في محاولة لفض طلاسم ظهور عدد من الجثث بجوار اعتصامي رابعة العدوية والنهضة ، كشفت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن هناك 11 مواطنًا مصريًّا تم تعذيبهم حتي الموت داخل حديقة الأورمان في ميدان النهضة أو عند منصة رابعة العدوية، وقالت المنظمة في تقريرها التي حصلت عليه "آخر ساعة " حول ماجري في اعتصامي رابعة والنهضة: إن تطورات المشهد السياسي تؤكد حقيقة أن اعتصام ميداني رابعة والنهضة يبتعد عما أقرته المواثيق الدولية لحق التظاهر السلمي والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان؛ لانتهاك حقوق وحريات المواطنين الآخرين، مثل سكان المنطقة الواقع بها الاعتصام، أو ممارسة انتهاكات لحقوق الإنسان من خلال إجبار المواطنين علي الاستمرار في الاعتصام أو التعذيب، التي وصلت في حالات منها إلي الوفاة، أو استخدام الأطفال كدروع بشرية، والزج بهم في معترك الخلافات السياسية. ورصدت المنظمة في تقريرها حالات الوفاة التي نجمت عن التعذيب في الاعتصامين، وهم: المواطن أحمد خالد إبراهيم، 20 سنة، وتعرض للتعذيب علي أيدي جماعة الإخوان المسلمين بميدان رابعة العدوية، حيث أكد في شهادته: "كنت راجع من عند عمتي بمدينة نصر بعد صلاة العصر تقريبًا عندما وجدت مجموعة من الشباب، حوالي عشرة أشخاص، يرتدون ملابس متشابهة فسفورية ويضعون علي رؤوسهم خوذًا وماسكين في أيديهم شومًا وعصيًّا استوقفوني في الشارع، وطلبوا مني أن أنضم معهم إلي اعتصام رابعة العدوية، وأكدوا لي أنهم سوف يقدمون لي وجبة إفطار شهية، وقالو لي اللي أنت عاوزة هنعملهولك، وعندما ذهبت معهم إلي داخل الاعتصام، وبعد ساعة حاولت أن أتركهم وأمشي لكي أعود إلي منزلي، لكنهم رفضوا بشدة وتعاملوا معي بقسوة، وأخذونا أسفل مكان يقفون عليه ويشبه خشبة المسرح، وعرفت بعد ذلك أنها منصة رابعة العدوية، حيث وجدت أسفل هذا المكان ثلاثة أشخاص يقومون فيها بالتعذيب، وأدخلوني غرفة منها. المواطن عمرو مجدي سمك، 33 عامًا، عامل نسيج، وعثر الأهالي علي جثته وبها العديد من الإصابات بجوار مسجد رابعة العدوية، وبها إصابات تتمثل في "كدمات متفرقة بجميع أنحاء الجسم، وضرب بالعصي علي الصدر والبطن، وخلع بالأظافر، وآثار تعذيب شديد"؛ حيث تقدم أحمد عبد الحميد كامل، 23 عامًا، مسعف ببلاغ إلي قسم شرطة مدينة نصر أول، باستلامه جثة عمرو مجدي بها العديد من الإصابات "كدمات متفرقة بجميع أنحاء الجسم وضرب بالعصي علي الصدر والبطن وخلع الأظافر وآثار تعذيب شديد"، تم نقل الجثة إلي مستشفي التأمين الصحي، وأفاد تقرير الطب الشرعي علي أن "الوفاة نتيجة الصعق بالكهرباء وتقييده بالحبال، والاعتداء عليه بآلة حادة، كما وجدت آثار إصابات عبارة عن كدمات وسحجات متفرقة باليدين والصدر والظهر وآثار توثيق باليدين والقدمين نتيجة تعرضه للتعذيب، وأن أظافر قدمي القتيل قد تم نزعها من جسده، كما تبين وجود آثار تورمات في رأسه وجروح متفرقة بالصدر والظهر". أما النقيب محمد محمود فاروق، معاون قسم شرطة مصر الجديدة، وهاني عيد سعيد، مندوب شرطة، حيث تعرض "المذكوران" للتعذيب بالصعق بالكهرباء والضرب بالعصي والاحتجاز لمدة ساعتين. وفوجئ المواطن فتحي محمد مقبول،أثناء انصرافه بسيارته عقب إنزال 7 من الإخوان اصطحبهم من محافظة المنيا للمشاركة في التظاهرات في ميدان رابعة، بمجموعة من الشباب المكلفين بتأمين المتظاهرين يلتفون حوله ويقولون له تعال معنا أنت بتقول شعر تهاجم فيه الدكتور مرسي، ثم اصطحبوه إلي غرفة مصنوعة من الحديد ملاصقة لمسجد رابعة واستولوا منه علي 1200 جنيه وهاتفه المحمول، ووضعوا عصابة سوداء علي عينيه وانهالوا عليه بالضرب بالشوم وصعقه بالكهرباء بواسطة "إلكتريك" بعدما ألقوا عليه المياه.ويقول في شهادته: "استمروا في تعذيبي حتي سقطت علي الأرض، وحينها تم سحبي من هذه الغرفة إلي غرفة أخري مجاورة كان فيها 8 أفراد، منهم 4 بياعين كبدة و3 آخرين قالوا عليهم إنهم حرامية موبايلات، وواحد أخبرني أنه ملازم في الجيش ومن محافظة السويس، ولم يخبرني بحكايته؛ لأنه كان لا يتحدث مع أحد، وقضيت مع هذه المجموعة الليلة الأولي في شهر رمضان حتي حان موعد السحور فأحضروا لنا وجبة عبارة عن 3 قطع من الجبنة وعلبة زبادي و3 أرغفة من العيش، ومضت هذه الليلة، وفي اليوم الأول في رمضان خرجنا لتنظيف حمامات المسجد ومحيط المنصة الرئيسية حتي موعد صلاة الظهر، وبعدها تم اصطحابنا إلي الغرف المصنوعة من الحديد مرة أخري، وهي عبارة عن 4 غرف وطرقة مخصصة للتعذيب، وعندما حان وقت الإفطار أعطوني وجبة عبارة عن أرز ودجاج وفاصوليا، وبعد صلاة التراويح شاهدت مجموعة من الشباب يجردون شابًّا من ملابسه في الطرقة الخاصة بإحدي الغرف الحديدية، ثم انهالوا عليه بالضرب والتعذيب حتي فارق الحياة، وعندها تم سحبه ونقله إلي سيارة الإسعاف الواقفة بجانب المنصة الرئيسية، وعندما شاهدت صورته مع العميد عبد العزيز خضر، مفتش المباحث، عرفت أنه نفس الشخص الذي تعرض للتعذيب حتي الموت، وأنه يدعي فريد شوقي، وكانوا يضربونه بالشوم ويلقون عليه المياه ويصعقونه بالكهرباء حتي فارق الحياة، وأنهم كانوا يقولون إنه ضابط أمن دولة ومن محافظة الغربية". وأكد محمود أنه كان في طريقة للعمل بورشة عمله، وحال نزوله من الميكروباص بجوار نادي السكة الحديد بدائرة قسم شرطة ثان مدينة نصر، شاهد مسيرة لأنصار مرسي، فتحدث مع شخص يسير بجواره مستنكرًا السير والهتافات المناهضة للقوات المسلحة، فقام أحد المتواجدين وآخرين باصطحابه رغمًا عنه إلي اعتصام رابعة العدوية. وأضاف أن من قاموا بالتعدي عليه بالضرب وتوثيقه داخل خيمة بجوار إحدي محطات الوقود، بمعرفة عدد من المشايخ الذين لا يعرفهم، اعتقادًا منهم أنه "مرشد"، واستولوا منه علي هاتفه المحمول، وقاموا بتعصيب عينيه واصطحابه في سيارة وإلقائه بجوار مصنع 199 الحربي بحلوان، إلي أن عثر عليه حراس المصنع وطلبوا له الإسعاف. كما تعرض جابر محمد، 20 عامًا، للتعذيب لمدة سبع ساعات، حيث قال في شهادته: "كنت بأتسحر مع أصدقائي في بين السرايات، وبعد صلاة الفجر كنت في طريقي إلي منزلي بالعمرانية، فأوقفني شيوخ وسألوني عن بطاقتي الشخصية، وظننت في البداية أنها لجان شعبية لتأمين الاعتصام ولم أخوّنهم، فأظهرت بطاقتي، فطلبوا مني الحضور معهم لمكتب الأمن التابع للجان الشعبية ليسألني سؤالين، فذهبت معهم دون أن يخطر في بالي الفظائع التي يمكن لهم اقترافها، إلي أن فوجئت بظهور الأكمنة التي يقف عليها اللجان الشعبية ورجال ملثمون يحملون أسلحة، وانهالوا عليَّ بالضرب وسحلوني إلي داخل حديقة الأورمان، دخلت حديقة الأورمان مسحولاً علي أيدي أكثر من 6 شيوخ، ثم اتجهوا بي إلي يمين الحديقة، حيث توجد كافيتريا من دور واحد كانت هي مقر التعذيب، صعدت السلالم إلي سطح الكافتريا واستقبلني أكثر من 15 شخصًا منهم ملثم مسلح، ومنهم ملتحٍ يحمل الشوم والصواعق الكهربائية.. وانهالوا عليَّ جميعًا بالضرب بعد أن قيدوا رجلي ويدي وغموا عيني". أضاف المذكور أنهم كانوا يتبادلون الأدوار عليه، وكل واحد منهم يذكّر الآخر بالاستغفار بعد الانتهاء من نصيبه في تعذيبه، علاوة علي ترديد جملة الله أكبر الله أكبر وهم يعذبونه، موضحًا الشيخ يقول للشيخ استريّح أنت وأنا هأكمّل عليه، ويبدأ بالتكبير وينهال بالضرب، وعندما أقول لهم حرام أو أنطق بكلمة كانوا يرشون في عيني وفمي وأنفي غازات تسبب الاختناق وضيق التنفس وتشل الأعصاب". وأكد التقرير أن سكان رابعة العدوية بمدينه نصر وبين السرايات بالجيزة يتعرضون لعقاب جماعي من جانب أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي ومؤيديهم من الجماعات والأحزاب والتيارات الإسلامية، الذين قاموا باحتلال للمنطقة وغلقها تمامًا بالسواتر الحجرية والرملية واستخدامها كمنطقة اعتصام، علي عكس ما كانت تشتهر به المنطقة من حركة دائمة بسبب وجود العديد من المؤسسات والمباني العسكرية، وكبري الشركات الخاصة ذات الاستثمارات الضخمة والبنوك الحكومية والخاصة، إلي جانب الجامعة الأكبر، وهي جامعة الأزهر، كما يوجد بها دار الفردوس للأيتام بجوار الجامعة، وكل تلك المؤسسات بدأت في إغلاق فروعها منذ الأسبوع الأول من اعتصام مؤيدي المعزول. كما تسبب الاعتصام في تكدير الأمن والسلم الاجتماعي وإحداث حالة من التكدس المروري غير المسبوق بعد غلق 3 طرق رئيسية تتمثل في شوارع النصر والطيران ويوسف عباس وبعض الطرق المؤدية إليهم، ثم احتلال مدرستي عبد العزيز جاويش وعبير الإسلام، وتكسير أسوارهما وإقامة دورات للمياه، بالإضافة إلي الاستيلاء علي مستشفي رابعة العدوية، ونقل جميع الأجهزة والأدوية الخاصة بمستشفي تبارك للمستشفي الميداني داخل الاعتصام. فضلاً عن تعطيل العمل بالعديد من المنشآت الحكومية الهامة، التي يأتي علي رأسها هيئة الشئون المالية التابعة للقوات المسلحة ومصلحة أمن الموانئ والإدارة العامة للمرور ودار مناسبات رابعة العدوية، بالإضافة لعشرات الشركات والمحلات والمولات التجارية والإضرار بما يقرب من 100 ألف نسمة من أهالي المنطقة. كما رصد التقرير استخدام مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي الأطفال في الصراع السياسي الدائر حاليًّا بعد عزل مرسي، فقاموا بتسيير تظاهرة من قبل مجموعة من الأطفال تحت شعار "أطفال ضد الانقلاب"، وشارك فيها عدد من الأطفال لا تتعدي أعمارهم العاشرة وهم يرتدون الأكفان البيضاء، رافعين لافتات "شهيد تحت الطلب"، وهو ما دفع العديد من المؤسسات لتقديم بلاغات متعددة للنائب العام للتحقيق في الحشد الجبري للأطفال في رابعة العدوية بما يتضمنه ذلك من انتهاك للقانون، خاصة نص المادة 291 من قانون الطفل، التي تمنع استغلال الأطفال بأي صورة، والمادة 64 من قانون الاتجار البشر لعام 2010 التي تحظر الاستغلال السياسي للأطفال، وتلقينهم خطابًا سياسيًّا بهدف استمالة أطراف أخري، وعليه فإن استخدام الأطفال والنساء في مظاهرات الإخوان كدروع بشرية وتصويرهم بالأكفان أمر مخالف تمامًا للعرف والقانون المحلي والدولي، ويخلق من الأطفال جيلا جديدًا من الإرهابيين. وقد كشفت أجهزة الأمن مخططًا جديدًا لجماعة الإخوان لجلب أطفال جمعيات الأيتام وأطفال الشوارع واستغلالهم في المسيرات التي يتم تنظيمها ليكونوا دروعًا بشرية. وذلك أثناء سير أتوبيسين يستقلهما 42 طفلاً قبل اصطحابهم إلي اعتصام رابعة العدوية، حيث يقوم بعض أعضاء جماعة الإخوان بجمع أطفال دور الأيتام وأطفال الشوارع للمشاركة في اعتصام رابعة العدوية بمدينة نصر عن طريق نقلهم بأتوبيسات خاصة، كما ضبطت سيارة أخري بداخلها 29 طفلاً في اتجاه منطقة رابعة ليصبح عدد الأطفال المحتجزين حاليًّا 71 واعترف أهالي الأطفال بحصولهم علي مبالغ مالية من أشخاص نظير مشاركتهم في التظاهرات.