يجب أن نقرأ القرآن الكريم ونحن موقنون بالحقائق التالية: أولاً: أنه كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله. وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية. في نفس لغة وحيه "اللغة العربية". وحفظه علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرناً. وتعهد بهذا الحفظ الإلهي تعهداً مطلقاً حتي يبقي القرآن شاهداً علي الخلق أجمعين إلي يوم الدين بأنه كلام رب العالمين. وشاهداً بالنبوة وبالرسالة للنبي الخاتم الذي تلقاه. وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالي مخاطباً خاتم أنبيائه ورسله صلي الله عليه وسلم : "ويوم نبعث في كل أمة شهيداً عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيداً علي هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدي ورحمة وبشري للمسلمين" النحل: 89 والتعبير القرآني "تبياناً لكل شيء" يعني: كل شيء من أمر الدين بركائزه الأربع الأساسية: العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات. ولو شاء الله سبحانه وتعالي أن يجعل القرآن الكريم تبياناً لكل شيء من أمور الدنيا أيضاً لكان القرآن الكريم مجلدات عديدة لا يمكن للفرد الواحد أن يتمه قراءة في عمره كله. فضلاً عن حفظ نصه. والعمل به. ودليلنا علي ذلك أن الله تعالي لم يخبرنا في القرآن الكريم عن جميع أنبيائه ورسله وهم جمع غفير كما أخبر بذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم . ثانياً: أنه الكتاب السماوي الوحيد الذي تعهد ربنا تبارك وتعالي بحفظه. فحفظ في نفس لغة وحيه علي مدي الأربعة عشر قرناً الماضية وحتي القرن الحالي "وهو القرن الهجري الخامس عشر". وسوف يظل محفوظاً بحفظ الله تعالي إلي ما شاء الله لأن الوعد الذي قطعه ربنا تبارك وتعالي علي ذاته العلية بحفظ هذا الكتاب الكريم هو وعد مطلق. وهو وعد لم يقطع لرسالة سابقة أبداً. وذلك لأن كل رسالة من الرسالات السابقة كانت محددة بأقوام معينين وكان حفظ كل رسالة منها قد ترك لاتباعها فضيعوها. وهذه آيات القرآن الكريم تشهد علي ذلك بقول ربنا تبارك اسمه : 1 "أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون" البقرة: .75 2 "من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا لياً بألسنتهم وطعناً في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيراً لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلاً" النساء: .46 3 "فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به ولاتزال تطلع علي خائنة منهم إلا قليلاً منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين" المائدة: .13 4 "يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم يتؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم" المائدة: .41 ثالثاً: إنه كتاب معجز في كل أمر من أموره. لأنه كلام الله. الخالق. الباريء. المصور. فهو ليس بالشعر ولا بالنثر. ولكنه نمط فريد من الصياغة العربية لم تعرفه العرب من قبل. وعجزوا عن الاتيان بشيء من مثله وهم في قمة من الفصاحة والبلاغة وحسن البيان لم تتكرر في تاريخ الأمة العربية. والاعجاز في القرآن الكريم ليس مقصوراً علي نظمه كما يدعي البعض. فما من زاوية من الزوايا ينظر منها إنسان محايد إلي هذا الكتاب العزيز إلا ويجد منها وجهاً من أوجه الاعجاز الذي يشهد للقرآن الكريم بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية. وفي ذلك يقول تعالي :"وما كان هذا القرآن أن يفتري من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين. أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين" يونس: 37. .38 "إنه لقرآن كريم. في كتاب مكنون. لا يمسه إلا المطهَّرون. تنزيل من رب العالمين" الواقعة: 77. .80