سعيد عتيق في قرية "شبانة" الحدودية، يعيش الناشط السيناوي سعيد عتيق، المسافة بين بيته وبين الأرض المحتلة لا تتعدي ثلاثة كيلو مترات. أطلق عتيق علي ابنه اسم "فادي" ووهبه للدفاع عن الوطن، وحماية الحدود المصرية. في 30يونيو شكّل عتيق مع أهل قريته لجانا شعبية لعدم تسلل عناصر من حماس إلي سيناء، وهو الأمر الذي أثار العداء ضده من الإخوان المسلمين، مما جعله يتلقي تهديدات بالقتل.. وفي زيارته (الآن) إلي القاهرة التقت "آخر ساعة" به لتقف علي رؤيته حول حقيقة الجماعات الجهادية في أرض الفيروز وجدوي العمليات العسكرية ضد الإرهاب والمشاكل التي يعاني منها أهلنا في سيناء. كيف تري المشهد في سيناء بعد 30 يونيو؟ طبيعي!.. فالإخوان منذ ما يقارب علي ثلاث سنوات، ومن لحظة أن تولي المجلس العسكري الحكم وهم يحاولون بشكل أو بآخر أن يستخدموا سيناء كمكان استراتيجي لردع أي فكرة عسكرية قادمة علي حكم مصر أو لخلق توازن بين الجناح العسكري وجناح الإخوان المسلمين. وقلنا ذلك مرارا إن خيرت الشاطر يدعم ويخلق خلايا نائمة داخل سيناء ليظهر للغرب أن المؤسسة العسكرية غير قادرة علي السيطرة علي الوضع في سيناء وأنها أصبحت هشة ورقيقة لا تستطيع حكم مصر؛ وهذه هي الرسائل التي كانت ترسلها الجماعة لإسرائيل لزيادة تعاطفها معها وغض الطرف عنها لتوجيه حكم مصر لتحصل بشكل أو بآخر علي دعم من أمريكا وتسويقهم علي أنهم يستطيعون حماية اسرائيل وإنهاء الصراع العربي الاسرائيلي لخلق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. منذ تلك الفترة بدأ الإخوان المسلمون يدخلون سيناء بأعداد وتدريب من حماس وتمويل من خيرت الشاطر وحذرنا من خطوات الإخوان والتيار الإسلامي بعد أن انكشف أمره لدينا في سيناء قبل أن ينكشف علي مستوي المركزية في القاهرة. ولكن الإخوان حكموا مصر بعد فوزهم في الانتخابات؟ انتخابات أو غير انتخابات، كنا نعرف أن الإخوان قادمون من أجل الحكم لأن تحركهم هناك كان غير وطني ومقززاً - من وجهة نظرنا نحن أبناء القبائل- وكنا نرفض هذا لأننا كنا نصطدم بحماقات حماس، وكانت جماعة الإخوان تحتوي كل ما ترضي عنه حماس، فمثلا حماس كان لها تعامل مع مهربين أثناء حكم مبارك وبعد ثورة 25يناير أصبح هؤلاء المهربون رموزا داخل جماعة الإخوان المسلمين أو من أشد المقربين لمكتب الإرشاد، وبعد أن تولي مرسي الحكم تقلدوا زمام الأمور ورغم كل المرار الذي عشناه في الفترة السابقة كنت أري أن الموقف في سيناء يدعو للتفاؤل بشكل كبير لأن أي تنظيم لا يقوم علي فكر وطني محترم يكون مصيره الفشل.. كنت أدرك اختلاف الشعب مع الجماعات الموجودة في سيناء شكلا ومضمونا.. مجموعات شبيهة بالمرتزقه أكثر من كونها فصيلا قائما علي الشعبية بل إنها فصيل قائم علي لغة الدولار إن صح التعبير. ألم يكن من الأفضل أن تقوم حماس بتنويم هذه الخلايا أثناء حكم مرسي حتي يروج الإخوان للعالم أن الجيش أصبح تحت سيطرة مرسي؟ حماس دعمت مربع الإخوان الذي كانت تصفي فيه الحسابات مع المؤسسة العسكرية والدولة العميقة وكأنها تؤكد أن سيناء ملعبها وتقول: "هتسيبونا هنا مش هنحرجكم" وكأن أي خلاف يحدث بين المؤسسة العسكرية والإخوان كان يظهر علي أرض الواقع في سيناء .. هل تظن أن الإخوان يعلمون من قتل جنودنا في سيناء؟ قتل الجنود في سيناء لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعفي منه حماس وشاركت فيه هذا بشكل مباشر أو غير مباشر، وحماس موجودة في المشهد وتستطيع أن تقول من قتل الجنود لأن حماس منذ أن أتت علي حكم غزة وبانقلابها الأسود في أيلول 2006.. كانت تقول في مساجدها والحلقات الدعوية مع شبابها بأن حدود فلسطين التاريخية تبدأ من عند باب العريش وهذا دليل أن لديها مشروعا داخل سيناء، وبعد ثورة يناير زرعت عناصرها في سيناء لتنشر في كل ندواتها الدعوية فكرة أن الجيش المصري أصبح مهزوزا وأن عصر الجيوش المنظمة انتهي وجاء وقت تمكين الأمة الإسلامية وهذه كانت استراتيجية للتقليل من شكل الجيش المصري ودوره التاريخي وهذا شجع التحرك في سيناء بدون الأخذ في الاعتبار أن المؤسسة العسكرية موجودة وأن الجيش المصري جيش قوي واشتغلت علي هذا الأساس. حماس يهمها أن تظل منطقة الشيخ زويد وهي المنطقة الملتهبة حاليا خارج السيادة المصرية لأن حماس لديها هوس عودة فتح مرة أخري لقطاع غزة بإرادة جامعة الدول العربية ولو دخلت هذه المنطقة تحت السيادة المصرية فحماس تعلم أن 90٪ من مصالحها وهي العمود الفقري الرئيسي هي الأنفاق وغلق الأنفاق يعني إنهاء حكم حماس في قطاع غزة وهو ما جعلها تقوم بعمليات إرهابية تستهدف عناصر الجيش والشرطة حتي يكون الوضع متوترا وأمرا واقعا تستطيع أن تساوم عليه الحكومة المصرية. إذن كيف كان السيناريو إذا لم تنجح ثورة 30 يونيو واستمر مرسي في السلطة؟ لو يكن سيناريو وإنما أفعال نفذتها حماس بالفعل وبدأت فيها وكان من المتوقع أن تستمر في استغلال الأوضاع في سيناء بمحاولات الاستقطاب واستغلال الفقر من تمكين أكثر للفلسطينيين في سيناء ربما بتمريرهم بحق الانتفاع أو تمريرهم أكثر بقوانين إتاحة ببناء وحدات بغرض الإقامة لغير المصريين وكان هذا واضحا جدا لنا وربما كان يحتاج إلي سنتين أو ثلاثة لتمكين الفلسطينيين. وآمل ان تتشاور الحكومة مع أبناء المنطقة الحدودية وشيوخها لوضح حلول جذرية لا نطلب أن تكون فورية وإنما حلول علي المدي البعيد حتي تعطي بصيصاً من الأمل لأن الوضع في المنطقة ملتهب ومتشابك وتضخ فيه أموال لا حصر لها في سبيل العبث بالأمن القومي المصري لذلك يجب علي الحكومة أن تخرج برؤية حقيقية تطمئن الشعب السيناوي من ناحية قطاع غزة الذي قارب علي الانفجار ولابد من نظرة استراتيجية لهذا الأمر. ماذا تقصد بانفجار قطاع غزة؟ قطاع غزة به 2مليون نسمة ووفقا لآخر الإحصائيات أنه في 2020.. لن يجدوا أماكن ولا آبارا جوفية ولن يستطيعوا أن يستوردوا المياه لأن القطاع به أكبر كثافة سكانية في العالم وفي المقابل نجد اليمين الإسرائيلي المتطرف لايؤمن بالتفريط في شبر من الأرض والآن توجد بالفعل أزمة سكانية في قطاع غزة والسؤال الاستراتيجي المفترض أن تجيب عنه الدولة: كيف يكون الخروج من عنق الزجاجة.. هل علي حساب الدولة المصرية وسيادتها؟ هذا يحتاج من الحكومة أن تخرج وتطمئن المجتمع السيناوي فبعيدا عن السياسة ومقولة إن الإخوان اتفقوا علي التفريط في أرض سيناءللفلسطينيين لابد أن نحسبها بالورقة والقلم!.. هناك قطاع سينفجر فأين سيلفظ ما به من بشر؟ السيد مرسي ترك لنا هدنة مع إسرائيل برعاية حماس لمدة 12سنة في خلال هذه المدة ما هو الموقف مع قطاع غزة؟ لا يوجد أمامهم سوي حلين إما أن يأتوا إلي مصر أو أن يردموا البحر لا يوجد خيار ثالث! والخيار الأول كان مطروحا في عهد مرسي بلاشك ولو كان استمر مرسي كنت سمعت من يقول لك من الإحوان إن اليهود كانوا يعيشون مع رسول الله في المدينة فما المشكلة أن تتقبل الفسطينيين علي أرضنا.. أنت أمام فصيل فكري أتت به أمريكا لحكم مصر لتنفيذ خطط معينة.. وفي فترة من الفترات لم تضرب طلقة من الجماعات الإسلامية لمدة 6 شهور فما سر هذه التنظيمات التي تعمل بالفيشة وحين تسحبها تقف وتعمل من جديد حين تضعها. هل يعني هذا أن كل التنظيمات في سيناء تابعة لجماعة الإخوان المسلمين؟ من لم يكن تابعا بالشكل التنظيمي تابع بالشكل التمويلي.. كله من بئر واحد. بما أنك قريب من الوضع وهل من الأفضل أن يستعين الجيش بأهالي سيناء للكشف عن الخلايا الإرهابية؟ هناك تطمينات من قلب سيناء ولكن هناك أيضا اتفاقية كامب ديفيد المقيدة للجيش وعدد الجنود محدد جدا ووزارة الداخلية لم تأت بعد ولابد أن نعيد اللحمة بين أهل سيناء والداخلية.. يمكن أن نقول أن الجيش مسيطر بنسبة 80٪ علي المعركة في سيناء ولكن بالتوازي نحن نحتاج إلي حل سياسي لأن الحل الأمني وحده أعتقد أنه لا يصلح في هذا التوقيت. والحل السياسي هو كيف تعيد القبائل مرة أخري إلي المشهد السياسي نحن كشباب ندعي لبناء دولة تحت رعاية الرئيس الجديد وهذا حلمنا لأننا نعلم أننا لن نحصل علي حقوقنا إلا في ظل دولة حقيقة تحمل معني المواطنة.. ومشايخنا لا نستطيع أن ننكرهم.. وهم موجودون والشيخ هو ممثل الدولة داخل القبيلة لذلك يجب أن يكون علي قدر المسئولية من الرؤية الوطنية. وكيف يكون ذلك؟ أقترح أن يكون الشيخ بالانتخاب ويتم وضع ضوابط للشيخ أقل شيء أن يكون حاصلا علي مؤهل متوسط ومثقفاً ومدركا لدوره، كل هذه الأمور مهمة فأنت أمام مجتمع يحتاج أن تعيد ولاءه واندماجه إلي الوطن.. فقد ظل 30 سنة معزولا عنه رغم أن من يحيون علي أرضه أكثر وطنية من غيرهم.. ففي أصعب الأوقات عرض عليهم مال من قبل المخابرات المختلفة وهم في أمس الحاجة إلي المال ورفضوا.. ولا أنكر أن هناك بعض من باعوا أنفسهم ولكنهم منبوذون داخل المجتمع السيناوي. بعد 25يناير أصبحت سيناء محط الأنظار وهناك من أبنائها مثلك من يعبرون عن همومها للمسئولين.. ألا يشعرك هذا أن أهل سيناء بدأوا بالفعل يندمجون في الواقع المصري؟ قضية سينا هي قضية كل المصريين.. كان لدينا مشكلة مع الإعلام المصري أنه كان دائما ينظر إلي سيناء علي أنها صفحة حوادث فلماذا لا يتم النظر إلي الإنسان الذي يعيش فيها.. لابد من الاعتراف بهذا الإنسان وبثقافته لأن هذا نوع من أنواع إعادته مرة أخري للوطن بشكل حقيقي.. فأغلب المصريين لا يعلمون شيئا عن الثقافة السيناوية رغم أن هذه الثقافة تدرس في إسرائيل وهناك راديو عبري يتكلم بالفلكلور البدوي..