من أعظم انجازات ثورة 25 يناير العظيمة هو عزوف الكثير من التطلع للمناصب القيادية أو التكالب عليها والزهد فيها. فالمناصب القيادية الآن تكليف لا تشريف. عطاء بلا حدود وأخذ غير موجود. كانت المناصب القيادية في الدولة قبل الثورة مغنما كبيرا وبالمنصب تصبو بل تسطو علي كل ما تهواه النفس وتتطلع إليه الأهواء بالمنصب الكبير تتفتح لك كل الأبواب من إلحاق ابنك بالكليات العسكرية حتي النيابة العامة إلي الحصول علي أراضي الدولة والقروض التي لا حدود لها والكسب غير المعهود وبلا أي مجهود كان المنصب في السابق أي قبل ثورتنا يرفع لك أيادي الجميع "تعظيم سلام" وتطأطأ الرءوس تبجيلا لصاحب المنصب العالي. والآن فصاعدا.. فالمنصب خال من ثياب الوجاهة والاستعلاء والخيلاء فثياب المنصب تحمل بركانا كبيرا من الهموم والتبعات التي تنوء بها الجبال فكان صاحب المنصب سابقا يلبسها ويسير بها خيلاء والآن يسير بها صاحبها مكسر العظام من ثقل أعبائها. ولذلك.. أصبحنا الآن نسمع عن فلان رفض اعتلاء منصب رفيع قد يصل لمنصب وزير وآخر رفض بشدة ما يعرض عليه بإلحاح من مناصب وسيأتي اليوم الذي تفرض المناصب القيادية علي الزاهدين فيها وهذا ان دل علي شيء فإنما يدل علي انها عبء كبير بلا مغنم. هذا الوضع السابق واللاحق يفسر ان الذين اعتلوا المناصب سابقا كانوا يقاتلون عليها ويفدونها بالغالي وكان يشترونها للأسف بضياع الكرامة والعزة وأحيانا بأشياء أخري. وفي هذا السياق كان أجمل ما تلقيته علي هاتفي رسالة تؤكد هذا المعني.. تقول: "فرعون غرق وكليوباترا انتحرت وقطز قتل وشجرة الدر اتشبشبت ومحمد علي خرف والخديوي اسماعيل وفاروق اتنفوا ونجيب اتذل وجمال اتسم والسادات قتل ومبارك انحبس حد له شوق بحكم بعد كدا؟؟!".