د. آمنة نصير من فترة لأخري يتجدد الجدل حول بعض القضايا الدينية بهدف تشتيت الأفكار وشغل الشعب عن قضاياه الأساسية.. وتتضمن هذه القضايا الطعن في الثوابت الدينية.. بل وإنكار أشياء معلومة من الدين بالضرورة والتي حذر علماء الدين من خطورة عواقبها.. يشعل هذه القضايا الجدلية كتابات من غير المختصين.. وآخرها بعض الكتابات التي أنكرت قضية الناسخ والمنسوخ في القرآن بحجة أنها تعني أن الله كان لا يعلم ثم علم.. وهذا لا يتناسب مع الله تعالي علي الإطلاق.. بالإضافة لإنكار بعض الحدود في الشريعة الإسلامية مثل حد الرجم للمحصن والذي فعله الرسول [ بالفعل.. »آخر ساعة« ناقشت القضية مع علماء الدين المختصين والذين فندوا هذه الآراء وخلصوا إلي أنها تسيء لأصحابها.. بالإضافة لمناقشتهم سبب تجدد مثل هذه القضايا من فترة لأخري.. وعاقبة من يثيرها. هذه الكتابات المغلوطة تطعن في بعض الثوابت الأساسية في الدين الإسلامي وفي بعض القضايا الخاصة بالقرآن الكريم وبعض حدود الشريعة الإسلامية.. فهي تنكر قضية الناسخ والمنسوخ في كتاب الله تعالي رغم أن القرآن الكريم نفسه أوضح ذلك صراحة داخل آياته فقد قال الحق تبارك وتعالي {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها}. وكذلك إنكار بعض الحدود في الشريعة الإسلامية مثل حد الرجم للمحصن الذي ارتكب الخطيئة مع أن الرسول ([) أقام هذا الحد عمليا وأمر بالرجم ومن ذلك المرأة التي زنت وأرادت أن تتوب واعترفت بذنبها وكانت حاملا فأمرها الرسول([) أن تذهب حتي تضع حملها فوضعت ثم أتت للرسول([) لإقامة الحد عليها فأمرها أن تذهب وترضع طفلها حتي تنتهي فترة رضاعته ففعلت ثم جاءت للرسول([) ثم أمر برجمها والرسول([) لم يفعل ذلك من نفسه لمجرد اجتهاد أو هوي نفسي ولكنه يطبق أوامر الله عز وجل.. قال الله تعالي: {وما ينطق عن الهوي}. بل إن أمثال هؤلاء الكتاب يتهمون علماء الدين بالجمود وعدم التدبر لأنهم لاينكرون هذه الثوابت ويأخذون بها ولايقومون بإخراجها من الدين ولكن بعرض هذه الآراء المثيرة للجدل علي علماء الدين أكدوا جميعا أن هذه الكتابات خاطئة وآثمة وأنها إنكار لثوابت معلومة في الدين بل طالبوا بأشد أنواع العقوبة علي من يثير مثل هذه الأمور الجدلية التي لايأتي من ورائها إلا البلبلة وتشتيت عقول الناس وتشكيكهم في دينهم.. وأكدوا أنه لاينبغي أبدا لغير المتخصصين في الدين الخوض فيه والتجرؤ عليه بدون علم ولا دراية. توضح الدكتورة آمنة نصير أستاذة الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر سبب ظهور مثل هذه القضايا الجدلية من فترة لأخري دون داع والتشكيك في الثوابت الدينية بسبب انتشار التطرف والتشدد وظهور ما يطلقون علي أنفسهم السفليين والسلفية الجهادية وأمثال هؤلاء أوجدوا حالة من الملل والخناق والقلق داخل المجتمع فنفروا الناس من الدين.. فهم يشوهون الدين ويعطون فرصة لأمثال هؤلاء الذين يتجرأون علي الدين للطعن في الثوابت الدينية وفي النص النبوي والقرآن الكريم.. فكلما زاد التطرف زاد الإلحاد والنفور من الدين.. والبحث عن أمور ضد هذا الدين الذي أصبح يتهيأ لكل من هب ودب يتجرأ عليه. وأما الدكتورة عفاف النجار العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر فتبين الآراء الشرعية الصحيحة قائلة: إنه لا يمكن إنكار الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم فهو ينقسم إلي نوعين: نسخ الحكم ونسخ التلاوة.. أولا نسخ الحكم بأن تظل الآية موجودة في القرآن ولكن حكمها هو المنسوخ ولكننا نتعبد بتلاوتها فقط ومثال لذلك الآيات التي نزلت في الخمر وفيها تدرج في التشريع بالامتناع عن الخمر علي مراحل حتي نزلت الآيات الصريحة التي تحرمها نهائيا.. والنوع الثاني نسخ التلاوة وهو أن تكون الآية غير موجودة مثل الآية التي أشارت إليها السيدة عائشة »الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة«.. وأما بالنسبة لحد الرجم فهو موجود في الشريعة الإسلامية.. وقد طبقه الرسول بالفعل مثل قصة ماعز والغامدية. ويعلق الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن: علي هؤلاء الذين يثيرون مثل هذه القضايا دون علم أو اختصاص في الدين قائلا: إن الحق سبحانه وتعالي يقول في أمثال هؤلاء: (ولاتقف ماليس لك به علم..) ولهذا فإن مخالفة هذه الآية تعد معصية لله تعالي لأنه أمر من الخالق بأن من لايعلم في الدين وغير متخصص فيه فلا يتحدث فيه دون دراية. ولذا فمن يقحم نفسه في الدين وهو غير متخصص فيه يجب أن يعاقب أشد أنواع العقوبة.. وأما بالنسبة لعقوبة الرجم التي ينكرها البعض فهي ثابتة في كتاب الله تعالي وسنة رسوله([) بأدلة قطعية الدلالة علي وجوبها لمن ارتكب الزني وهو محصن.. فقد رجم الرسول([) عملا وهو لايأمر برجم أحد إلا إذا كان الرجم مشروعا من عند الله تعالي.. وأما الناسخ والمنسوخ فهو ثابت بالكتاب والسنة فقد قال تعالي: {ماننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها}. ويتناول الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي السابق من يتهم العلماء بالجمود بسبب حفاظهم علي الثوابت الدينية قائلا: إن من يتهم العلماء أو المحافظين علي ثوابت الدين والذين يرفضون التشكيك فيها بالجمود وعدم التدبر فهو آثم لأن لحوم العلماء مسمومة ومن ينتقص من شأنهم ابتلاه الله قبل موته بموت القلب.. والرسول([) يقول: »العلماء ورثة الأنبياء« والله تعالي يقول: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}. فلا غرابة أن نري أمثال هؤلاء الذين لايعرفون شيئا عن أمر دينهم كثيراً وبالتالي فلا يعتد بهم ولايصح الرد عليهم والنبي([) قال: »إن الله لاينتزع العلم من الناس انتزاعا بعد أن يؤتيهم إياه وإنما يذهب العلم بذهاب العلماء حتي إذا ذهب عالم ذهب بما معه من العلم حتي إذا لم يبق إلا رؤوسا جهالا فيستفتون فيفتون بغير علم ويضلون ويضللون«. وأما بالنسبة لحد الرجم الذي يتم التشكيك فيه فهو موجود في الشريعة الإسلامية فيبين القرآن أن الزاني يجلد مائة جلده وتثبت السنة ما أجمله القرآن فبينت أن حد الزني يكون الجلد لغير المحصن أما إن كان محصنا فيرجم حتي الموت وهذا ثابت بالكتاب والسنة والإجماع.. ومن أنكر شيئا من هذه الأمور المعلومة من الدين بالضرورة فيستتاب ثلاثة أيام فإن تاب تاب وإن لم يتب قتل بغروب شمس اليوم الثالث.. ولايصلي عليه ولايدفن في مقابر المسلمين.