مظاهر البذخ والإسراف - أي الفشخرة - من الظواهر الخطيرة التي لها عواقب وخيمة علي الفرد والمجتمع. خاصة ان مجتمعنا يعاني من البطالة وسوء الأحوال الاقتصادية وتوقف عجلة الإنتاج وارتفاع الأسعار. ومحدودو الدخل يمثلون حوالي 70% تقريباً. والدخول لا تكفي الانفاق حتي يوم عشرة من الشهر. ومع ذلك نجد بعض الناس الذين يحبون الظهور والتباهي بما يملكون ينفقون ببذخ وإسراف غير معقول في سهراتهم وأفراحهم - بل وفي مآتمهم - لكي يتم - بزعمهم - اضفاء صفة الوجاهة الاجتماعية عليهم. كما أن صور الانفاق ببذخ في الدعاية الانتخابية - بحيث أصبح بوستر للمرشح لكل مواطن - وكذلك في الإعلان عن السلع الغذائية والوسائل الترفيهية أو التحسينية. شيء يجعل الحليم يثور والفقير يخرج علي الناس بسيفه. فهذا الانفاق ببذخ يثير اسئلة كثيرة معظمها يتعلق بمصادر دخل هؤلاء. من أين اكتسبوها؟ وهل قاموا بأداء حقوقها؟ ومدي إحساسهم بالفقراء الذين لا يجدون ما يكفيهم؟ وهل قاموا بواجبهم الاجتماعي والديني؟ أولاً: حرم الإسلام الإسراف والتبذير والانفاق ببذخ: فقال تعالي: "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا" الإسراء "27". ثانياً: المال فتنة وابتلاء أي نعمة أو نقمة - فمن رزقه الله المال الكثير وجب عليه فيه حقوق كثيرة كالانفاق في أبواب الخير وإطعام الفقراء والمساكين وفي المرافق العامة التي تعود بالنفع علي الجميع أفراداً وجماعات فقراء وأغنياء. لأن حق هذه النعمة التي أنعم الله عليها بها ألا ينفقها ببذخ في غير وجهها الصحيح. ومن هنا قال الله تعالي: "وفي أموالهم حق للسائل والمحروم" الذاريات "19". وقال تعالي: "ويطعمون الطعام علي حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً" الإنسان "8". عليهم مع تماديهم في المعاصي واستمرارهم في استفزاز الفقراء والمحتاجين بإسرافهم ببذخ علي الوسائل الترفيهية والآخرون لا يجدون الضروريات التي الحياة. دليل أنهم مستدرجون من حيث لا يعلمون ولذا قال رب العزة: "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا" الإسراء "16". رابعاً: الشخصية المسرفة ببذخ لاشباع رغبة الظهور مريض نفسياً: قال علماء النفس: ان الفرد الذي ينفق ببذخ غالباً شخص غير حكيم. لأنه يبدد ماله فيما لا يفيد. وغالباً يكسب هذا المال بطريقة غير مشروعة. ولأنه يحس بالنقص ممن هم أعلي منه في المستوي الثقافي والتعليمي. فيكمل هذا النقص بإظهار ما عنده من مال فينفق ببذخ ليلفت أنظار الناس إليه ويصبح حديث المجتمع. وكما قالوا قديماً: "إذا أرت أن تعرف من أين اكتسب الرجل المال انظر فيما ينفقه". خامساً: وجود طبقة من الذين يعشقون الظهور وينفقون ببذخ دافع للجريمة: فعندما يري أصحاب المرتبات المحدودة التي ربما لا تكفيهم ومن يعولون لنصف الشهر أو أقل من ذلك بكثير. وغيرهم متطرفون طول الشهر في رغد من الحياة ينفقون ببذخ في مسائل ترفيهية وبأسلوب استفزازي. فتنكأ جراح الناس - الفقراء - ويشتعل المجتمع بالأحقاد. وتنتشر الجرائم. كالقتل والتحرش والسرقة بالإكراه. وفي النهاية يرجع بالتفكك علي المجتمع ويسود الفوضي بين العباد وتسوء حال البلاد. وما نحن فيه أكبر دليل! وكما تعجب أبوذر الغفاري من صبر الفقير وهو يري أمامه الغني ينفق المال في غير محله فقال: "عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج علي الناس - الأغنياء - شاهراً سيفه". ولذا قال رسول الله "صلي الله عليه وسلم": "أيما رجل مات ضياعاً بين قوم أغنياء فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله". وقال رسول الله "صلي الله عليه وسلم": "وأيما أهل عرصه أصبح فيهم أمريء جائع فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله" "مسند أحمد".