الخلاف الناشب بين الشيخ حازم أبواسماعيل وبين باقي الدعاة والعلماء دليل علي أن الإسلاميين في مصر لا يعتقدون أن هناك معصوما بعد النبي "صلي الله عليه وسلم" بل ودليل علي أن الذي يشذ عن جماعة العلماء سوف يجد من يتصدي له وهو أبلغ رد علي الذين يفزعون الناس من الإسلاميين لو وصلوا إلي سدة الحكم. لأنهم يعتقدون أنهم يتكلمون بحق التفويض الإلهي. وهذا محض افتراء وكذب. فليس عندنا ما يسمي بالإمام المعصوم الذي يمتلك الحقيقة المطلقة والذي يعتبر نفسه الوكيل المعتمد والحصري في التحدث عن الله تبارك وتعالي. وليس عندنا من يزعم مجرد زعم أنه يمتلك وحده قطع غيار الفضيلة كما يحاول بعض الذين يتصدرون المشهد الإعلامي اليوم وصفهم به. وليس عندنا ولا فينا من يدعي مجرد دعوي أن رأيه هو الحق الذي لا يأتيه الباطل بين يديه ولا من خلفه.. وليس فينا ولا بيننا من يدعي البطولة بأثر رجعي ويحاول أن يثبت للناس أنه تعرض للظلم والإقصاء والتهميش لأنه كان يعارض التمديد والتوريث والسرقة المنظمة والفساد الممنهج اعتمادا علي ضعف ذاكرة الجماهير المستغفلة التي تصفق لكل ناعق. ومع ذلك نحن لا نري القداسة لأي قول مهما كانت منزلة قائله عندنا استثناء لقول الله تعالي وقول رسوله وشعارنا المرفوع والمعتمد هو أن رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب. وليس هذا امرا علي مستوي النظرية وحسب بل علي مستوي النظرية والتطبيق ولعل ما حدث أخيراً بين الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل حين قرر الاعتصام أو مؤازرة المعتصمين علي الأقل ورأي أقرانه من شيوخ الحركة الإسلامية أن ما فعله ابوإسماعيل قرار يفتقر إلي الحكمة لأنه يدفع إلي التهييج والتصعيد وما يترتب علي ذلك من إراقة الدماء المعصومة في غير موجب شرعي ولا داع عقلي وخاصة مع وجود البدائل المتاحة المباحة التي لا تؤدي بدورها إلي ما لا يحمد عقباه من نتائج. وطالبوه بمراجعة موقفه علي ضوء ما استجد من أحداث. لعل ما حدث من إنكار الشيوخ بهذه الشدة وهذه الحدة علي د.حازم وهو من هو فيهم منزلة ومكانة يؤيد ما ذهبت إليه في مقالي من أن آليات مراجعة المواقف والأفكار مهما كان مصدرها صناعة إسلامية خالصة. الإسلاميون وحدهم هم من يمتلك حق ابتكارها واحتكارها ولا مجال للمزايدة عليهم في هذا الشأن. لقد رأي الأكابر من شيوخنا أنها فتنة عمياء لا يدري القاتل فيها لماذا قتل ولا المقتول فيها لماذا قتل وأن دواءها التسكين وعدم التهييج والتسخين. وأن قضية مصابي الثورة قضية حق أريد بها باطل ومن يدري لعل قادم الأيام يبرهن علي أن الإفراط غير المبرر للعنف الذي قامت به الداخلية ضد بعض المعتصمين العزل كانت مؤامرة دبرت بليل وتشور فيها في غير هذا المكان وأن الحركة الإسلامية كانت مطلوبة الرأس في هذا المخطط الشيطاني كما ذهبت إلي ذلك جماعة الإخوان المسلمين في تبريرها لموقفها الرافض للمشاركة في المليونيات التي أعقبت أحداث فض اعتصام التحرير بالقوة من قبل قوات الأمن المصرية يوم السبت قبل الماضي.