البازار المغطى بطهران والذى يبيع التحف والهدايا الإيرانية للسياح في طهران افتتح مانوشير جوهانيان مساعد نائب رئيس الجمهورية الإيراني الملتقي السياحي المصري، وبحضور عدد كبير من رجال المال وخبراء السياحة في البلدين، وناقشوا سبل تسيير رحلات للسياحة الإيرانية إلي مصر علي ضوء توقيع وزير السياحة هشام زعزوع لاتفاقية التعاون السياحي بين البلدين، وسفر أول فوج إيراني إلي مصر الشهر الماضي وما قابلوه من متاعب، وبحثوا الحلول المقترحة لتذليل هذه العقبات، فالعلاقات بين الدول لا تقوم علي أسس دينية ولا طائفية، بل تقوم علي الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وأن عودة السياحة الإيرانية إلي مصر تعد خطوة هامة علي طريق عودة العلاقات المصرية الإيرانية لسابق عهدها. مازال الغموض يحيط بمصير السياحة الإيرانية الوافدة إلي مصر حتي الآن، فبعد أن سافر وزير السياحة المصري هشام زعزوع إلي إيران، والتقائه بكبار المسئولين هناك، وعقده اتفاقية لاستقدام السائحين الإيرانيين إلي مصر، أثارت هذه الزيارة أزمة بين بعض القوي السياسية وعلي رأسها السلفيون، رغم أن هذه الاتفاقية تقتصر علي تحديد أماكن تواجد الإيرانيين علي الأقصروأسوانوالغردقة وشرم الشيخ، وتقتصر زيارة القاهرة علي يوم المغادرة، بل وازدادت الأزمة اشتعالا عندما أعلن وزير السياحة مؤخرا وقف هذه الرحلات »مؤقتا« لتقييم التجربة وسط هذه العواصف التي أثارتها بعض التيارات السياسية، رغم ارتباط شركات السياحة في البلدين بالحجز لتسيير هذه الرحلات! السفر إلي إيران ومن أجل كل هذا لم ييأس عدد من رجال الأعمال وخبراء السياحة، ونظموا مع المسئولين في جمهورية إيران الإسلامية هذا الملتقي السياحي بطهران لتقديم عروض للسياحة الإيرانية وتنظيم رحلات إلي مصر طبقا للاتفاق السياسي الذي تم بين البلدين بعد زيارة هشام زعزوع وزير السياحة إلي إيران وعقده اتفاقا لاستقدام السائحين إلي مصر، خاصة أن السياحة المستهدفة بموجب هذه الاتفاقية التي وقعها هناك هي سياحة الإجازات والشواطئ، وبأن السياحة الدينية غير مطروحة في الوقت الراهن علي الإطلاق، وبأن الرحلات في المرحلة الأولي ستكون لمحافظات الأقصروأسوان. وأن دخول القاهرة ضمن المقاصد السياحية سيكون للمغادرة فقط، وبأنه تم تذليل العقبات علي وضع الترتيبات الأمنية والاتفاق علي منح التأشيرات من جانب وزارة الخارجية، وبهذا تم وضع النقاط علي الحروف بالنسبة لمعظم بنود وأركان هذه الرحلات برضاء الطرفين، وبالتالي لابد من طرح كل المشاكل الباقية علي الطبيعة من أجل استئناف رحلات السياحة الإيرانية إلي مصر.. في بداية هذا الملتقي الذي تم بالقاعة الرئيسية بفندق خمس نجوم بطهران مقر إقامة الوفد المصري أكد »مانوشير جوهانيان« مساعد نائب رئيس الجمهورية لشئون السياحة (وزير السياحة) أن مصر وإيران دولتان مهمتان في منطقة الشرق الأوسط، وعلاقات هاتين الدولتين قديمة وتاريخية، وأن الدولتين تمتلكان أيضا حضارات عريقة، ولابد أن ندرك الأبعاد الاستراتيجية للموقف وأهميته، وبأن العملية السياحية التي تستهدف الانتقال من بلد إلي بلد آخر، إنما يعزز العلاقات بين كلتا الدولتين، وعلي ضوء ذلك فإننا نؤيد تماما اتفاقية التعاون السياحي بين مصر وإيران، ونرحب بالسائح المصري في بلادنا، كما أننا نسعد برؤية بلادكم وسفر الأفواج السياحية لمصر.. جمعية لتطوير العلاقات ثم تحدث صباح زنكنا رئيس جمعية تطوير العلاقات المصرية الإيرانية وهو »بالمناسبة« شيخ تجاوز السبعين من عمره، ويتحدث اللغة العربية بطلاقة، فقال إن مصر بلد شقيق بالنسبة لإيران، وبأن الإيرانيين مشتاقون لزيارة مصر، وبأن حالة الانفلات الأمني التي تعيشها مصر لن تقف حجر عثرة أمام هذه الأفواج السياحية الإيرانية إلي بلادكم، وبأن جمعيته تسعي إلي تعزيز العلاقات بين البلدين، وتترقب بسعادة بالغة استئناف العلاقات الدبلوماسية في أقرب وقت. أما إبراهيم بور فرج (رئيس غرفة السياحة في إيران)، فقد ألقي كلمة أشاد فيها بعمق العلاقات بين البلدين، ولابد أن تتلاقي الخطط السياحية ووجهات النظر بين مصر وإيران لوصول الأفواج السياحية وتذليل كل العقبات التي تقف في طريقها، وأن بين الشعبين (المصري والإيراني) حضارات عريقة، ولابد أن يطلع كل منا علي حضارة الطرف الآخر، وبأننا نراقب تطور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بكل اهتمام، والتي بالقطع ستؤثر إيجابيا علي مسار السياحة وتدفق الأفواج السياحية.. تقدير خاص وقد قدم مدير تنشيط السياحة والغرفة السياحية إبراهيم بوفرج ترحيبا خاصا بالوفد الصحفي المصري، وأقام لهم مأدبة عشاء كبري بأحد المطاعم التاريخية القديمة بطهران، والتقط وأسرته الصور التذكارية معهم، كما أهداهم بعض الهدايا الرمزية تأكيدا لتواصل المحبة وتقديره الخاص برسالة الإعلام والصحافة. بعد ذلك ألقي محمد الحسانين (رئيس الوفد المصري) كلمة شكر فيها المسئولين الإيرانيين علي حفاوة الاستقبال والتكريم لخبراء السياحة المصريين، وبالتسهيلات التي قدمت لهم، وكان علي درجة عالية من الذكاء والدبلوماسية أن شرح بإيجاز تطور العلاقات بين مصر وإيران، ومحطات التوافق قبل الاختلاف، وبأهمية عودة السياحة بين البلدين الشقيقين، والأهم من ذلك كله ضرورة حل المشاكل التي تعترض سبيلها بحكمة وعقلانية، لأن تعدد العلاقات المختلفة بين أي بلدين لا يخلو من الاختلاف في وجهات النظر! كما عقد رئيس الوفد مع معاونيه تامر أيوب وسامح سعد عدة اجتماعات مع زملائه خبراء السياحة للوقوف معهم علي آخر تطورات الموقف بالنسبة لهذه الزيارة مع الجانب الإيراني من جهة، والاجتماع مع ممثلي الشركات الإيرانية وأصحابها لتعريفهم بالمقومات السياحية لأرض الكنانة، وإبرام العقود، وتقديم التسهيلات لهم من ناحية أخري.. متاعب أول رحلة وكان الجانب الإيراني غاضبا من ردود فعل زيارة أول فوج سياحي إيراني إلي مصر الشهر الماضي: كان عددهم حوالي 50 سائحا، غادروا بلادهم بطائرة »شارتر« من طهران، وصلوا إلي أسوان وباتوا فيها ليلة، ثم استقلوا فندقا عائما حتي الأقصر ومكثوا ثلاث ليال في النيل، ثم تحركوا إلي الغردقة بالأتوبيس وقضوا فيها ثلاث ليال أيضا، ثم غادروها إلي القاهرة بالأتوبيس وباتوا (حسب الاتفاق) ليلة واحدة في الهرم قبل مغادرتهم مصر، وعند توجههم لمطار القاهرة للسفر إلي طهران فوجئوا بسلطات المطار تمنعهم بدعوي أن الطائرات المؤجرة »الشارتر« لا تقلع من مطار القاهرة، بل من مطار »برج العرب«، وأثناء السفر إلي هناك فوجئوا بقطع الطريق عند منطقة »وادي النطرون« بطريق مصر إسكندرية الصحراوي بواسطة عدد من البدو وانضم إليهم بعض »البلطجية« لمطالب خاصة لا تتعلق بالإيرانيين، فاستداروا مرة أخري إلي القاهرة عن طريق مصر إسكندرية الزراعي، حتي وصلوا لمطار برج العرب بعد رحلة تعب وعذاب استغرقت سبع ساعات، واستقلوا طائرتهم، وعند وصولهم طهران، استقبلهم الصحفيون ووسائل الإعلام هناك، وسجلوا رحلة المتاعب، وانطباع كل منهم عنها، وكان ذلك أسوأ دعاية سياحية لمصر!! السلفيون.. غاضبون وقد صاحب ذلك في القاهرة غضب وتظاهر من السلفيين والتطرق إلي اتفاقية السياحة مع الإيرانيين علي أنها (من وجهة نظرهم) تفتح الباب علي مصراعيه لدعاة »التشيع« وتغريرهم ببسطاء المصريين للدخول في مذهبهم!! وأمام كل ذلك ارتعشت يد هشام زعزوع وزير السياحة بالنسبة لاتفاقية التعاون التي وقعها مع إيران في المجال السياحي والتي طالما هلل لها في وسائل الإعلام قبل سفره لطهران وبعد عودته منها لجذب السياحة الإيرانية لمصر وإنفاقهم المرتفع، وعوائدها العالية، وضرب بالاتفاقية عرض الحائط علي ضوء تلك المتغيرات بوقف هذه الرحلات »مؤقتا«، لكنهم في طهران غاضبون ويتساءلون: كيف يتراجع »وزير« في قراره بين يوم وليلة، متناسيا »اتفاقية« وقعها؟!! حرام علي مصر؟! وخلال وجودي في طهران ومتابعتي للمناقشات الساخنة والتساؤلات التي دارت في هذا الملتقي السياحي الهام بين الجانب المصري والإيراني، وكان نجم الحوار فيها خبير السياحة المعروف منير ويصا، طرحوا عدة نقاط هامة قابلة للنقاش للوصول إلي حلول حاسمة بالنسبة لهذه القضية الهامة، وأقصد تسيير رحلات سياحية للإيرانيين إلي مصر: ❊ السياحة الإيرانية.. لماذا هي حرام علي مصر، وحلال علي باقي دول العالم الإسلامية »السنية« التي لم تعترض يوما علي دخولهم أراضيها؟! ❊ لماذا اختفت التظاهرات المناهضة للسياحة الإسرائيلية ليتفرغ »السلفيون« للهجوم علي السياحة الإيرانية في هذه المرحلة؟ ❊ أليس من الظلم أن تستقبل مصر سياحا ديانتهم »البوذية« كالهنود، وإسرائيليين ديانتهم »اليهودية«، وتضع العراقيل أمام سياح مسلمين؟ احتكار شركات السياحة ❊ هل ننكر أن مصر تستقبل سياحا »شيعة« عربا من دول الخليج كالبحرين والعراق، والكويت والإمارات، ويتكلمون بالطبع العربية وبالتالي تأثيرهم علي نشر مذهبهم أكبر من الذين يتكلمون الفارسية؟! ❊ لماذا تحتكر شركات سياحة »محددة« مصرية تنظيم الرحلات للإيرانيين، وتحرم باقي الشركات؟! ❊ كيف يسحب وزير سياسي التزامه وتوقيعه علي اتفاقية رسمية ثم يجمدها خلال أسابيع محدودة؟ ❊ أليس من الأفضل أن تتحلي السياسة المصرية بالشجاعة وتحسم رأيها بصراحة: هل نريد سياحا إيرانيين لمصر.. أم لا؟!! ❊ هل ينكر أحد حجم الإنفاق الضخم للسياح الإيرانيين في أول رحلة سياحية لمصر، وبالتالي يجب تشجيع إقامة سوق سياحي واعد.. أم الالتزام بسياسة »التطفيش« أفضل؟!