* في مقال رائع في جريدة المصري اليوم للدكتور/محمود عمارة الخبير في الاقتصاد السياسي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين في فرنسا عن تجربة سنغافورة الاقتصادية والتنموية الرائعة.. والتي نقلت سنغافورة من الفقر والجهل والمرض إلي الغني واليسر والتقدم.. بحيث أصبح متوسط دخل الفرد السنغافوري أعلي من متوسط دخل المواطن الأمريكي.. رغم أن سنغافورة ليست بها أي موارد متميزة. * لقد وصل دخل الفرد في سنغافورة إلي 62 ألف دولار سنويا.. في حين أن متوسط الأمريكي 45 ألف دولار.. أما المصري فيصل إلي 1200 دولار سنويا. * والمفارقة العجيبة والغريبة أن مساحة سنغافورة صغيرة للغاية لا تتجاوز 700كم..2 أي تسع مساحة سيناء تقريبا. * وسنغافورة التي حققت هذه الطفرة العظيمة كانت عبارة عن جزيرة بائسة فقيرة منسية ومهملة لانعدام الموارد.. ولكن مشروعات النهضة العظيمة التي قامت بها حكوماتها لقرابة عشرين عاما حولتها إلي جنة وارفة الظلال. * والغريب في الأمر أيضا أن سكانها كانوا من مطاريد الدول المجاورة من الصين والهند ومالاي وغيرها.. ومن مختلف الأديان ففيهم المسيحيون والمسلمون والهندوس وغيرهم.. ورغم هذا التباين في الأعراق والأديان.. إلا أن حكوماتها عزمت علي إنشاء نهضة اقتصادية عظيمة. * ولكن كيف تم ذلك وهي لا تملك أي موارد بترولية أو صناعية أو زراعية؟ * لقد استغلت الموقع الجغرافي لجزيرة سنغافورة وساحلها الطويل الذي يبلغ طوله 180كم2 وحولت هذا الشاطئ الطويل إلي ميناء عالمي أو محطة للسفن الذاهبة والآتية منها تقدم لها كل الخدمات من الشحن والتموين وإصلاح السفن وتحميلها وتنزيل البضائع وإعادة نقلها بالبر والسكك الحديدية في جودة وسرعة وحسن إدارة عالية. * لقد اكتسبت سنغافورة سمعة عالمية في الانضباط والجودة والسرعة المذهلة في دخول وخروج الحاويات. * حتي أن تخليص الجمارك النهائي يستغرق في موانيها تسع ساعات منذ دخول الحاوية وحتي خروجها من الميناء.. في حين يستغرق ذلك في مصر من أسبوع إلي شهرين كاملين.. أما هولندا فتستغرق 14 ساعة.. وهي من أرقي الموانئ الأوروبية. * ثم يتساءل د.محمود عمارة عندنا قناة السويس لا نستخدمها إلا كممر فقط.. مع أن شواطئ قناة السويس طولها 170كم ويمكن أن يستخدم كل هذا الشاطئ كممر خدمات عالمي يدر علي مصر مئات المليارات في العام الواحد. * فموقع قناة السويس أهم من موقع سنغافورة.. والأخير يحقق في العام الواحد 21 مليار دولار.. أما ميناء دبي فدخله من الخدمات فقط 12 مليار دولار. * ثم حولت سنغافورة هذه الموانئ إلي مناطق صناعية ضخمة.. فهي تستورد المواد الأولية فتصنعها عند الميناء ثم تصدرها مرة أخري.. ثم اتجهوا بعد ذلك إلي صناعة الالكترونيات وتفوقوا فيها.. حتي أن مبيعاتها تزيد علي 240 مليار دولار سنويا. * أما الأمن في الشارع السنغافوري فمنضبط جدا.. فمن يلقي عقب سيجارة في الشارع يدفع 100 دولار غرامة فوراً.. والذي يضبط ب 100 جرام مخدرات يعدم.. والمرتشي مؤبد في منتهي الحزم والدقة. * وفي الختام قال د.محمود عمارة لقد قدمنا دراسة متكاملة لحكومة شرف وغيره بتحويل قناة السويس إلي مشروع خدمات متكامل يحقق لمصر دخلاً يوازي 100 مليار دولار سنويا.. ولكنه لم يجد النور.. وأنا أعرض هذا المشروع الضخم علي حكومة الإخوان القادمة لعلها تنفذه. * إذا مصر واعدة بالخير.. ولكن الفساد والروتين والبيروقراطية والفشل الإداري والنهب المنظم قتلها ووأد ملكاتها وخيراتها. * مصر لا تحتاج إلي المعونة شريطة الفكر المبدع لعلمائها وخبرائها.. وشريطة محاربة الفساد أولاً بأول والتطوير العلمي المستمر. * مصر لا تحتاج لأحد بل يمكن أن تساعد الآخرين.. شريطة الاستفادة بكل ذرة من إمكانياتها الهائلة. * مصر واعدة زراعيا وصناعيا وسياحيا وتجاريا واستثماريا.. شريطة أن يقوم علي أمر مؤسساتها أهل الكفاءة والأمانة وليس أهل الثقة والخيانة. * مصر قادرة علي النهوض مرة أخري شريطة أن تستعين بأمثال د.محمود عمارة ود.زويل وفاروق الباز ومجدي يعقوب.. لا أن تقصيهم بحجة أن هذا مسيحي.. وهذا ليبرالي.. وهذا يساري.. وهذا لم يدخل الجماعة من قبل. * العلم الدنيوي لا يعرف لا المسيحي أو المسلم.. ولا اليساري أو الاشتراكي.. لا يعرف الليبرالي من العلماني.. العلم جامع للجميع في خدمة مصر. * فهل نفعل ذلك ولا نقصي أحداً؟ * هل نفعل ذلك ونستقدم كل الكفاءات؟ * هل نفعل ولا نقدم الملتحي قليل العلم علي الحليق أو الليبرالي صاحب التخصص الدقيق ونكرر مأساة مبارك الذي أقصي كل الإسلاميين من ذوي التخصصات الدقيقة لمجرد أنهم إسلاميون وقدم أقل منهم علماً وخلقاً وأمانة. * هل نفعلها ونقدم العلماء ولا نقدم أهل الولاء والثقة علي أهل العلم والكفاءة والقدرة ولا نكرر مأساة عبدالناصر مع المشير عامر حيث قدم الولاء والثقة علي الكفاءة والعلم. * يمكننا ذلك مع قليل من الإخلاص والوطنية والتجرد وكثير من التقوي.