ترامب يدعم تصويتًا فى مجلس النواب للإفراج عن ملفات قضية إبستين    بعد صلاة الفجر.. كلمات تفتح لك أبواب الرحمة والسكينة    أحمد سعد: أنا بخير وعندي حفلة يوم الجمعة ومش هتنطط    خالد النبوي: لا أعلم ما كان سيكون مصيرى لولا فيلم «المهاجر»    معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة اليوم    مجانًا بث مباشر.. مشاهدة مباراة مصر ضد كاب فيردي| اليوم دون تقطيع وبجودة عالية    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 17 نوفمبر 2025    هتشحن بكام؟.. قيمة زيادة كروت الشحن المتوقعة    السيطرة على حريق نشب في سيارة ملاكي و4 موتوسيكلات بأرض فضاء بالزاوية الحمراء    بمناسبة ذكرى استشهاده.. القصة الكاملة لاغتيال العقيد محمد مبروك: بطل هزّ عرش جماعة الإخوان الإرهابية    أبرز عروض كارفور في الجمعة البيضاء 2025.. خصومات هائلة    #جزيرة_الوراق تتصدر مع تحوّلها لثكنة عسكرية .. ودعوات للتصدي بالثبات في الأرض    ياسمينا العبد: شخصيتي في ميدتيرم هي الأصعب.. مركبة من عدة شخصيات في آن واحد    ترامب يتوعد بعقوبات شديدة على الدول التي تتعامل تجاريا مع روسيا    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    أمن الجيزة يفحص فيديو اعتداء مالك سيارة وزوجته على سائق بالجيزة    انتهاء التحقيق مع الفنان شادي ألفونس وحبسه 4 أيام بتهمة حيازة المخدرات    قوات حرس الحدود الأمريكية تعتقل 81 شخصا في شارلوت كارولاينا الشمالية    د.حماد عبدالله يكتب: الأمن القومى المصرى !!    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 17 نوفمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    لأول مرة| البريد تطلق تطبيق «فلوسي» وخدمة التسليم عبر محطات الطرود الذكية    رويترز: الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد يجرى محادثات مع نظيره الفنزويلى    إيران: البرنامج النووى لا يزال سليما رغم الأضرار الكبيرة فى المواقع النووية    مروة صبري تعتذر ل دينا الشربيني: «أنا غلطت والصلح خير»    مدير الترميم بالمتحف الكبير: المركز أول مبنى في المشروع.. وتمر كل القطع عليه    رئيس جهاز 6 أكتوبر: قطع المرافق وإزالات فورية لمخالفات البناء    مصادر عسكرية سودانية: مقتل 6 من قيادات الدعم السريع في محور بابنوسة    تريزيجيه: فضلت منتخب مصر على أستون فيلا.. والقرار أنهى رحلتي في إنجلترا    إيطاليا تسقط أمام النرويج برباعية في تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم    نتنياهو يواصل التهرب من تشكيل لجنة تحقيق رسمية في هجوم أكتوبر    كلب ضال يعقر 9 أشخاص فى منطقة الكرور بأسوان    عاجل- الفصائل الفلسطينية تؤكد شروطها تجاه أي قوة دولية محتملة في قطاع غزة    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا صفقة سوبر وشيكو بانزا «غير سوي»    مودي ناصر: طارق السيد فاوضنى للانضمام للزمالك والموسم الحالى هو الأخير مع إنبى    ضبط 16 جوال دقيق مدعم وإغلاق مخابز مخالفة في حملة تموينية موسعة بالعياط    رجب بكار: منتخب مصر ضحى بي في أمم أفريقيا 2019    نائب رئيس اتحاد كاب فيردي: غياب صلاح لن يؤثر على قوة منتخب مصر    هل تناول اللحوم والألبان خطر على الصحة في ظل انتشار الحمى القلاعية؟    السجن المشدد عقوبة جريمة الإضرار بالأمن القومي من خلال تقنية المعلومات    اللجنة المصرية في قطاع غزة توزع الخيام على النازحين المتضررين من الطقس السيء | فيديو    حلم البديل يتحقق.. الكونغو الديموقراطية تقصي نيجيريا وتتأهل إلى الملحق العالمي المؤهل للمونديال    بولندا تستقبل 2026 باحتفالات مبهجة.. أسواق الهدايا تضيء مدينة بوزنان    بعد جولة ناجحة بأهم 3 عواصم أوروبية.. عين الحسود تصيب أحمد سعد    وزير التعليم الأسبق ل ستوديو إكسترا: التقييم المدرسى يجب أن يكون له هدف واضح    في عمق الشتاء، صيف. (10)    خبراء التكنولوجيا يؤكدون اقتراب مصر من ريادة الذكاء الاصطناعي إقليميًا بشرط توحيد الاستراتيجية    أخبار × 24 ساعة.. وزارة التضامن: 10.2 مليون طفل من سن يوم إلى 4 سنوات    هل التبسّم في الصلاة يبطلها؟ أمين الفتوى يجيب    لأول مرة بمستشفيات الفيوم.. نجاح تركيب منظمات ضربات القلب وأجهزة الصاعق الداخلي    ما حكم الامتناع عن الإنفاق على الزوجة والأولاد؟.. أمينة الفتوى تجيب    أول رد رسمي من تربية أسيوط على واقعة سحب مقررين لأحد الأساتذة    قضايا الدولة تفتتح مقرا جديدا لها بالوادي الجديد (صور)    انطلاق حملة التطعيم ضد الحصبة للأطفال حتى 12 سنة بأسوان.. صور    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    الرعاية الصحية تبحث تطوير خدمات القساطر القلبية المتقدمة لمرضى التأمين الصحي الشامل    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق حسني في فضفضة بعيدا عن السياسة
أنا زاهد في الدنيا
نشر في آخر ساعة يوم 10 - 08 - 2010

هذه المرة كان اللقاء بعيدا عن تقاليد وبروتوكولات كرسي الوزارة.. كان اللقاء مع فاروق حسني الفنان والإنسان، الذي كشف بعفوية وتلقائية كبيرة عن جوانب غامضة وغير معلومة من حياته تنم عن روحانيات عالية ونظرة صوفية زاهدة للدنيا.
الفنان الوزير يتحدث في لقائه أقرب للفضفضة عن علاقته بالله وعلاقته بوالديه وأشقائه وذكرياته بين الإسكندرية والحب الأول وعلاقة الفن بالمسئولية الاجتماعية والمناصب السياسية وذلك بلغة إنسانية رقيقة مفعمة بالمشاعر..
فاروق حسني يتحدث كذلك عن لوحاته وعن الشائعات التي تطارده من حين لآخر ويكشف عن فلسفته الخاصة بقرار عدم الزواج وعدم إنجاب الأطفال وعن أحلامه التي تحققت وتلك التي حرم منها.
❊ سألته: ما الذي يؤرق فاروق حسني هذه الأيام وما هي تطلعاته؟
ليس هناك شيء.. ولا أريد أي شيء.. سعادتي في العطاء..
❊ هكذا كان رد فاروق حسني.. كلمات مختصرة، ولكنها معبرة ومفعمة بمشاعر الرضا.. وعليه كان السؤال: إذن وعلي مدار 23عاما شغلت فيها منصب وزير الثقافة.. هل حققت جميع أحلامك؟
لقد حققت نفسي فنيا رغم انحساري وانصياعي لرغبات ومهام اجتماعية معينة.. لكني حافظت علي فني لأنه المعني الأهم لتحقيق ذاتي.
❊ في مسرح الحياة جميعنا نختبر شتي أنواع الآلام كما نواجه بمختلف أشكال السعادة، فهل تشعر أن عملك بوزارة الثقافة قد سبب لك ألما، بكلام آخر هل الوزارة سرقت عمرك؟
لقد حظيت بتحمل مسئولية عمل اجتماعي وقومي والحقيقة أنني سعدت بتلك المسئولية، لاسيما أنها منحتني الفرصة للمساهمة الاجتماعية التي بدأتها عندما كنت مديرا لقصر ثقافة الأنفوشي ثم مديرا للمركز الثقافي المصري بباريس ثم رئيسا للأكاديمية المصرية بروما.. وكل هذه الوظائف كانت في خدمة المجتمع.. والوزير هو أعلي المناصب المتاحة لخدمة المجتمع..
❊ 23عاما لم تخلع خلالها بدلة الوزير.. ألم تحن أبدا لأن تكون مثل أي إنسان عادي يمشي في الشارع ويتجول بحرية ويجلس في المقاهي؟
منصب الوزير له مدلولات ومحددات خاصة.. وهو يتطلب أن تنصاع للبروتوكول فضلا عن تقدير حجم المسئولية الملقاة علي عاتقك.. وقد قبلت بكل هذا وقبلت أن تسير وتتحدد تصرفاتي وفق دستور المنصب.
❊ قبل أن تصبح وزيرا، فيم كنت تحلم؟
قبل أن أصبح وزيرا كنت قد حددت موعدا لعودتي إلي مصر وهو أكتوبر 1988.. وكنت ساعتها قد بدأت في مشروع بناء باخرة سياحية، وقطعت شوطا كبيرا في هذا الأمر، فقد كان لي قناعة بأنه من الضروري وجود دخل لي من نشاط أحبه.. وأنا كنت ولازلت أعشق الآثار والسياحة وكان لدي طموح عمل مركب سياحي.. لكني ابتعدت عن المشروع ولم استكمله بعدما توليت الوزارة وأصبح هذا المشروع أفشل شيء عملته في حياتي لأنه لم يكتمل.. فقد وضعت همي في عملي خاصة بعد أن نصحني الرئيس محمد حسني مبارك بابتعادي عن هذا النوع من العمل، وهو ما حدث بالفعل وابتعدت عن المراكب وليس لي فيها سوي 10٪ فقط.
❊ هل تتذكر أول قرار اتخذته بعد أن أصبحت وزيرا؟
نعم كان هذا في يناير 1988.. حيث سألني الرئيس مبارك عن موعد افتتاح دار الأوبرا.. وكانت إجابتي: يوم 10 أكتوبر الساعة 8 مساء.. كان هذا أول وعد للرئيس.. وقد وعدت وأوفيت.
❊ هل لديك خطط لما بعد خروجك من الوزارة؟
لدي مشروع ذاتي سأقيمه في مصر.. لكني لا أستطيع التحدث عنه الآن.
❊ لكن يتردد عزمك ترك مصر والهجرة لأوروبا؟
ليس لي ارتباط بشيء في الخارج.. وقضائي 8سنوات في الخارج لا تدفعني لأن أبتعد عن مصر.. لأن مصر مثل جلدي ولا تغنيني عن مصر أي دولة في العالم.
❊ هل ندمت علي قرار اتخذته خلال فترة وجودك في الوزارة؟
23عاما وأن أتخذ قرارات.. لكنني لا أوقع علي أي قرار بشكل عشوائي أو متسرع.. كل الأمور تخضع للدراسة المتأنية.. ولكن هناك بعض القرارات التي ندمت عليها وتراجعت فيها قبل أن تنفذ..
❊ كيف كان المشهد الثقافي المصري أواخر الثمانينات؟
الثقافة هي تاج مصر الحقيقي.. ومصر تمتلك إرثا إنسانيا وإبداعيا ضخما ومع ذلك كان النشاط الثقافي المصري في تلك الفترة متوقفا تماما.. وكانت مصر محرومة تماما من أي مراكز ثقافية أو إبداعية.. كان الشباب المبدع ضائعا لاسيما بعد نهاية عهد العمالقة المفكرين والمبدعين.. باختصار كانت هذه المرحلة أقرب للفترة الرمادية في تاريخ مصر الثقافي.. لكننا جئنا بالشباب ودفعناهم لمواقع المسئولية، هؤلاء الشباب هم الموجودون الآن علي الساحة، وقد يمثلون مشاهد الصدارة خلال السنوات القادمة خاصة أن متوسطات أعمارهم لا تتجاوز اليوم 23عاما إنهم المستقبل فكريا وإبداعيا..
ويكمل: كان الكيان الثقافي نهاية الثمانينات حيا لكنه مريض ويجهل حقيقة مرضه، فبدأنا في معالجته وتطويره، حتي صنعنا مستقبلا لهذا الكيان الثري.. وأكرر بأن الشباب الموجود الآن في صدر المشاهد الثقافية المصرية من أدب وفنون تشكيلية وسينما ومسرح هم مستقبل حياتنا الثقافية.. لقد راهنت عليهم وأنا علي يقين من نجاحهم بعد تركي الوزارة، فسيصبحون رموزا تشرف مصر مثلما سبق أن شرفها رموز عظيمة راحلة.
❊ تبدو مسيرتك في العمل الثقافي كراهب يمارس طقوسه بدوافع عاطفية وروحانية؟
بالفعل اشتغلت بعاطفتي.. والعاطفة تصل إلي كل الناس مرؤوسين ورؤساء.. كل حياتي وارتباطاتي عاطفية حتي في علاقتي مع الجماد.. ومجتمعنا يملك من الذكاء الجمعي الذي يمكنه من إدراك مشاعرك الصافية التي تصله من خلال عملك الجاد لاسيما والناس يدركون أنك شغال لهم.. وأنا بيني وبين المجتمع علاقة طيبة لا أعرف من أين جاءت، وهذه مسئولية خطيرة تضغط علي النفس والمشاعر رغبة في عدم فقدانها.
❊ما أقرب المشروعات الثقافية لقلبك؟
عندما تسأل أبا عن أبنائه سوف يعدد لك محاسنهم ومميزاتهم.. والحقيقة أنا مرتبط بمجموعة أبناء أقصد مشروعات عملاقة، كانت جميعها نتاج بنات أفكار لحظات سخية في حياتي.. كما أن هناك العديد من الأنشطة الثقافية المؤثرة التي أرتبط بها كالمسرح التجريبي وصالون الشباب فضلا عن دعم وتشجيع الإبداع الشبابي وتحديث الرؤي الثقافية الوطنية.. هذه أمور ظلت شاغلي الأول وفي وجداني.. وبالتالي فأنا مرتاح الضمير وليس هناك من يؤرقني نهائيا.
أما مسألة أني قديس في محراب الثقافة المصرية فإنني أؤكد أنه حين تتحمل رسالة يكون القدر بذلك قد اصطفاك.. وأنا لا أعتبر الرئيس مبارك رئيسا لنا جميعا فحسب بل إنه أكبر من ذلك بكثير، فلم أشعر يوما أنه يرفض حالة إبداعية تسهم في زيادة الثقل الثقافي للدولة وكان دوما مؤازرا وشريكا أساسيا في كل الإنجازات الثقافية.
ويكمل الوزير الفنان بعد فترة صمت وجيزة: أنا زاهد في الحياة.. لكن الكيان الثقافي المصري كان يمثل هاجسا لي.
❊ كيف هذا؟
إن حبي للمسئولية الخدمية يجعل من الأمر هاجسا حرصا مني علي تقديم الأفضل.. و أنا أؤمن أن الإنسان موجود علي الأرض ليكون عضوا ا جتماعيا متكاملا يؤثر ويتأثر ويسعي لتحقيق إفادة للمجتمع.. وظروفي وضعتني في موضع مؤثر في المجتمع.. وهذا يجعلك تزهد بقية الحياة.
❊ هل أنت قريب من الله؟
الله فينا.. وهو أقرب إلينا من حبل الوريد.. وليس من الطبيعي أن يسأل أحد الآخر عن علاقته بالله.. وكلما زاد المرء اطلاعا وعلما تعمق رؤيتك بالإيمان والتجارب.. بمعني أن أي متعمق في المعرفة والثقافة لابد أن يكون دارسا أو علي دراية بالنواحي الدينية.
❊ لم تسلم من الشائعات منذ دخولك وزارة الثقافة فكيف تواجه هذا الأمر؟
دوما كنت أراهن علي الزمن في كشف زيف هذه الشائعات ورغم إحساسي بالظلم والأسي من هذه الشائعات لكني كنت أردد دوما »وإيه ياخد الريح من البلاط«..
❊ ما الذي حرمك منه فاروق حسني الوزير؟
أنا كإنسان، محروم من نفسي، أنا لا أستطيع العيش كمعظم فئات المجتمع.. كما أن الفنان بصفة عامة بداخله جزء بوهيمي وعفوي وبلا حسابات وهو ما يتعارض مع منصبك كوزير.. وعموما فإن عزائي الوحيد في هذه الحياة أنني قدمت أمورا لخدمة المجتمع.
❊ نلمح في أعمالك الفنية جذورا سكندرية.. فإلي أي مدي أثرت فيك الإسكندرية كفنان يمسك الفرشاة ويتعامل مع ألوان وظلال وأضواء وماهي ذكرياتك فيها؟
الإسكندرية وطني الأساسي الذي غرس في حواسي وعقلي كافة الثوابت التي أرتكز عليها الآن، وهي مدينة ذات سحر خاص ولها مكانة في نفس أبنائها وبالتحديد في نفسي أنا..
أما عن ذكرياتي هناك فترتبط بالأشخاص وبالبحر والسماء والسحب والطيور والحدائق والأزقة والحواري والشوارع.. أنا أتذكر شارع جودة وهو شارع صغير شاهدت فيه وأنا صغير يوما بيرم التونسي، فمشيت وراءه، وفجأة سقطت فوقه مياه من إحدي النوافذ فلم يتكلم أو يعلق وأكمل سيره.
❊ هل هناك خطط أو رؤي لوزارة الثقافة بعد فاروق حسني؟
أكذب لو قلت أن هناك رؤي لمستقبل الوزارة، أمامي.. لكني أتمني أن تسير بنفس الخطي أو أسرع.
❊ما أحلامك للثقافة المصرية في المرحلة المقبلة؟
أحلامي أن ينتهي علي خير افتتاح المتحف الكبير بعد 26 شهرا، إضافة لمتحف الحضارة الذي سيفتتح بعد 16 شهرا سواء في وجودي أو في غير وجودي.
أما أحلامي الخاصة فأحلم بأن يكون لي تلاميذ.
❊ ماسر الوحدة التي تعيش فيها ولماذا لا تتحدث عن أسرتك؟
يرد فاروق حسني بعفوية: كنت أزور والدتي قبل وفاتها.. وكنت أحبها بضراوة.. كما أن لي ثلاث شقيقات وشقيقين ودائما أسأل عنهم كما أدخل في نقاشات »وخناقات« ثقافية مع شقيقتي وأولادها أما والدي فقد توفي وعموما أنا أخرج بمفردي كثيرا أستقل سيارتي وأنطلق حتي الطريق الصحراوي ثم أعود.
❊ بعد كل هذه السنين هل أنت نادم علي عدم الزوا ج وتكوين أسرة وإنجاب أطفال؟
أنا فنان.. وما يثبت اسم الفنان في التاريخ هو رسمك وليس ابنك والدليل أن أحدا لم يحمل اسم أم كلثوم أو عبدالوهاب أو توفيق الحكيم أو نجيب محفوظ.. فقط أعمالهم هي التي بقيت خالدة وخلدت أسماءهم.
❊ ألم تجرب الحب يوما ما؟
وهل هناك إنسان لم يجرب الحب في فترة الشباب علي الأقل عدة مرات؟.. وبدون شك الحب عنصر من عناصر الوجود..
❊ هل تؤمن بالحب الأول؟
بشدة.. لكن آخر حب لايحدده إلا الموت.
❊ يقال إنك تستقل لانشا في النيل للذهاب لمكتبك بالوزارة؟
بالفعل إحدي المجلات كتبت هذا وأنا أطالبهم بأن يكشفوا عن دليلهم.
❊ هل ترسم وأنت حزين؟
لا يحدث هذا مطلقا..
❊ انتهي الحوار وودعني الفنان فاروق حسني مبتسما إلي خارج مكتبه.
❊ سألته: ما الذي يؤرق فاروق حسني هذه الأيام وما هي تطلعاته؟
ليس هناك شيء.. ولا أريد أي شيء.. سعادتي في العطاء..
❊ هكذا كان رد فاروق حسني.. كلمات مختصرة، ولكنها معبرة ومفعمة بمشاعر الرضا.. وعليه كان السؤال: إذن وعلي مدار 23عاما شغلت فيها منصب وزير الثقافة.. هل حققت جميع أحلامك؟
لقد حققت نفسي فنيا رغم انحساري وانصياعي لرغبات ومهام اجتماعية معينة.. لكني حافظت علي فني لأنه المعني الأهم لتحقيق ذاتي.
❊ في مسرح الحياة جميعنا نختبر شتي أنواع الآلام كما نواجه بمختلف أشكال السعادة، فهل تشعر أن عملك بوزارة الثقافة قد سبب لك ألما، بكلام آخر هل الوزارة سرقت عمرك؟
لقد حظيت بتحمل مسئولية عمل اجتماعي وقومي والحقيقة أنني سعدت بتلك المسئولية، لاسيما أنها منحتني الفرصة للمساهمة الاجتماعية التي بدأتها عندما كنت مديرا لقصر ثقافة الأنفوشي ثم مديرا للمركز الثقافي المصري بباريس ثم رئيسا للأكاديمية المصرية بروما.. وكل هذه الوظائف كانت في خدمة المجتمع.. والوزير هو أعلي المناصب المتاحة لخدمة المجتمع..
❊ 23عاما لم تخلع خلالها بدلة الوزير.. ألم تحن أبدا لأن تكون مثل أي إنسان عادي يمشي في الشارع ويتجول بحرية ويجلس في المقاهي؟
منصب الوزير له مدلولات ومحددات خاصة.. وهو يتطلب أن تنصاع للبروتوكول فضلا عن تقدير حجم المسئولية الملقاة علي عاتقك.. وقد قبلت بكل هذا وقبلت أن تسير وتتحدد تصرفاتي وفق دستور المنصب.
❊ قبل أن تصبح وزيرا، فيم كنت تحلم؟
قبل أن أصبح وزيرا كنت قد حددت موعدا لعودتي إلي مصر وهو أكتوبر 1988.. وكنت ساعتها قد بدأت في مشروع بناء باخرة سياحية، وقطعت شوطا كبيرا في هذا الأمر، فقد كان لي قناعة بأنه من الضروري وجود دخل لي من نشاط أحبه.. وأنا كنت ولازلت أعشق الآثار والسياحة وكان لدي طموح عمل مركب سياحي.. لكني ابتعدت عن المشروع ولم استكمله بعدما توليت الوزارة وأصبح هذا المشروع أفشل شيء عملته في حياتي لأنه لم يكتمل.. فقد وضعت همي في عملي خاصة بعد أن نصحني الرئيس محمد حسني مبارك بابتعادي عن هذا النوع من العمل، وهو ما حدث بالفعل وابتعدت عن المراكب وليس لي فيها سوي 10٪ فقط.
❊ هل تتذكر أول قرار اتخذته بعد أن أصبحت وزيرا؟
نعم كان هذا في يناير 1988.. حيث سألني الرئيس مبارك عن موعد افتتاح دار الأوبرا.. وكانت إجابتي: يوم 10 أكتوبر الساعة 8 مساء.. كان هذا أول وعد للرئيس.. وقد وعدت وأوفيت.
❊ هل لديك خطط لما بعد خروجك من الوزارة؟
لدي مشروع ذاتي سأقيمه في مصر.. لكني لا أستطيع التحدث عنه الآن.
❊ لكن يتردد عزمك ترك مصر والهجرة لأوروبا؟
ليس لي ارتباط بشيء في الخارج.. وقضائي 8سنوات في الخارج لا تدفعني لأن أبتعد عن مصر.. لأن مصر مثل جلدي ولا تغنيني عن مصر أي دولة في العالم.
❊ هل ندمت علي قرار اتخذته خلال فترة وجودك في الوزارة؟
23عاما وأن أتخذ قرارات.. لكنني لا أوقع علي أي قرار بشكل عشوائي أو متسرع.. كل الأمور تخضع للدراسة المتأنية.. ولكن هناك بعض القرارات التي ندمت عليها وتراجعت فيها قبل أن تنفذ..
❊ كيف كان المشهد الثقافي المصري أواخر الثمانينات؟
الثقافة هي تاج مصر الحقيقي.. ومصر تمتلك إرثا إنسانيا وإبداعيا ضخما ومع ذلك كان النشاط الثقافي المصري في تلك الفترة متوقفا تماما.. وكانت مصر محرومة تماما من أي مراكز ثقافية أو إبداعية.. كان الشباب المبدع ضائعا لاسيما بعد نهاية عهد العمالقة المفكرين والمبدعين.. باختصار كانت هذه المرحلة أقرب للفترة الرمادية في تاريخ مصر الثقافي.. لكننا جئنا بالشباب ودفعناهم لمواقع المسئولية، هؤلاء الشباب هم الموجودون الآن علي الساحة، وقد يمثلون مشاهد الصدارة خلال السنوات القادمة خاصة أن متوسطات أعمارهم لا تتجاوز اليوم 23عاما إنهم المستقبل فكريا وإبداعيا..
ويكمل: كان الكيان الثقافي نهاية الثمانينات حيا لكنه مريض ويجهل حقيقة مرضه، فبدأنا في معالجته وتطويره، حتي صنعنا مستقبلا لهذا الكيان الثري.. وأكرر بأن الشباب الموجود الآن في صدر المشاهد الثقافية المصرية من أدب وفنون تشكيلية وسينما ومسرح هم مستقبل حياتنا الثقافية.. لقد راهنت عليهم وأنا علي يقين من نجاحهم بعد تركي الوزارة، فسيصبحون رموزا تشرف مصر مثلما سبق أن شرفها رموز عظيمة راحلة.
❊ تبدو مسيرتك في العمل الثقافي كراهب يمارس طقوسه بدوافع عاطفية وروحانية؟
بالفعل اشتغلت بعاطفتي.. والعاطفة تصل إلي كل الناس مرؤوسين ورؤساء.. كل حياتي وارتباطاتي عاطفية حتي في علاقتي مع الجماد.. ومجتمعنا يملك من الذكاء الجمعي الذي يمكنه من إدراك مشاعرك الصافية التي تصله من خلال عملك الجاد لاسيما والناس يدركون أنك شغال لهم.. وأنا بيني وبين المجتمع علاقة طيبة لا أعرف من أين جاءت، وهذه مسئولية خطيرة تضغط علي النفس والمشاعر رغبة في عدم فقدانها.
❊ما أقرب المشروعات الثقافية لقلبك؟
عندما تسأل أبا عن أبنائه سوف يعدد لك محاسنهم ومميزاتهم.. والحقيقة أنا مرتبط بمجموعة أبناء أقصد مشروعات عملاقة، كانت جميعها نتاج بنات أفكار لحظات سخية في حياتي.. كما أن هناك العديد من الأنشطة الثقافية المؤثرة التي أرتبط بها كالمسرح التجريبي وصالون الشباب فضلا عن دعم وتشجيع الإبداع الشبابي وتحديث الرؤي الثقافية الوطنية.. هذه أمور ظلت شاغلي الأول وفي وجداني.. وبالتالي فأنا مرتاح الضمير وليس هناك من يؤرقني نهائيا.
أما مسألة أني قديس في محراب الثقافة المصرية فإنني أؤكد أنه حين تتحمل رسالة يكون القدر بذلك قد اصطفاك.. وأنا لا أعتبر الرئيس مبارك رئيسا لنا جميعا فحسب بل إنه أكبر من ذلك بكثير، فلم أشعر يوما أنه يرفض حالة إبداعية تسهم في زيادة الثقل الثقافي للدولة وكان دوما مؤازرا وشريكا أساسيا في كل الإنجازات الثقافية.
ويكمل الوزير الفنان بعد فترة صمت وجيزة: أنا زاهد في الحياة.. لكن الكيان الثقافي المصري كان يمثل هاجسا لي.
❊ كيف هذا؟
إن حبي للمسئولية الخدمية يجعل من الأمر هاجسا حرصا مني علي تقديم الأفضل.. و أنا أؤمن أن الإنسان موجود علي الأرض ليكون عضوا ا جتماعيا متكاملا يؤثر ويتأثر ويسعي لتحقيق إفادة للمجتمع.. وظروفي وضعتني في موضع مؤثر في المجتمع.. وهذا يجعلك تزهد بقية الحياة.
❊ هل أنت قريب من الله؟
الله فينا.. وهو أقرب إلينا من حبل الوريد.. وليس من الطبيعي أن يسأل أحد الآخر عن علاقته بالله.. وكلما زاد المرء اطلاعا وعلما تعمق رؤيتك بالإيمان والتجارب.. بمعني أن أي متعمق في المعرفة والثقافة لابد أن يكون دارسا أو علي دراية بالنواحي الدينية.
❊ لم تسلم من الشائعات منذ دخولك وزارة الثقافة فكيف تواجه هذا الأمر؟
دوما كنت أراهن علي الزمن في كشف زيف هذه الشائعات ورغم إحساسي بالظلم والأسي من هذه الشائعات لكني كنت أردد دوما »وإيه ياخد الريح من البلاط«..
❊ ما الذي حرمك منه فاروق حسني الوزير؟
أنا كإنسان، محروم من نفسي، أنا لا أستطيع العيش كمعظم فئات المجتمع.. كما أن الفنان بصفة عامة بداخله جزء بوهيمي وعفوي وبلا حسابات وهو ما يتعارض مع منصبك كوزير.. وعموما فإن عزائي الوحيد في هذه الحياة أنني قدمت أمورا لخدمة المجتمع.
❊ نلمح في أعمالك الفنية جذورا سكندرية.. فإلي أي مدي أثرت فيك الإسكندرية كفنان يمسك الفرشاة ويتعامل مع ألوان وظلال وأضواء وماهي ذكرياتك فيها؟
الإسكندرية وطني الأساسي الذي غرس في حواسي وعقلي كافة الثوابت التي أرتكز عليها الآن، وهي مدينة ذات سحر خاص ولها مكانة في نفس أبنائها وبالتحديد في نفسي أنا..
أما عن ذكرياتي هناك فترتبط بالأشخاص وبالبحر والسماء والسحب والطيور والحدائق والأزقة والحواري والشوارع.. أنا أتذكر شارع جودة وهو شارع صغير شاهدت فيه وأنا صغير يوما بيرم التونسي، فمشيت وراءه، وفجأة سقطت فوقه مياه من إحدي النوافذ فلم يتكلم أو يعلق وأكمل سيره.
❊ هل هناك خطط أو رؤي لوزارة الثقافة بعد فاروق حسني؟
أكذب لو قلت أن هناك رؤي لمستقبل الوزارة، أمامي.. لكني أتمني أن تسير بنفس الخطي أو أسرع.
❊ما أحلامك للثقافة المصرية في المرحلة المقبلة؟
أحلامي أن ينتهي علي خير افتتاح المتحف الكبير بعد 26 شهرا، إضافة لمتحف الحضارة الذي سيفتتح بعد 16 شهرا سواء في وجودي أو في غير وجودي.
أما أحلامي الخاصة فأحلم بأن يكون لي تلاميذ.
❊ ماسر الوحدة التي تعيش فيها ولماذا لا تتحدث عن أسرتك؟
يرد فاروق حسني بعفوية: كنت أزور والدتي قبل وفاتها.. وكنت أحبها بضراوة.. كما أن لي ثلاث شقيقات وشقيقين ودائما أسأل عنهم كما أدخل في نقاشات »وخناقات« ثقافية مع شقيقتي وأولادها أما والدي فقد توفي وعموما أنا أخرج بمفردي كثيرا أستقل سيارتي وأنطلق حتي الطريق الصحراوي ثم أعود.
❊ بعد كل هذه السنين هل أنت نادم علي عدم الزوا ج وتكوين أسرة وإنجاب أطفال؟
أنا فنان.. وما يثبت اسم الفنان في التاريخ هو رسمك وليس ابنك والدليل أن أحدا لم يحمل اسم أم كلثوم أو عبدالوهاب أو توفيق الحكيم أو نجيب محفوظ.. فقط أعمالهم هي التي بقيت خالدة وخلدت أسماءهم.
❊ ألم تجرب الحب يوما ما؟
وهل هناك إنسان لم يجرب الحب في فترة الشباب علي الأقل عدة مرات؟.. وبدون شك الحب عنصر من عناصر الوجود..
❊ هل تؤمن بالحب الأول؟
بشدة.. لكن آخر حب لايحدده إلا الموت.
❊ يقال إنك تستقل لانشا في النيل للذهاب لمكتبك بالوزارة؟
بالفعل إحدي المجلات كتبت هذا وأنا أطالبهم بأن يكشفوا عن دليلهم.
❊ هل ترسم وأنت حزين؟
لا يحدث هذا مطلقا..
❊ انتهي الحوار وودعني الفنان فاروق حسني مبتسما إلي خارج مكتبه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.