رقدته وراء »القفص« تمثيل في تمثيل وگان أولي به ألا يصبغ شعره العقوبة ربما تقتصر علي 51 عاما ولن تصل إلي الإعدام إهانتي للحزب الوطني حرمتني من رئاسة مجلس الشعب عام 7891 بين الفقه الدستوري والمناصب الوزارية والعمل الأكاديمي انطلقت رحلة الدكتور يحيي الجمل لأكثر من نصف قرن عامرة بالتجارب والأحداث إلي أن حطت برحالها علي أعتاب ثورة 52 يناير وتباينت الآراء بين مؤيد ومعارض لتوجهاته وتصريحاته المثيرة للجدل قبل أن يتقدم باستقالته ثلاث مرات ويرفضها المجلس العسكري ثم يقبل في النهاية.. ابتعد الرجل عن العمل التنفيذي ولم يبتعد عن المشهد السياسي ليظل شاهداً علي حقب مهمة في تاريخ مصر المعاصر. وبعيداً عن المناصب تحدث يحيي الجمل الذي تدرج من عميد لكلية الحقوق إلي وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء ووزير التنمية الإدارية ثم نائبا لرئيس مجلس الوزراء.. تحدث عن العديد من أحداث ما قبل وما بعد الثورة وتنقل ما بين الحاضر والماضي متوقفا عند العديد من المحطات المهمة التي اصطحبنا إليها في هذا الحوار. لا أحب العمل.. التنفيذي كنت وزيراً في عهد السادات.. ونائبا لرئيس الوزراء بعد ثورة 52 يناير ما الفرق بين التجربتين؟ قال مؤكدا.. كلتا التجربتين لم أكن سعيداً بهما سعادة كبيرة لأنني بطبيعتي لا أحب العمل التنفيذي، وفي التجربتين كنت في عمل تنفيذي، ففي التجربة الأولي.. عندما استقالت وزارة عبدالعزيز حجازي التقي الدكتور عبدالعزيز مع الرئيس السادات ومعه ممدوح سالم وقال لي: إن الرئيس السادات طلب مني أن يظل اسماعيل صبري ويحيي الجمل في الوزارة الجديدة.. وطبعا كان هذا بمثابة أمر من رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء.. وقلت له من يدريك انني أريد أن أستمر في الوزارة.. وقلت هذا في التليفزيون.. لأني لا أريد العمل التنفيذي الذي لا يتفق وطبيعتي فأنا أكاديمي وأحب عملي ولم أسع منذ كنت شاباً صغيراً.. لتولي المناصب وكذلك وأنا كبير السن. حتي بعد قيام ثورة يناير.. ألا تجد أنه من المناسب أن تساهم بجهدك في نجاحها؟ قال: لقد ساهمت في ثورة يناير بالفعل قبل قيامها وبعد قيامها.. وشباب ثورة يناير قاموا بعمل رائع وعظيم لكن هذا شيء وبناء النظام الجديد شيء آخر.. فالثورة استطاعت ان تهزم نظاما.. ولكن حتي الآن من الصعب أن تبني هذا النظام الجديد. المنهج العلمي وسيادة القانون وما المطلوب لتحقيق هذا الهدف؟ هذا يتطلب أشياء كثيرة منها خطة واضحة المعالم.. للقضاء علي كل جذور النظام القديم من حيث السياسات والأشخاص.. والسير بخطوات واضحة وثابتة نحو بناء مستقبل هذا البلد.. وأنا أعتقد أن البناء يقوم علي قاعدتين أساسيتين: الأولي هي المنهج العلمي والبحث العلمي، والثانية: هي سيادة القانون. ما علاقتك بأعضاء الوزارة الجديدة؟ وعلاقتك بالدكتور عصام شرف.. وباقي المعاونين في الوزارة؟ علاقتي بالدكتور عصام شرف ممتازة.. وعلاقتي بحازم الببلاوي وعلي السلمي ممتازة أيضا.. وعندما ذهبت إلي النمسا في رحلة علاج بعد أن استقلت اتصلت بالدكتور عصام شرف وقلت له مبروك عليك حازم الببلاوي وعلي السلمي.. ففي تقديري ان هذا الاختيار موفق، وكذلك الدكتورة فايزة أبوالنجا فهي سيدة فاضلة، وحسن يونس رجل عظيم. حكومة الثورة وما تقييمك لأداء حكومة الثورة؟ لا استطيع القول ان لدينا حكومة ثورة.. بل أراها حكومة تسيير أعمال.. حكومة انتقالية. وكيف تكون حكومة ثورة؟ عندما تكون قراراتها نابعة حقيقة من إرادتها.. وهذا سيتحقق بإذن الله عندما تجري الانتخابات البرلمانية.. ويتم اختيار حكومة منتخبة. ما علاقتك بالمشير طنطاوي والمجلس العسكري؟ علاقتي طيبة جدا به.. فقد تقدمت باستقالتي ثلاث مرات ولم يقبلها. لماذا قدمت استقالتك في المرة الأولي..؟ ولماذا كانت المرة الثانية؟ في المرة الأولي أثرت موضوعات مع الدكتور عصام شرف ولم تكن محل اتفاق بيننا فقدمت استقالتي وهو قام بإرسالها إلي المجلس العسكري دون أن يؤشر عليها ولكن المشير طنطاوي رفضها.. وفي المرة الثانية ضغطت علي الدكتور شرف فقام بالتأشير بالموافقة علي الاستقالة وأرسلها إلي المجلس العسكري لكن المجلس رفضها، وكان المشير طنطاوي غاضبا جدا. وقال لي: »ماتجيبش سيرة الاستقالة دي مرة ثانية«.. وفي المرة الأخيرة.. ولظروفي الصحية استجابوا لاستقالتي خاصة وأنني لم استطع الاتفاق مع الدكتور عصام شرف علي الاختصاصات، ولكن علاقتي به علي المستوي الشخصي ممتازة. وما الاختصاصات التي اختلفتما عليها؟ في الحقيقة كانت الاختصاصات عامة.. وأنا باعتباري نائب رئيس الوزراء كنت أريد اختصاصات محددة. أنا.. والمجلس العسكري وهل كانت هناك خلافات بينك وبين المجلس العسكري؟ إطلاقا.. يكفي أن أقول إن أول من اتصل بي عندما عدت من رحلة علاجي من الخارج كان المشير طنطاوي. ابنك مرفوض مرت سبعة أشهر تقريبا علي ثورة يناير.. ما رأيكم فيما حققته الثورة حتي الآن؟.. وماذا ينقصها؟ الثورة قضت علي النظام السابق وأزاحت طاغية أذل مصر وأهانها وهذا الكلام أنا قلته وهو لايزال في الحكم.. قلت أهانوا مصر فأهانهم الله، وجاء هذا الكلام خلال حوار مع المذيعة مني الشاذلي علي قناة دريم في أربع حلقات، وتمت إذاعته أخيراً.. ثم وجهت له خطابا علي صفحات جريدة المصري اليوم في مارس 8002 قلت فيه »ابنك لا قبول له عند الناس«، وكان مبارك في عز سلطانه، وقلت له عليك بتشكيل جمعية تأسيسية تضع دستوراً جديداً.. وأن تعلن أنك ستترك السلطة.. لكن للأسف لم يسمع ولم يستجب. رأيت محاكمة الرئيس السابق مبارك.. هل كنت متصوراً أنه سيحاكم بالفعل ويراه الناس داخل القفص مع نجليه؟ لقد كنت أتوقع أن تقع في مصر القارعة وكنت أشعر أن مصر مقبلة عليها، ولكن لم أكن أعرف شكل القارعة، فأنا لا أعلم الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله.. وهذه الصورة شفت غليل كل الناس. انتقام الله ما شعورك وأنت تري مبارك ونجليه علاء وجمال داخل القفص.. هل شعرت بنوع من التعاطف معهم؟ أم انك كرجل قانون تري أنه لابد من إدانة مبارك؟ إنني كمصري أولا.. شعرت بأن الله سبحانه وتعالي المعز المذل.. وأنه جل جلاله ينتقم للشعب المصري كله.. ولم أشعر بأي تعاطف.. بل شعرت بأن رقدته علي السرير داخل القفص تمثيل في تمثيل.. وكان أولي به ألا يصبغ شعره. الحكم علي مبارك ما رأيك في ردود فعل الشارع المصري.. إذا ما حكم علي الرئيس السابق بالإعدام؟ لا أظن أنه سيحكم عليه بالإعدام.. بل قد يحكم عليه ب 51 سنة سجن.. وإن كنت اعتقد ان المرض والسجن عقاب كبير.. وفي رأيي إذا قدر وحكم عليه بالإعدام فإن ذلك سيثير قدرا من التعاطف لدي بعض الناس، وإن كان حكم الإعدام لن ينفذ فقد وصل إلي سن ال 08 وكنوع من الإنسانية لن ينفذ هذا الحكم. هل تدخلت بعض الدول العربية في مساومة بتقديم بعض المساعدات مقابل العفو عن مبارك وعدم محاكمته؟ ربما حدث ذلك في البداية ولكن قيل لهم ان ذلك يعد تدخلا في السيادة المصرية.. ونحن ليس لدينا أي استعداد للتدخل في شئوننا الداخلية. السادات.. معلم سياسة لقد توليت مناصب قيادية مهمة في عهد الرؤساء الثلاثة عبدالناصر والسادات وحسني مبارك.. ما رأيكم في كل منهم كرئيس وقائد؟ عبدالناصر كان زعيما كاريزمياً قاد في البداية انقلابا ثم أصبح ثورة أحدثت تغييرات حقيقية في بنيان المجتمع المصري بالتنمية الصناعية.. والسد العالي وتوسيع نطاق التعليم.. كما أحدث ثورة حقيقية في العالم الثالث، فقد كان عبدالناصر مكسباً رغم غياب الديمقراطية.. ولكن أعتقد أن ما حدث في نكسة عام 7691 ونكسة الانفصال عن الوحدة بين مصر وسوريا كان سببه غياب الديمقراطية، وكانت الظروف القاسية المحيطة به في ذلك الوقت تجعل التحول الديمقراطي أمراً صعباً للغاية، وقد أدرك ذلك بعد نكسة 76 وبدأ يفكر فعليا في نظام حزبي، ولكن القدر لم يمهله ليكمل المسيرة. أما الرئيس السادات رحمه الله فكان سياسيا حكيما.. وكانت لديه رؤية، ولكنه لم يكن يمتلك نفس شخصية عبدالناصر الكاريزمية.. أخذ قرار حرب 3791.. وتوقف عندما أدرك انه غير قادر ان يحقق أكثر مما حققه.. ولقد كنت واحداً من الذين عارضوه في كامب ديفيد، ولكن بعد ذلك أدركت انه كان أبعد نظراً منا.. فمصر استردت سيناء واستردت أرضها، وإن كانت سيادتها ليست كاملة علي سيناء.. فالرجل كان بعيد النظر وبعيد الرؤية. ويضيف د. الجمل: أما مبارك.. فقد كان يفتقد لكل شيء.. فلم نكن شخصيته كاريزمية، ولم يكن سياسيا محنكاً وآلت إليه الأمور بمحض الصدفة، فأهان البلد.. وأضاع قيمة مصر الدولية وقيمتها الإقليمية والعربية.. وللأسف لا يستطيع الإنسان أن يتذكر له حسنة واحدة. حماية أمن مصر القومي من وجهة نظركم.. هل ستنتهي الفترة الانتقالية للمجلس العسكري في فبراير أو مارس من العام القادم.. أم ستمتد شهورا أخري؟ المجلس العسكري يريد أن ينهي الفترة الانتقالية في ديسمبر بمجرد أن تنتهي الانتخابات التشريعية والرئاسية حتي قبل عمل الدستور.. وهو يري أن دوره الحقيقي حماية حدود مصر. مرشح الرئاسة القادم أي المرشحين للرئاسة تراه الأفضل والأنسب لهذا المنصب.. وهل تتوقع أن تعلن شخصية مهمة عن ترشيحها لهذا المنصب في اللحظات الأخيرة؟ لم يظهر الأنسب حتي الآن.. وأري أن الدكتور محمد البرادعي هو أكثر المرشحين فهما لمقتضيات المرحلة.. وأعتقد أن أقرب المرشحين إلي قلوب الناس عبدالمنعم أبوالفتوح. وهل من الممكن أن ترشح القوات المسلحة أحد رجالها لرئاسة مصر في الفترة القادمة؟ لا أعتقد ذلك.. فهم زاهدون في حكم البلاد، ويرون أن واجبهم هو حماية الوطن وحدوده. السلفيون والدولة المدنية رغم خلافاتك مع الإخوان المسلمين والتراشقات الحادة بينكما.. فقد حضرت احتفالا للإخوان.. بماذا تبرر ذلك؟ لم تكن هناك خلافات حادة أبدا بيني وبين الإخوان المسلمين.. الخلافات الحادة بيني وبين السلفيين، لكن ما بيني وبين الإخوان صداقات وحوارات.. وإن كانت الخلافات لا تفسد للود قضية. إذن.. لماذا تفتقد الود بينك وبين السلفيين؟ لأنني أراهم ضد الدولة المدنية.. لا يدركون معني المواطنة.. وطبعا التعميم خطأ.. ليس كل السلفيين.. وإنما بعضهم. تطوير الصحافة المصرية أمسكت بملف الصحافة والإعلام وكانت لك علاقة سابقة بالصحافة ككاتب ثم تحولت إلي علاقة رسمية عندما أصبحت نائبا لرئيس الوزراء في حكومة د. عصام شرف، فما رأيك في الصحافة المصرية؟ للأسف الشديد حاولت الصحافة تغيير جلدها، ولكن هناك أمور كثيرة لم تتغير مثل طريقة المعالجة.. وطريقة فهم الأمور وتحليلها، وإن كان هناك محاولات واجتهادات لتطوير الصحافة المصرية والأمثلة كثيرة.. الأخبار والأهرام والشروق والتحرير كلها محاولات جادة.. ومثمرة. هناك الترشيحات الأخيرة.. أو القرارات التي صدرت في اختيار رؤساء التحرير ورؤساء مجلس الإدارات الصحفية.. من الذي قام بترشيحهم؟.. ومن الذي اختارهم؟ وبناء علي ماذا؟ أنا ساهمت في الاختيار مع الدكتور عصام شرف وأرسلنا الترشيحات إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. وقد تم ذلك علي ضوء مجموعة من الأسس أولها السمعة المهنية ورضا المؤسسة الصحفية.. وقد نجحنا إلي حد كبير في التعديلات التي حققت المرجو منها. وهل ستجري قريبا تعديلات أو ترشيحات صحفية جديدة؟ أنا الآن بعيد عن هذا.. ولا أسأل عن شيء. الفكر العربي ما علاقتك بصدام حسين الرئيس العراقي الراحل..؟ وكيف تستطيع أن ترتبط بديكتاتور.. في الوقت الذي تدعو فيه إلي الديمقراطية؟ أنا لم أرتبط بصدام حسين.. لكن كنت مؤمناً بالفكر العربي.. وصدام حسين كان في البداية عروبياً، وبني في العراق قاعدة اجتماعية، ورغم ذلك قلت إن الديكتاتورية لا تأتي بخير.. قلت ذلك للطلاب العراقيين هنا في مصر، وفي العراق، وعندما غزا الكويت.. وكنت وقتها عضواً بمجلس الشعب وجهت له رسالة قلت فيها: لقد استدرجت إلي تمزيق الأمة العربية.. فأرجو أن تنتبه إلي ذلك، ولكن هؤلاء المستبدين لاينتبهون.. ولايستجيبون. هل تفكر في الترشح لانتخابات مجلس الشعب القادمة؟ وهل لديك طموح بأن تكون رئيسا لمجلس الشعب أو الشوري؟ ليس لدي طموح في أي منصب، فأنا والحمد لله عندي اكتفاء ذاتي، ورضاء ذاتي.. ولكن إذا دعت مصلحة مصر لأي خدمة عامة في أي موقع فلن أتردد. اختيارات سيئة هل عدم تعيينك رئيسا لمجلس الشعب بعد خروجك من حزب التجمع بعد عدة اتهامات وجهت لك، أدي إلي انقلابك علي حسني مبارك؟ كان المفروض انني رشحت كرئيس لمجلس الشعب عام 7891.. ونشر هذا في الجرائد.. ثم أجريت حواراً بالأهرام قلت فيه إن هذا الحزب إذا ما خُير بين أمرين لاختار أسوأهما، ووردت هذه العبارة في المانشيت، وبعد عدة أيام اتصل بي الرئيس وقال لي: تقول ذلك عن أعضاء الحزب الوطني.. فكيف أقول لهم بأننا نريدك رئيسا لمجلس الشعب وأنت تقول عليهم ذلك.. فقلت له: أنا لم أطلب أن أكون رئيسا لمجلس الشعب.. وقد كان.. ولم أتول المنصب بعدها. هل شعرت لحظة أن ثورة 52 يناير كان من الممكن أن تفشل؟ وما السبب؟ شعرت بذلك في بعض الأحيان.. ولكني كنت واثقاف من ان إرادة الشعب المصري ستنتصر في النهاية. مصر حلوة ماذا تحتاج مصر في المرحلة القادمة لتسترد مكانتها؟ مصر قبل ثورة 52 يناير لم تكن حلوة.. كان فيها عدم احترام لإرادة الناس وعدم احترام لسيادة القانون.. والآن هناك رغبة في البناء ولكن المصريين في حالة استعجال.. وهذا ليس في مصلحتهم ولا في مصلحة مصر. ويضيف: أثناء وجودي في الوزارة.. قابلت من خلال سفرياتي كثيراً من قادة أوروبا الشرقية الذين قالوا لي هل أنتم متصورون أن مصر ستتغير إلي الأفضل في غضون ثلاثة أو أربعة شهور.. فعلي الأقل يحتاج الأمر إلي سنتين أو ثلاثة حتي يحدث هذا فلا تستعجلوا.