يتساءل فرحان بلبل في كتابه (شئون وقضايا مسرحية) عن النص المسرحي وإمكانية عودته لخشبة المسرح؟ بعد أن أصبحت العروض المسرحية في الوطن العربي لاتعتمد علي مايسمي بالأدب المسرحي بل تعتمد علي مادة نصية تناسب ذاك العرض المسرحي وهذه المادة تجعل المسرح يخرج من ميدان الأدب والفن معا ليدخل ميدان الفن فقط بعد أن كان يدخل الميدانين معا فقد كان المسرح مادة للنقد الأدبي لأنه ينتمي للأدب ومراجعه ونصوصه من إيحاء المسرحيات اليونانية استخلص أرسطو قواعد الدراما في كتابه (فن الشعر) ثم مسرحيات راسين وكورني وموليير وقواعد المسرح للمدرسة الكلاسيكية.. حتي مسرحيات القرن التاسع عشر وماكتبه إبسن وباقي الكتاب وظهور الدراما الحديثة التي استوعبت كل المدارس التي سبقتها وأفرزت ما سمي (الحبكةالمتقنة) وبعدها مسرحيات اللا مقعول والمسرح الطليعي الذي دارت حوله عشرات الكتب النقدية.. وكان المسرح وسيلة لنقل الأدب إلي الناس وكان أيضا مادة للنقد الفني التاريخي والأدبي.. ولم يختلف المسرح العربي عنه في كل أنحاء العالم ولقد استطاع أن يقدم منذ نشأته وحتي اليوم نصوصا مسرحية تعكس عنف التطور والمصادمات والمواجهات السياسية والاجتماعية مما أدي إلي منع النصوص في بعض الأزمنة والحكومات منذ الدولة العثمانية وحتي الآن.. وينبه فرحان بلبل أن النص المسرحي لن يكون أدبا أو صورة معبرة من صور العصر أو أن يصبح من الموروثات الفكرية وقادر علي الانتقال لأمة أخري إلا من خلال شروط أربعة أولها أن يكون ذا بنية درامية قوية متينة حسب مفهوم العصر للبناء الفني.. ثم أن يكون هو الأقل عددا بين أدباء كل مرحلة مقارنة مع نصوص الأنواع الأدبية الأخري وأن يكون النص قويا وقائما علي مدرسة ذات قواعد وأصول تفرض علي المخرجين والممثلين أسلوبا في الأداء.. والمسرح التجريبي الحديث خير دليل علي هذا القول فكثير من عروضه تعتمد علي النصوص القوية القديمة بعد إعادتها بشكل جديد أحيانا برقص تعبيري أو بحركة مسرحية مخالفة لما كانت عليه الكوميديا فتصبح تراجيدي والعكس.. كما كان كتاب المسرح العربي الأول يترجمون المسرحية ويكتبون نصوصهم علي الشكل الذي وجدوه بالترجمة كما فعل سلامة حجازي علي سبيل المثال في مسرحيته شهداء الغرام المأخوذة عن روميو وجوليت حتي ظهرت بوادر النص المسرحي القوي في مصر وسوريا وأخذت الثقافة المسرحية تتسع وتعدت مرحلة الهوان وأصبحت منهجا علميا في الكتابة والتمثيل والإخراج وهو عمل احترافي وفجأة وبعد مضي ربع قرن علي النص المسرحي العربي تنحسر الكتابة ويخلو المسرح من نصوص قوية عربية أو أجنبية وأصبحت العروض تقوم علي مختزلات النصوص القوية العربية أو الأجنبية.