المساجد فى أوروبا.. لايمكن الاعتداء عليها أو وقف بناؤها بأمر القانون الشيوخ يصورون العلمانية علي أنها كفر وإنكار للأديان ولكنهم يسافرون لأوروبا وأمريكا للدعوة والتنزه وأولادهم وزوجاتهم يحملون جنسيات غربية! الحجاج بن يوسف الثقفي كان يحفظ القرآن الكريم كاملا ولكن ذلك لم يمنعه من ضرب الكعبة المشرفة بالمنجنيق وذبح وصلب عبدالله بن الزبير بن العوام في كندا والسويد والنرويج والدنمارك نسبة الجهل والفقر والمرض والبطالة صفر ومع ذلك لا يدعون أن هناك من يتآمر عليهم أي شيطان تمكن من هذا البلد فأصبح بين يديه يدفعه من فوق جبل وكأنه كرة لهب مشتعلة لا أحد يعلم كيف ومتي تنفجر؟ كيف تحولت مصر، بعد ثورة أبهرت العالم برقيها وسلميتها، من بلد الأمن والأمان لبلد يقف علي شفا حرب أهلية، القتل والسحل فيه علي الهوية أصبح مصدر سعادة للبعض، بعدما نصبت جماعة نفسها وأتباعها متحدثين باسم السماء، فجعلوا من أنفسهم فرقة وحيدة فائزة ناجية ، يمنحون هذا صك غفران ووعدا بجنة عرضها السموات والأرض، ويتوعدون ذاك بغضب ولعنات وعذاب أليم في الدنيا والآخرة. كان الجميع علي قلب رجل واحد أثناء ثورة طالبت ولم تطالب بغير العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ثورة تبرأت منها الدعوة السلفية من الأساس باعتبار أن الخروج علي الحاكم أمر منهي عنه شرعا، إلي أن جاء موعد الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في مارس 2011 لتخرج علينا جماعة الإخوان وكل تيارات ما يعرف باسم الإسلام السياسي، لتؤكد أن التصويت بنعم علي تلك التعديلات، يعني الفوز بالجنة والنجاة من النار، وأن نتيجة الاستفتاء إن خرجت بنعم فهي الفوز المبين والفتح العظيم، حتي أن البعض وصف ما حدث »بغزوة الصناديق«. بعد عامين ونصف من الثورة، نظن أنه قد آن الأوان لفهم ما حدث ووجب علينا العثور علي حل وجدته أمم وشعوب تقدمت وارتقت ونهضت بالفعل وليس بمجرد شعارات وهمية وخطب لا يفهمها سوي الأهل والعشيرة ومشروع يتحدثون منذ 1400 عام. حان الوقت لنري الأشياء كما هي وليس كما نحب أن نراها، فلم يعد هناك مجال للإنكار والتزييف أو استخدام مساحيق تجميل. منذ عامين ونصف والحابل مختلط بالنابل والمادي متشابك مع الروحاني ولم يعد المتتبع للأحداث يعرف عما يدور الحديث، عن دين أم سياسة ,عن دولة وشئون وحكم، أم عن عقيدة وإيمان,عن الجنة والآخرة، أم عن سلطة ومنصب دنيوي لايساوي عند الله جناح بعوضة، إذ أصبح المتأفف من أزمة البنزين معاديا لشرع الله، والمتأزم من انقطاع التيار الكهربائي محاربا لسنة رسوله ([)، وتم اختصار حل مشاكل الوطن، من انهيار اقتصادي وغلو أسعار وصحة وتعليم وبطالة وفقر ومرض وجهل، في كلمة واحدة »تطبيق الشريعة وعودة الخلافة«! ولم يخبرنا أحد عن أي شريعة يتحدثون، هل الشريعة التي جعلت من قرض صندوق النقد الدولي ربا محرما في عهد مبارك أم تلك التي جعلته حلالا طيبا في عهد مرسي بدعوي أن الضرورات تبيح المحظورات؟ أم هي شريعة يوسف القرضاوي الذي أفتي بوجوب الخروج علي الحاكم مبارك، بينما أفتي وبنفس الشريعة بحرمانية الخروج علي الحاكم مرسي؟ أم هي الشريعة التي تستبيح سفك دم وسحل شيخ مسلم بلغ من العمر أرذله لمجرد أنه علي مذهب مخالف للمذهب الرسمي للدولة، كما حدث مع الشيخ الشيعي حسن شحاته (76عاما)، الذي قضي نحبه مع 4 من أقاربه غدرا وغيلة؟! قشور من التاريخ سيظهر فريق آخر يقول: لا هذا ولا ذاك إنما نحن سنطبق الشريعة بفهم السلف الصالح رضون الله عليهم حسنا دعنا نتحدث عن سيدنا معاوية بن أبي سفيان وهو من كتبة الوحي، رضي الله عنه، وسيدنا علي بن أبي طالب وهو المبشر بالجنة كرم الله وجهه، وكيف اقتتلا في صراع علي سلطة، مات فيه 70 ألفا من المسلمين في موقعتي الجمل وصفين عامي 36 و37 هجرية علي الترتيب، وبسببهما انقسمت الأمة حتي هذه اللحظة لشيعة وسنة، والسؤال كيف أريقت هذه الدماء ووقع هذا الانقسام بينما كل منهما كان حافظا لكتاب الله وشاهد بأم عينه رسول الله ([) ؟! كيف لم يتجنب الفريقان الفتنة والشقاق وقد ترك لهما رسول الله ما إن تمسكوا به لن يضلوا بعده أبدا، كتاب الله وسنته؟! دعنا نتحدث عن مقتل الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه وهو أيضا المبشر بالجنة والملقب بذي النورين لأنه نال شرف الزواج من اثنتين من بنات النبي ([)، والذي مات مقتولا في بيته بعدما حاصره المسلمون وأجمعوا أمرهم علي التخلص منه, عام 35 هجرية، فكيف حدث ذلك بينما كانت الدولة الإسلامية في أزهي عصورها ويحكمها رجل يحفظ كتاب الله ورعيته من صحابة رسول الله ([)، ولم يكن يمر بهم موقف إلا واستحضروا أمام أعينهم خير الخلق محمد بن عبد الله، كيف هكذا تكون نهاية رجل قال فيه حسان بن ثابت شاعر الرسول ([) »ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحا وقرآنا«؟؟ نعم كان هذا هو حال عثمان بن عفان، يقضي ليله ساجدا مسبحا بحمد الله لا ينام إلا قليلا، ولكن ما لهذا بشئون السياسة والحكم؟ ما لهذا بالإسلام كدين مبني علي نطق الشهادتين والصلاة والصيام والزكاة وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا؟ الإجابة في غاية البساطة: سيدنا عثمان بن عفان كان بشرا يصيب ويخطئ ولم يكن الرجل ركنا من أركان الإسلام ولم يكن معصوما من الخطأ، أما تقواه وورعه وزهده فهذا مالا يمكن التشكيك فيه ولكن ذلك لنفسه وليس لرعيته وأجر صلاته وقيامه وركوعه وسجوده وصالح أعماله سيناله وحده ولن تنال رعيته منه شيئا، هكذا كانت الصورة إذن: مسلمون في أعلي درجات التمسك بالعقيدة، وهم أقرب للكتاب والسنة من حبل الوريد، وخلافة راشدة وشريعة من المفترض أنها مطبقة. يقولون إن دولة الخلافة ستعيد للأمة مجدها وبها ستنهض، فعن أي خلافة يتحدثون؟ هل هي خلافة يزيد بن معاوية الذي في عهده تم ذبح حفيد الحسين النفس الزكية حفيد نبي الإسلام نفسه؟ أم تراهم يقصدون ولاية الحجاج بين يوسف الثقفي والي بني أمية علي العراق الذي كان يحفظ كتاب الله كاملا بقراءاته السبع، ولكن ذلك لم يمنعه من قذف الكعبة بالمنجنيق وذبح وصلب أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير بن العوام، حينما اعتصم هذا الأخير بالحرم المكي في زمن عبد الملك بن مروان؟! عن أي خلافة يتحدثون وقد قتل ثلاثة خلفاء راشدين من أصل أربعة؟ أي مجد سيعود للأمة، وقد كانت أول فتوي لعلماء أهل السنة، في العصر العباسي، هي قتل كل من تبقي حيا من بني أمية ونبش قبور بعضهم والتمثيل بجثثهم؟! أي خلافة وكتب التاريخ تذكر لنا أن الخليفة العباسي الأمين قتل أخاه المأمون من أجل كرسي الحكم؟! كتب التاريخ تؤكد إذن، أنه لا يوجد مفهوم واضح لكلمة الشريعة ولم يتوصل أحد لسبل تطبيقها، وكان صحابة رسول الله الأولي والأجدر بفعل ذلك وهو مالم يحدث. دروس الحاضر هذا عن الماضي الذي يجادلون فيه ويضعفون رواياته ويدعمونها طبقا لأهوائهم الشخصية، وعلي أي من لم يتعلم منه فلينظر لحاضر لا يكذب وواقع لا يمكن الجدال فيه، ومن خلالهما يمكن أن نري ما الذي فعله الحكم الديني، فالمرأة في أفغانستان كانت طبيبة ومهندسة وأستاذة بالجامعة قبل أن تصل حركة طالبان لسدة الحكم، بينما اليوم نسبة الجهل بين النساء تكاد تصل ل100٪ طبقا لإحصاءات الأممالمتحدة. أما فلسطينالمحتلة، فقد انقسمت لضفة وقطاع وبينهما تمزق الشعب الفلسطيني الممزق أصلا بفعل الاحتلال، وفي الصومال فإن المعونات التي يرسلها المجتمع الدولي لضحايا المجاعات يستولي عليها شباب المجاهدين. وليس أدل علي ضعف منهجهم وأنه لا وجود لمشروعهم، أكثر من الهند وباكستان، إذ كانتا حتي عام 1947 دولة واحدة تعرف باسم شبه القارة الهندية، إلي أن تم الانقسام عقب رحيل الاحتلال الإنجليزي، التركيبة العامة للهند تشتمل علي150عرقا وديانة، غالبيتهم من الهندوس (80٪) فيما يشكل المسلمون أقل من 13٪، وباقي النسب لمسيحيين وديانات أخري كثيرة، الهند اختارت دستورا علمانيا منذ البداية، فيما اختارت الباكستان لنفسها دستورا إسلاميا سنيا لم يراع 8 ملايين مسلم شيعي من أصل 180 مليونا هم تعداد السكان، ولا سيطرة لأي فصيل علي مؤسسات الدولة سوي المسلمين السنة ,مع تطبيق ما يعتبرونه الشريعة الإسلامية، والنتيجة: الهند قوة عسكرية ونووية عظمي، قوة اقتصادية صاعدة بسرعة الصاروخ، وأكبر مصدر لأنظمة برمجيات الكمبيوتر في العالم، بينما الباكستان لم تعرف طعم الاستقرار منذ 1947 وحتي الآن، فالبلاد دائما مضطربة بفعل انقلابات عسكرية واغتيالات سياسية، وأزمات اقتصادية تدفع بها في أوقات كثيرة نحو المجاعة، فضلا عن ذلك فإن الهند العلمانية ذات الأغلبية الهندوسية سحقت الباكستان المسلمة المطبقة للشريعة في 4 حروب، كان أبرزها حرب عام 1971 التي خسرت فيها الباكستان نصف تعداد سكانها وسبع مساحتها!! أين الحل ؟ عادة ما يتحدثون عن العلمانية باعتبارها تهمة وجريمة ويقدمونها للشعب باعتبارها كفرا وإنكارا للأديان، ولكن لم يفسر لنا أحد كيف ولماذا يعيش 35 مليون مسلم في أوروبا، يأكلون ويشربون ويعملون ويتعلمون ويعالجون علي أرقي مستوي؟ كيف يعيش 12مليون مسلم في أمريكا؟! كيف يقبل شيوخنا الأفاضل علي أنفسهم الهجرة لبلدان يعتبرونها علمانية كافرة ويتمتعون بخيرها وجوها الخالي من التلوث ولا يذهبون لدول مطبقة للشريعة الإسلامية مثل الصومال والسودان أو حتي السعودية؟ لماذا هرب الشيخ وجدي غنيم إلي واشنطن؟ لماذا لجأ شيخ راشد الغنوشي زعيم إخوان تونس إلي لندن خوفا من قمع بن علي؟ لماذا تعيش أخت الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل في أمريكا وتحمل جنسيتها هي وزوجها وأولادها؟ كيف تسمح إنجلترا ومن المفترض أنها تحارب الإسلام لهاني السباعي بتأسيس مركز المقريزي في لندن لينشر من خلاله الدعوة للإسلام؟! سيقولون إن فرنسا منعت الحجاب، ولكن ذلك سرد للحقيقة علي طريقة "ولا تقربوا الصلاة"، لأنها منعت معه الصليب والقلنسوة اليهودية وكل الرموز الدينية، منعا لأي اضطرابات بين أصحاب الديانات المختلفة في الأماكن العامة، أما سويسرا فقد منعت بناء المآذن التي هي شيء دخيل علي بناء المسجد ولكنها لم تمنع بناء المساجد نفسها، ولم نسمع يوما عن مسجد تم حرقه أو حي من المسلمين تم تهجير سكانه، كما حدث مع مسيحيي مصر وتحديدا في دهشور والخصوص. في دول مثل كندا والسويد والنرويج والدنمارك، نسبة الجهل والمرض والفقر والبطالة، تقريبا صفر. الحل يكمن في التخلص من الحديث المستمر عن مؤامرة تحاك ليل نهار للإسلام والمسلمين، بينما لم يقل لنا أحد من يتآمر ولماذا وما هي تفاصيل هذه المؤامرة، الحل يكمن في تتبع خطي أمم مرت بنفس النفق المظلم الذي نمر به حاليا، ولم تخرج منه إلا بكتابة دساتير مستندة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، دساتير لا تعرف تفرقة من أي نوع ,سواء علي أساس العرق أو الجنس أو النوع ، دساتير أوجدت أوطانا بلا قهر بلا قمع بلا تمييز يجب أن يكون الدين في مكانه الصحيح: المسجد أو المعبد أو الكنيسة، فلا أحد يملك حقيقة مطلقه ولا السماء منحت تفويضا لأحد، أما الدولة فلا يجب إلا أن تكون علي مسافة واحدة من جميع مواطنيها علي اختلاف أعراقهم وأديانهم ومذاهبهم، دولة تتعامل مع المواطن علي أنه رقم قومي، ولا فضل لأحد علي أحد بدينه أو لونه أو مذهبه، ولكن فقط بما يقدمه لهذا الوطن لن نقبل ببلد تقام فيه أحزاب علي خلفيات دينية، ,حتي لا نعيش مآسي عاشها آخرون، لا يصح لنا أن نقبل بأقل من ذلك,لن نقبل إلا بشمس التنوير تشرق علينا بثورة تضيء العقول، لا يمكن أن نقبل إلا بجيل يعي تماما أن الحرف أهم من الحرب والكتاب أهم من الكرة، وأن احترام إشارة المرور أهم من موعد غرامي، وأن الحرية أهم من الجميع.