أيد الدكتور حسين شحاته الاستاذ بجامعة الازهر والخبير الاستشاري في المعاملات المالية الشرعية دعوة عقيدتي التي اطلقتها الاسبوع الماضي بضرورة عودة أموال المصريين المهاجرة. للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني. باعتبارها ضرورة شرعية وحاجة وطنية. وقال الدكتور شحاته إن حب الوطن والولاء والانتماء إليه من الموجبات الدينية. وليس هذا بالعواطف والمشاعر والخواطر ولكن بالأفعال والأعمال. لذلك يجب علي كل مصري أن تكون مصلحة ومنفعة الوطن أولي بالرعاية ويثاب علي ذلك. ويجب أن يكون من الأولويات الإسلامية عودة أموال المصريين المستثمرين خارج مصر إلي الوطن. هذا واجب وطني تطبق عليه القاعدة الشرعية : ¢فما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب ¢ شدد الدكتور شحاته علي دور الحكومة في تحقيق الأمن والاستقرار وتطهر التشريعات الاستثمارية القائمة من شوائب التزاوج بين المال والسلطة. مطالبا بتهيئة المجتمع ليسود فيه القيم الإيمانية والمثل الأخلاقية والسلوكيات الحسنة والعدل والمساواه والحرية والمواطنة. قال تعالي: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَي آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتي مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ" الأعراف 96. سبب الهروب اشار إلي أنه في ظل النظم الحاكمة الظالمة السابقة هاجرت بعض أموال المصريين إلي الخارج حيث تجد هناك الأمن والأمان والاستقرار والنماء. وترتب علي ذلك مجموعة من التداعيات السلبية منها انخفاض معدلات التنمية وزيادة العجز في الموازنة وزيادة مستوي الفقر والحياة الضنك ولا سيما للطبقة الفقيرة. كما انه ايضا بعد الثورة في 25 يناير هربت أيضا أموال بعض المستثمرين الأجانب وانخفضت عائدات السياحة وانكمش الاستثمار وارتفعت النفقات العامة وأغلقت العديد من المصانع. وتوقفت بعض الشركات. وانخفضت الصادارت. وانخفض الاحتياطي النقدي. وأصبح هناك ضرورة شرعية وحاجة وطنية لجذب أموال المصريين المهاجرة وكذلك أموال العرب والمسلمين لدعم اقتصاد مصر في هذه المرحلة ولا بد من التعاون والتضامن بين الجميع تطبيق لقول الله تبارك وتعالي :¢ وَتَعَاوَنُوا عَلَي البِرِّ وَالتَّقْوَي ¢ المائدة : 2 . كذلك تطبيقا لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد. إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي" مسلم. حدد شحاته بعض اسباب هروب رءوس الأموال للاستثمار في الخارج. مؤكدا أن انعدم الأمن والاستقرار والفساد السياسي من أهم هذه الأسباب حيث إن رأس المال بطبيعته جبان حيث يهرب إلي المكان الآمن. وهذا ما حدي بكثير من المصريين والعرب والمسلمين بتفضيل الاستثمار خارج مصر بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. واضاف : من أسباب هروب رءوس الأموال. التأميم والمصادرة لأسباب سياسية ولإضعاف القوة الاقتصادية للمعارضة. والنموذج الواضح لذلك هو مصادرة أموال الإخوان المسلمين المعارضين لنظم الحكم في أيام جمال عبد الناصر والسادات ومبارك في قضايا وهمية لاتستند إلي الحق ومنها قضايا مؤسسات خيرت الشاطر وحسن مالك وغيرهما من رجال الأعمال المنتمين للإخوان المسلمين. وواصل شحاته حديثه عن اسباب هروب رءوس الاموال. مشيرا الي عدم الاستقرار في السياسات المالية والاستثمارية والاقتصادية وكثرة التعديلات من وزارة إلي وزارة. وهذا سبب خوفا للمستثمر المصري والعربي والإسلامي والأجنبي في أن يستثمر في مصر. إضافة الي تطبيق قوانين الطوارئ وما في حكمها ليس فقط علي المجال السياسي بل امتد إلي المجال الاقتصادي تحت شعار محاربة الارهاب ومحاربة غسل الأموال والكسب غير المشروع بدون أدلة قطعية الثبوت. وقطعية الدلالة. وقال : أن انتشار الفساد الاقتصادي مثل الرشوة والاختلاس والعمولات الخفية والتزوير والتكسب من الوظيفة والمضاربات الوهمية ونحو ذلك أدي إلي احجام أصحاب الأموال عن استثمار أموال في مصر. كما أن انتشار الاحتكار ذي النفوذ السياسي والتزاوج بين المال والسلطة وسيطرة عصابة من رجال المال غير الشرفاء علي متخذي القرارات الاستثمارية في مصر. أدي إلي هروب الكثير من أصحاب المال الشرفاء إلي الخارج حيث الحرية والأمان. الطريق للتنمية أكد أن تطبيق القواعد الشرعية والاسس الإسلامية لاستثمار المال تطبيقا سليما في أي بلد وفقا لمبدأ الولاء والانتماء للوطن. يحقق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والاستقرار السياسي. ويقضي علي مشكلة هروب الأموال إلي خارج الوطن. مشيرا إلي أن صاحب المال والمستثمر عندما يستشعر بالأمان والأمن والنماء والتنمية. الحرية والكرامة والعدالة يستثمر ماله في وطنه. لذلك فإن تطبيق شرع الله هو الحل لمشكلة هجرة الأموال إلي الخارج ,وهذا ما يؤكده قول الله تبارك وتعالي: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًي فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَي. وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً" طه 123-.124 وأوضح المحافظة علي المال من مقاصد الشريعة الإسلامية والتي أشار إليها فقهاء علم أصول الفقه في الآتي: حفظ الدين والنفس العقل والعرض والمال. ومن مسئولية المسلم المحافظة علي ماله. ومن مسئولية ولي الأمر كذلك حماية المال العام والخاص ليساهم بدوره في إعمار الأرض وعبادة الله سبحانه وتعالي. مشددا علي وجوب تنمية المال وعدم اكتنازه وتطبيق قاعدة الوطن أولي بالرعاية. فلقد حرم الإسلام الاكتناز وأوجب الاستثمار. فقد قال الله تبارك وتعالي: "وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابي أَلِيمي" التوبة :34 وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "استثمروا أموالكم حتي لا تأكلها الصدقة" رواه أحمد . قال شحاته: حرمت أحكام وقواعد الشريعة الإسلامية الاعتداء علي المال سواء بالتأميم أو بالمصادرة. كما حرمت كل صور وأشكال أكل أموال الناس بالباطل ومنها علي سبيل المثال الغش والربا والسرقة والغضب والمقامرة والاختلاس والضرائب الظالمة. ولقد أكد رسول الله صلي عليه وسلم علي ذلك بقوله: "كل المسلم علي المسلم حرام. دمه وماله وعرضه" رواه مسلم. ودعا شحاته الي تطبيق فقه الأولويات عند استثمار المال وهي : الضروريات فالحاجيات فالتحسينات. حتي يكفل للمواطن الفقير المعدم الحاجيات الأساسية للمعيشة الكريمة من الطعام والشراب والملبس والمأوي والعلاج والتعليم والزواج. وهذا ما يطلق عليه فقهاء الاقتصاد الإسلامي مصطلح: "حد الكفاية". وشدد علي ضرورة أداء الحقوق المشروعة علي المال وهي الزكاة والصدقات والضرائب العادلة والتي تؤخذ بالحق. وتنفق بالحق. وتمنع من الباطل وتساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد الوطن وترعي حاجات الطبقة الفقيرة. فلا استثمار دون عدالة اجتماعية. وأكد علي اهمية تفعيل الأسس الاستثمارية الإسلامية المتعارف عليها تطبيقا عاجلا وسليما علي مستوي الفرد وعلي مستوي المؤسسات الاقتصادية وعلي مستوي الحكومة. لجذب الاموال المصرية المهاجرة وأن يتعاون الجميع علي أن تكون أموال المصريين لخير المصريين وترجيح مصلحة الوطن علي مصلحة الفرد وعلي مصلحة التيارات السياسية ولا سيما بعد تشوق الشعب إلي الحرية والعدالة. وأكد مجددا علي دور الامن وتحقيق والأمان والحماية للمال من الاعتداء عليه بأي صورة من صور الاعتداء والتي كانت موجودة في النظام البائد. لجذب اصحاب رءوس الاموال. مع تطهير البيئة الاستثمارية من كل صور الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والذي استشري في ظل النظام السابق. حتي يطمئن المستثمر إلي طهارة المجتمع وطهارة المناخ الاستثماري وهذا يحفزه ويدفعه إلي استثمار ماله في مصر. وطالب بتحقيق الاستقرار في السياسات الاستثمارية وتحريرها من الأيدولوجيات التي تتعارض مع قيم وأخلاق المواطن المصري. فلا استثمار بدون استقرار في ظل قيم ومثل عليا وأخلاق حسنة وسلوكيات سوية وتطبيق قاعدة: "مشروعية الغاية ومشروعية الوسيلة". مطالبا بإعادة النظر في التشريعات الضريبية بحيث تحقق العدل بين حق الوطن وبين حق المستثمر وتطبيق نظام الضريبة التصاعدية. وإصدار التشريعات اللازمة لضمان عدم الإعتداء علي المال المستثمر لخصومات سياسية أو أيدولوجية. حماية الوطن من المستثمرين ذي المآرب التي تمس سيادته وأمنه.