قال تعالي: "وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون" "170 البقرة". عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: دعا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - اليهود إلي الإسلام. رغبهم فيه وحذرهم عذابه ونقمته فقال رافع بن حريمله ومالك بن عوف.. بل نتبع يا محمد ما وجدنا عليه آباءنا فهم كانوا أعلم وخيرا منا.. فأنزل الله فيهم "وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله.." ويقول بعض المفسرين ونخص منهم الإمام ابن كثير يقول الله تعالي: "وإذا قيل لهؤلاء الكفرة المشركين: اتبعوا ما أنزل الله علي رسوله واتركوا ما أنتم عليه من الضلال والجهل قالوا في جواب ذلك.. بل نتبع ما ألفينا أي وجدنا عليه آباءنا أي من عبادة الأصنام والأنداد.. قال الله منكرا عليهم". أولو كان آباؤهم الذين يقتدون بهم.. ويقتفون أثرهم.. لا يعقلون شيئا ولا يهتدون أي ليس لهم فهم ولا هداية وحين تأتي الآية الثالثة "ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون" يقول قتادة في تلك الآية إنما هذا مثل ضرب لهم في دعائه الأصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل شيئا ولا حياة لها.. فهم صم عن سماع الحق.. عمي عن رؤية طرائفه ومسالكه لا يعقلون شيئا ولا يفهمون. ومن هنا نعلم أنه سواء كان هؤلاء الذين تعنيهم الآية الكريمة هم الكفرة الذين يرددون هذا القول وأصروا عليه كلما دعوا إلي الإسلام. وهجر ما ألفوا من الجاهلية مما لا يقره الدين أو النظرة السليمة - أم كان هؤلاء هم اليهود الذين كابروا وأنكروا وأصروا علي التمسك بما ورثوه عن آبائهم ورفضوا أن يستجيبوا إلي نداء الله.. سواء كان من تقصدهم الآية هم هؤلاء.. أو أولئك فإن الآية تنعي عليهم تلقي شيء يتعلق بالعقيدة من غير الله منددة بتقليدهم الأعمي للضالين الذين سبقوهم وأنه كان أولي بهم أن يحترموا نداء العقل فلا يقتفوا أثر غيرهم دون تعقل أو إدراك حتي ولو كان لغير آبائهم "أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون" إنه التقليد الأعمي لأهل الضلال.. وقعوا فيه بإرادتهم هم وقلدوا بلا تعقل أو تفكير إنها التبعية الضالة لأولئك الذين اتخذوا من دون الله أنداد.. ولهؤلاء المضللين المخدعوين في الزمن الغابر.. أمثال وأشباه في الزمن الحاضر هؤلاء الذين يرضون أن ينقادوا لأهل المرضي أو أصحاب الغرض المتاجرين بالدين المزيفين لتعاليمه الخارجين علي حقيقته ومضمونه هؤلاء هم الضالون في الدنيا الخاسرون يوم القيامة حين يتبرأ قادتهم وأمراؤهم يتمني هؤلاء التابعون أن لو عادوا لتبرأوا من متبوعيهم.