* أحمد كمال حلمي من الباجور منوفية يقول فيه: في درس من دروس العلم بالقرية سأل أحد عن حكم إيجار الأرض الزراعية مع انه معروف ففاجئنا الشيخ بقوله إنه حرام لأنه ورد في صحيح البخاري أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه. فإن أبي فليمسك أرضه" ثم قال: هذا قول رسول الله صلي الله عليه وسلم واضح في التحريم. وضج الناس في المسجد بين مؤيد ومعارض وكادت أن تحدث فتنة فما هو الرأي الصحيح في هذه المسألة نرجو الإفادة. ** يقول الشيخ عادل عبدالمنعم أبوالعباس عضو لجنة الفتوي بالأزهر: من أخطر ما يواجه الفتوي في هذا الزمن هؤلاء الذين يهرفون بما لا يعرفون. فبمجرد أن حفظ الواحد منهم حديثاً وقرأ معناه الظاهر توهم أن هذا هو الحكم وأطلق القول بالتحريم أو التحليل. دون أن تكون عنده معرفة بعلوم الحديث وأصول الفقه من مطلق ومقيد. وعام. وخاص. ومجمل ومبهم وما الي ذلك مما هو معلوم عند طلاب العلم. والأدهي أنك إذا قلت لهؤلاء قال مالك أو قال الشافعي قال لك أنا أقول لك قال رسول الله وأنت تقول لي مالك والشافعي. إن ما ذكره المتحدث حديث صحيح ورد في أصح كتب السنة لكن فتواه هي الباطلة لعدم معرفته بأصول الفقه وعلوم الحديث. فكراء الأرض وإيجارها جائز وصحيح سواء كان الإيجار بالنقود أو ببعض ما تخرج الأرض المؤجرة حسب ما تعارف عليه الناس. وقد صح ان النبي صلي الله عليه وسلم عامل أهل خيبر أن يزرعوا الأرض علي نصف ما يخرج منها. واستمر ذلك مدة خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر رضي الله عنهما حتي أحلاهم منها. وهناك باب كامل في كل كتب الفقه بمذاهبه المتعددة يسمي باب المزارعة وقد ورد النهي عن المزارعة في جملة أحاديث غير الذي ذكره المتحدث منها ما رواه مسلم عن ثابت بن الضحاك أن رسول الله صلي الله عليه وسلم نهي عن المزارعة.. وهناك احاديث متعددة تحمل هذا المعني. لكن هذا النهي خاص بالمزارعة الفاسدة التي يشترط فيها خراج جزء معين من الأرض يدل علي ذلك ما رواه مسلم عن حنظلة قال: سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والفضة فقال: لا بأس به. إنما كان الناس يؤاجرون علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم علي أقبال الجداول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا. ويسلم هذا ويهلك هذا. ولم يكن للناس كراء إلا هذا. فلذلك زجر عنه. فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به" قال الإمام ابن حجر: في هذا الحديث بيان لما أجمل في المتفق عليه من إطلاق النهي عن كراء الأرض. والخلاصة: إن إيجار الأرض بالنقود أو بالمتفق عليه بين صاحب الأرض والمستأجر حلال ومتفق علي حلة. فليسكت هؤلاء الذين يشتتون أفكار الناس علي شيء معلوم بينهم منذ مئات السنين. فالفتوي بغير علم جريمة نهايتها وخيمة. والله أعلي وأعلم.