رفعت فتح الله عليه ما لم يكن في وسعه وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم القائل في حديثه الشريف: "رب قاريء للقرآن والقرآن يرحمه" رحم الله الشيخ رفعت رحمة واسعة.