للثقافة أهمية في بناء شخصية الممثل والتي تعكس بلا شك خلفيتها علي أدائه الكوميدي والتراجيدي ولهذا نجد المخرجين والممثلين ممن يكثرون من القراءة بشكل عام في كل ما يتعلق بالإنتاج الفني والأدبي ويقول فرحان بلبل في نهاية كتابه »شئون وقضايا مسرحية« إن كثيرين من الممثلين يظهرون جهلا كبيرا إذا ما حككتهم أو إذا عمدوا إلي الكلام في محفل من محافل المسرح ولعلهم في أحسن أحوالهم يرددون أقوالا سمعوها أو قرأوها علي عجالة وهذا مما أوقع الممثلين ومعهم العاملون في المسرح.. وتتطلب ثقافة الممثل معرفته بأصول مهنته كما الصانع والتاجر والعامل ولقد تناولت معظم بلاد العالم منهج ستانسلافسكي بالتعديل أخذت منه ما يتوافق مع مدارس تفرعت من المنهج نفسه وكلها تعمل من أجل أن يصقل الممثل موهبته حتي يكون الأداء متكاملا ومتقنا ولأننا كعرب قد أخذنا المسرح عن الغرب في التمثيل والإخراج والديكور والإضاءة وحتي شكل خشبة المسرح والتجديدات التي طرأت عليها وأيضا تقنيات المسرح وتجهيزاته وأثر هذا النقل علي عدم تعلم المهنة بأصولها.. وجورج أبيض أول ممثل تعلم أصول التمثيل بعد سفره إلي فرنسا.. وكانت بعد عودته بداية الالتفات لفن المسرح وأنشأت مصر معهد المسرح في ثلاثينيات القرن العشرين وكان المسرح يتطور بالاطلاع من المخرجين علي الترجمات للمسرحيات العالمية والآخذين منها من مؤلفين وممصرين حتي وصلت المسرحيات لمحاكاة الحياة من الفعل والقول والتصرف.. وبعد أن انتشرت الثقافة المسرحية انتشارا كبيرا من المجلات المتخصصة والترجمات وكتب النقد والتمثيل والإخراج لهذا كان ضروري الاستفادة من الخبرة المتاحة مع موهبة الممثل وقد يرجع عدم الوعي بهذه الحقيقة أو الانتباه لها هي أحد الأسباب التي جعلت حركة المسرح في كثير من البلاد العربية ضعيفة وغير قادرة علي القفز لتلعب دورها التنويري والثقافي والاجتماعي كما كان حال المسرح حتي نهاية سبعينيات القرن الماضي.. ولهذا ينصح فرحان بلبل من يريد الوقوف فوق خشبة المسرح والتعامل مع أجهزته وملء واحتلال الفراغ المسرحي أن يتعلم أصول المهنة بشكل علمي ومنهجي وأكاديمي وقد يؤدي عمله بها دون تعلم أكاديمي إلي نفس النتيجة لكن العلم والتعليم من شأنهما أن يوفرا له سنوات من المعرفة والخبرة.. فالجمهور الآن يطلب الإنفاق من الممثل والمخرج والتقني حتي لو كان العرض المقدم يعتمد علي لغة الجسد التي أصبحت أهم من لغة الكلام وكل حركة يقوم بها الممثل تحاسب علي قاعدة مدي مساهمتها في بناء الدور المسرحي ومدي مصداقيتها الدلالة النفسية والاجتماعية حتي نصل بالمسار المطلوب للعروض إلي بناء العرض المسرحي السليم وإبراز أهدافه.