استغلال الدين لأهداف سياسية خطيئة العصر الوسطية والمشروعات الخيرية أنقذتنا من الصدام مع السلطة الإخوان دفعوا الثمن.. والحل الأمني فاشل أسسنا أول مصنع للنسيج بمصر.. ونرعي مليون يتيم 001 عام بالتمام والكمال علي إنشاء الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسُنة المحمدية لم تتوقف لحظة عن الدعوة إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة ولم تقارف السياسة يوما فقد حدد شيخها الأول ومؤسسها الشيخ محمود خطاب السبكي المنوفي مسارها كجمعية دعوية إصلاحية في أربعة اتجاهات.. الدعوة قولا والدعوة عملا والدعوة بالتكافل مع الأمة ثم الدعوة بالتنمية الوطنية.. وبالفعل أسهمت الجمعية في ترسيخ الوسطية وكفالة الفقراء واليتامي وبناء المستشفيات النوعية وتجهيز حملات الإغاثة للمنكوبين في الكوارث حتي فيما وراء المحيطات حتي استحقت عن جدارة جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام.. فمن يمولها بكل هذه الملايين وكيف تطهرت من أنجاس السياسة.. وما علاقتها بأحداث الساعة ومايجري في ميادين المظاهرات.. الإجابة لدي ضيفنا في هذا الحوار فضيلة الدكتور محمد المختار المهدي إمام أهل السُنة والجماعة الرئيس العام للجمعيات الشرعية عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الذي يكشف لنا الأسرار حول موقف الهيئة من قرار شيخ الأزهر بتأييد الجيش منفردا دون تفويض من العلماء ولماذا لم يجتمع كبار العلماء منذ نصف عام تقريبا.. وبدأ الحوار.. د.مختار: ماهو السر الحقيقي في استمرار الجمعية الشرعية ونجاحها في كل مشروعاتها الدعوية والاجتماعية حتي إنها لم تصطدم بالعرش الملكي ولا بثورة يوليو ولا ثورة التصحيح بل كانت تنال تشجيع دولة مبارك وفي ثورة 52 يناير لاحس ولاخبر...؟! الجمعية الشرعية فخر الدعوة الإسلامية ونموذج حضاري للجمعيات الإسلامية وهي أقدم جمعية دعوية في العالم يسبقها في مصر جمعية المساعي المشكورة بالمنوفية لكنها خيرية فقط لاعلاقة لها بالدعوة والجمعية الشرعية أسسها شيخنا الإمام محمود خطاب السبكي المنوفي في غرة المحرم 1331ه 2191م وقد نص في بروتوكول تأسيسها أنها دعوية إصلاحية تقوم علي منهج الوسطية والاعتدال وتقدم الدعوة الإسلامية في صورتها الحضارية بعيدا عن السياسة.. وقال في خطابه: نحن علماء لا أمراء ولا نسعي للرئاسة والوزارة بل نحمل هموم المجتمع والأمة ونقدم الإسلام الحقيقي ونشارك في بناء المجتمع ومشاركته همومه والتخفيف عنه.. بل نص فضيلة الإمام خطاب في عقد التأسيس أن الجمعية شرعية لايرأسها إلا شيخ أزهري وقد كان.. الجمعية مضت في مسار الدعوة قولا من خلال الدروس والخطب والندوات ومعاهد إعداد الدعاة ليقوم عليها نحو 0001 عالم وعالمة منهم 004 عالم يشكلون هيئة علماء الجمعية الشرعية وكلهم أساتذة بجامعة الأزهر الشريف ثم مضت ثانية في مسار الدعوة عملا فترجمت أقوالها الشرعية إلي واقع ملموس في المجتمع بالعمل الصالح النافع فأقمنا المشروعات الاجتماعية وأبرزها كفالة اليتيم وقد استوعب المشروع نحو مليون يتيم من المهد وحتي الدكتوراه وقد تخرج نصف المليون وأصبحوا مرموقين في المجتمع كما نشرف علي نحو ألف مكتب لتحفيظ القرآن الكريم.. كل هذا أملا في القضاء علي الفقر والجهل.. أيضا أنشأنا المشروعات الطبية العملاقة لعلاج غير القادرين من الأمراض المستعصية والمكلفة ولدينا مراكز غسيل الكلي مجانا ومراكز علاج أمراض القلب والباطنة ومراكز التشخيص بأحدث وأدق الأجهزة الطبية العالمية ولدينا مراكز مصنفة عالميا ومراكز رعاية الأطفال المبتسرين حديثي الولادة ولا تعجب أن الألمان يرسلون بعثاتهم إلينا للتدريب في مراكز المبتسرين وأخيرا نحن علي وشك الانتهاء من أكبر وأعظم صرح طبي في الشرق الأوسط وهو مركز عالمي لزراعة الكبد في مصر وقد أوشكنا علي الافتتاح وهنا أوجه الشكر والتقدير للمرحوم العلامة د.يس عبدالغفار نابغة أمراض الكبد وأسرته الكريمة علي مشاركتهم لنا وتبرعهم بالأرض وتقديم كل الدعم لنا لإنجاز هذا الصرح الطبي ولعلك تعرف أهميته من خلال إحصائيات حصر مرضي الكبد في مصر وهم بالملايين وهم فقراء لاحول لهم ولاقوة حتي الدولة لفتت أنظارها عنهم. إغاثة وتنمية ويضيف د. محمد المختار المهدي قائلا: تقدمت الجمعية الشرعية بخطي ثابتة في مجال الإغاثة الخارجية والداخلية بالطبع ترجمة عملية لقوله تعالي: » إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ« وترسيخا لمفهوم الأمة الواحدة »كَمَثَلِ الْجَسَد الْوَاحِد« فالجمعية تهرع إلي حيث تقع الكوارث وتسقط الضحايا من غير تصنيف كونه مسلما أو غير مسلم عربيا أو أوروبيا والجمعية عضو بارز في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة وبهذا تتكامل الدعوة الإسلامية في أساليبها من خلال القول والعمل وتقديم القدوة الصالحة. وأما المسار الرابع من دعوتنا ياأخ تهامي.. فهو أنبل هذه المسارات وأقربها إلي نفسي وقلبي.. مسار التنمية ويهدف إلي التخفيف من كارثة البطالة ووطأة الفقر التي تطحن الجميع.. فأقامت الجمعية مشروعات صغيرة لكنها عظيمة الأثر والنتائج بهدف تشغيل العاطلين والعاطلات وتحويل الأسر الفقيرة إلي أسر منتجة تحقق دخلا يكفيها وذلك من خلال مراكز الخياطة وإنتاج الملابس وبيعها بسعرها الرسمي مع هامش بسيط جدا للربح والتشجيع نحن نقدم الأجهزة والماكينات والقماش، والأمهات يعملن بعد التدريب في مراكزنا أيضا وينتجن في بيوتهن ويحصلن علي ربح مناسب جدا كما نستوعب عددا من الشباب والرجال بمشروعاتنا الخيرية يعدون بالآلاف .. هذه إذن دعوتنا وهذا مسارنا الذي حدده الشيخ الإمام المؤسس محمود خطاب عليه رحمة الله ونحن نمضي علي منهج من سبقونا وأخلصوا العمل لله فقد خلف الشيخ ابنه الشيخ أمين ثم خلف الابن ابنه الشيخ يوسف أمين محمود خطاب ثم خلفهم مولانا الشيخ عبداللطيف المشتهري ثم الإمام الخامس الشيخ محمود عبدالوهاب فايد وخلفه الدكتور فؤاد مخيمر وتسلمت الراية بعد تكليف من هيئة العلماء والله المستعان.. ويضيف د. المختار: وآخر برامجنا ومشروعاتنا الحديثة مشروع رعاية الطلاب الوافدين من البلاد الإسلامية الذين يدرسون بمصر في ظروف مادية صعبة جدا ونحن نرعاهم ماديا طوال دراستهم حتي الدكتوراه ونعدهم بالتدريب العملي ليكونوا علماء خطباء علي مستوي عال من المهارة.. ودعني أترحم الآن علي علمين من إعلام هذا العمل الخيري وهذه الإنجازات العملاقة وهما فضيلة الشيخ عبده مصطفي أمين عام الجمعية الزاهد العامل الورع وخلفه الاستاذ الدكتور رضا الطيب الأمين العام الذي رحل منذ شهر تقريبا وترك لنا عملا نافعا وقدوة صالحة ومدرسة نجيبة في عمل الخير رحم الله الجميع. الإسلام المزيف! قلت في بداية حديثك: نحن نجحنا في مسيرتنا ومشروعاتنا لأننا نقدم الإسلام الحقيقي والأصلي.. فهل يعني أن في مقابل ذلك إسلاما مزيفا وغير حقيقي يجتاح المجتمع؟ مهلا عليّ ياأخ تهامي.. قصدت تزييف النوايا لاجوهر الإسلام حاشا وكلا.. وأنت أزهري وتعرف »إن الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوي....« ونحن بوضوح وصراحة قدمنا دعوتنا لله خالصة من دون أغراض دنيوية أو تطلعات سياسية أو نظرية تسعي للحكم وتستبيح كل السبل والآليات والمسالك للوصول إلي حكم البلاد.. نحن لم نسع لذلك وليس من أهدافنا ولا من أساس دعوتنا وميثاق جمعيتنا وقد قدمت لك مسارات الجمعية وأنشطتها ولعلك تجد الإجابة علي سؤالك الأول عن السر في إفلاتنا من ويلات الصدام مع الدولة وأجهزتها.. وقد أثبتت الجمعية صدق دعوتها ونجاح منهجها.. وما حدث أخيرا للجمعيات والجماعات الإسلامية السياسية غني عن الشرح والتعليق فقد أرادوا الدنيا قبل الدين والسياسة قبل الدعوة فانتهت بهم أحلامهم ومشروعاتهم السياسية إلي السجون والتشريد وغلق الجمعيات ومحاصرتها والتعريض بها. أنت تري أن جماعة الإخوان المسلمين أخطأت في منهجها ومسيرتها؟ لا أسمي أحدا ولا أعلق علي أحد لكن كل الذين اقترفوا السياسة وتعاطوها بجرعات زائدة وخططوا للوصول للعرش دفعوا الثمن.. نعم لقد أخطأوا جميعا في حق أنفسهم وفي حق دينهم ولعلك تري موقف الناس الآن من الدين والمتدينين.. موقف شك وريبة وتوجس.. لا سياسة في الدين إذن أنت مع القائلين: لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة؟ لا.. أنا مع الحق أدور حيث يدور ومع القائلين: لا استغلال للدين في سبيل مصالح سياسية خاصة.. نحن لنا منهجنا ونعمل علي خدمة ديننا بالشكل الذي سبق وذكرت لك.. نحن مع وطننا ومصالحه واستقلاله وحريته وسلامته وأمنه واستقراره.. ولقد ذكرتني الآن بما نسيت.. لقد أدرك شيخنا الإمام محمود خطاب رحمه الله منذ التأسيس الأول دور الجمعية الوطني وقد رأي الساسة يعملون من أجل الاستقلال فقرر أن يشارك في تحقيق استقلال مصر من احتلال الإنجليز ولكن بمنهجه وطريقته فنظر فوجد الإنجليز يسيطرون علي مقدرات مصر الاقتصادية ويستولون علي القطن المصري والكتان بثمن بخس جدا ويحولونه إلي نسيج ثم يبيعونه لمصر بثمن باهظ.. فقرر الشيخ محمود خطاب إنشاء أول مصنع للنسيج بمصر تابع للجمعية الشرعية وبدوافع وطنية محضة وقال: نصنع ملابسنا بأيدينا ونحرر بلادنا بإرادتنا.. وبالفعل تم إنشاء أول مصنع للمنسوجات المصرية بحي الخيمية بين باب الشعرية وباب النصر بالدراسة واستمر المصنع نسيجا وتصنيعا حتي تبنت الدولة مشروع النسيج بعد ذلك باستعدادات أكبر.. أليست هذه سياسة في الدين.. ولكنها سياسة وطنية تغرق في الانتماء وحب الوطن والمحافظة علي استقلاله وأمنه.. كما أن الحياة لا تستمر يا أخ تهامي بدون ضوابط حاكمة لذا نحن مع ضبط حركة الحياة بأصول الدين علي مراعاة ظروف الناس والمجتمع وهذا لا يقتضي أن نسعي للسيطرة علي الحكم. هيئة العلماء في مأزق كيف مرت أحداث السياسة الأخيرة حتي 30يونيو عليكم في هيئة كبار العلماء بالأزهر.. وهل قررتم المشاركة والتأييد للثورة وفوضتم فضيلة شيخ الأزهر وقد ظهر في المشهد إلي جانب البابا تواضروس الثاني في مشهد عزل الرئيس محمد مرسي.. كيف عشتم هذه اللحظات؟ أي لحظات هذه.. الهيئة لم تجتمع أصلا منذ ستة أشهر بل لم يكتمل عددها حتي الآن.. فأصل عدد علماء كبار العلماء بالأزهر 40عالما تم اختيار 24 عالما فقط.. ولأنها لا تجتمع إلا بدعوة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر فلم نجتمع لأننا لم ندع بعد للاجتماع وهذا شيء غريب وعجيب وتقصير لأن الهيئة ينبغي أن تكون حاضرة في هذه الأحداث لا لتشتغل بالسياسة ولكن لتراقب وتنظر وتتهيأ لما يعرض عليها من أفكار ومهام.. وقد كنا نتطلع إلي أن يقوم الأزهر بدوره في الوساطة وتحقيق المصالحة والمقاربة بين الفرقاء من دون تمييز أو انحياز.. فالأزهر أكبر من أن يجامل أو ينحاز لطرف ولكنه ميزان القوة والعدل.. القوة في الحق والعدل في الحكم ولكننا بصراحة خسرنا هذه الفرصة بظهور فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في مشهد العزل وتأييد حركة الجيش المزخرفة بإرادة الشعب. ❊ ألم تفوضوا فضيلته بالظهور نيابة عنكم كهيئة كبار العلماء؟ نحن لم نجتمع أصلا لنعطي تفويضا.. ولم يعرض علينا فضيلته أمر ظهوره وتأييده مع الفريق أول السيسي.. وقد آلمنا كثيرا أن يهملنا فضيلة الإمام بهذا الشكل.. وقد أحدث تصرفه ردود أفعال متباينة في مواقف كبار العلماء وقد ظهر جليا موقف الدكتور حسن الشافعي عضو كبار العلماء والمستشار الأول للإمام الأكبر فقد أصدر بيانا شخصيا يعبر عن نفسه بصفة شخصية يستنكر الانقلاب علي الشرعية ويدعو لعودة الشرعية للرئيس محمد مرسي ووافقه المفكر الإسلامي د.محمد عمارة وعدد كبير من كبار العلماء وأصدروا بيانات شخصية بنفس المعني.. إذن حدث انشقاق حقيقي في صف هيئة كبار العلماء ويفقد الأزهر قدرته علي المبادرة والوساطة وباتت الهيئة في مأزق حقيقي في أول تجربة لها بعد أن استعادت مكانتها وعادت للوجود وكانت ألغيت بالقانون 103 لسنة 1961 وهو ما عرف بقانون تطوير الأزهر وأنشئ مجمع البحوث الإسلامية بديلا عنها.. نحن في مأزق حقيقي.. اعتذار واجب ❊ وما هو الحل.. وهل نتصور أن الهيئة توقفت وتجمدت عند هذا الحد وأن المصالحة بين العلماء والإمام غير وشيكة؟ يقول فضيلة الدكتور محمد المختار المهدي عضو هيئة كبار العلماء: لا شيء مستحيل.. وخلاف العلماء دائما منضبط بالشرع وبقواعد الخلاف وآدابه وعلينا أن نترجم ما نقوله للناس عملا وفعلا.. وأنا أري أن المقاربة في دعوة الدكتور الطيب لإخوانه العلماء بالهيئة للاجتماع ومناقشة ملابسات ظهوره وقراره ربما خفي عنا ما هو أعظم.. وحتي لو استدعي الأمر اعتذار فضيلته فأنا علي يقين أن طيبة نفسه ورجاجة عقله وحسن تقديره للمواقف لن تمنعه خاصة أننا علماء بعضنا زميل لفضيلته وبعضنا من أساتذته فلا حرج ولا ينقص من مقامه وقدره أن يعتذر إن توجب الاعتذار حتي تستقر هيئة كبار العلماء ويستعد الأزهر لمواجهة التحديات التي تزعجه. ❊ وأين موقفك الشخصي؟ لا موقف شخصيا لي فأنا إمام أهل السنة والجماعة والرئيس العام للجمعية الشرعية وفيها هيئة العلماء وموقفنا توافقي يعبر عن منهج الجمعية وميثاقها.. فلا رأي منفرد ولا تضارب في تصريحات لكننا رأينا أن الطريقة الأمنية في فض المنازعات ليست حلا آمنا وأن الدماء التي أريقت حراما سيسأل عنها الجميع لا استثني.. وأن ما يجري في سيناء خطر علي سيادة الدولة وحدودها وأن مبادرة الدكتور محمد سليم العوا كانت ممتازة وتصل بنا إلي الهدف من غير قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.. كما أكد علماء الجمعية علي خطورة الاشتغال بالسياسة ومعاقرتها وعلينا أن نستمر بنفس منهجنا لا تغرينا سلطة ولا يرهبنا سلطان.. التصوف السلفي ❊ كيف تري مواكب التصوف الآن.. ولماذا تحاربونهم؟ نحن لا نحارب التصوف ولكننا نحاول تقويم تصرفات بعض المتصوفين الذين تعلقوا بالبدع والخرافات وعدوها من الدين كما نقف نفس الموقف من تعصب السلفية وتطرف الجماعات الأخري لذا أري لو تخلصت الصوفية من البدع والخرافات لصارت سلفية ولو تخلصت السلفية من التعصب لصارت صوفية.. نريد من الجميع أن يقتدي بالنبي [ والصحابة العاملين فليس التصوف كسلا ودروشة وإنما زهد في متع الدنيا والعمل الصالح.