(فرحان بلبل) كاتب وناقد مسرحي سوري قدم للمسرح العربي مسرحيات منها (الليلة الأخيرة وديك الجن الحمصي ومونوراما الجدار.. الأشرعة وللأطفال حكاية الملك يونان والسرير السحري) إضافة لكتاباته النقدية في المسرح العربي والتجريب والتقليد والتمديد في الأدب المسرحي السوري والنص المسرحي (الكلمة والعقل) يستعرض في كتابه (شئون وقضايا مسرحية) الحركة المسرحية العربية صعودا وهبوطا بدءا من الجمهور الذي يجب أن يتألف من كل فئات وطبقات المجتمع وشرائحه فحين تتفاعل هذه المجموعات في العرض المسرحي نفسه فإن المسرح يؤدي رسالته ودوره ومن غير ذلك يكون ترفا فنيا يرتاده الناس كما يرتادون أماكن اللهو ونري في تاريخ المسرح مراحل قد يكون فيها المسرح صاعقا ومؤثرا لا بسبب موضوعاته وأساليبه الفنية فحسب وإنما بسبب الجمهور المتلهف الذي كان يلتف حوله ويؤيده بحماس واندفاع يجعلانه أشبه بمعركة يغلي معها المجتمع وضرب مثلا بالمسرح اليوناني القديم حيث كان احتفالا دينيا واجتماعيا يجتمع فيه كل الشعب لمناقشة الأمور الاقتصادية والسياسية فكان له أكبر القوة والتأثير في الناس وعليهم حين الحكم علي سقراط بشرب السم.. كما جمع المسرح الشكسبيري كل جمهور لندن من الباتلين والنبلاء وبنات الهوي يعرض لهم تاريخ انجلتزا القديم والمعاصر باعتباره مسرحا سياسيا.. كما حول المسرح القرنسيين من قوم تحت لواء اقطاعيات متنازعة إلي ماسمي الأمة الفرنسية بثورتها الشهيرة.. ويفسر مما حدث منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي بانطفاء الحلم العربي الذي أدي إلي أن ينفض الجمهور عن المسرح في سورية والوطن العربي كله وإن بقي حتي تسعينيات يقدم الأحلام القديمة ذاتها وإن صار يشوبه بأسي وظل ينادي بالتغيير وفقد الجمهور اهتمامه بهذه الموضوعات وتخلي عن المسرح فأصبح عليه أن يبحث عن أساليب جديدة تشد إليه الجمهور مرة أخري فسيطر عليه الإبهار البصري والجماليات.. ويبقي تراجع الجمهور والإسراف في الجماليات البصرية السمة الأساسية للمسرح خلال السنوات القادمة ولكن لم تفلح أي من الجهود في تخليصه من هاتين السمتين.. ويري فرحان بلبل أن علينا أن ننتظر انبثاق مرحلة اجتماعية جديدة لتخلق مرحلة مسرحية جديدة بسمات وموضوعات جديدة وسوف تخلق هذه المرحلة الجديدة كتابها ومخرجيها ويبقي السؤال متي تنبثق هذه المرحلة؟ وهذا مرهون بأن يضع العرب لأنفسهم أهدافا قومية ووطنية واجتماعية كبري عندما يبدأ المواطنون العرب بالدفاع عن حقوقهم التي تسلبها الأنظمة ويسرقها الناهبون فسوف يولد مسرح عربي جديد وسوف يتحول المتفرجون إلي جمهور وسيحظي بجماهيرية طاغية.