عرفت حمدي أحمد في منتصف الستينات.. وأعجبت به من أول دور مثّله في السينما وهو دور البطولة في »القاهرة 30« لصلاح أبوسيف وأشدت به كثيرا علي هذه الصفحات لأنه أحسن من مثل دور »الندل« كتبت وقتها أنه سيصبح فنانا كبيرا في عالم السينما كما حققه علي المسرح.. فقد تخرج حمدي أحمد في معهد الفنون المسرحية وأسندت له أدوار البطولة علي المسرح ليصبح وقتها من أهم نجوم المسرح.. ولم أكن أتابعه في المسرحيات.. مثل الكثير من المسرحيات مثل »شيء في صدري« و»الأرض« وغيرهما.. وعندما مثّل دور »أدهم الشرقاوي« لفت إليه الأنظار وشاهده صلاح أبو سيف.. وأعجب به جدا لدرجة أنه أسند له البطولة في أول دور سينمائي »القاهرة 30« ويعتبر أهم الأدوار في حياته دور »محجوب عبدالدايم« الذي يعيش عيشة الفقر والكفاف في قريته.. ويذهب إلي سالم الإخشيدي سكرتير وكيل الوزارة وهو بلدياته ليبحث له عن وظيفة.. ويشترط عليه الإخشيدي أن يتزوج بعشيقة وكيل الوزارة البنت الغلبانة إحسان شحاتة »سعاد حسني« وهي حبيبة صديقه اليساري الذي يحلم بحياة نظيفة بقيام ثورة ضد الفساد في مقابل وظيفة وشقة علي شرط أن يزوره البيه وكيل الوزارة الذي أصبح وزيرا مرة كل أسبوع وأن يخلي له البيت.. ويوافق »محجوب« علي أن يقوم بدور »القواد« بالنسبة لزوجته التي لم تحبه.. ويستطيع محجوب عبدالدايم أن يتكيف مع المجتمع الفاسد حتي لايموت جوعا هو وأسرته. ويحسب له مشهد النهاية حينما يجيء والده من القرية يسأل عنه بعد أن انقطع الاتصال والمعونة المالية.. كما تجيء زوجة الوزير التي تكشفه مع عشيقته.. لم يتكلم حمدي أحمد أو محجوب عبدالدايم كلمة واحدة.. ولكن ردود فعله في هذا المشهد تؤكد قدرته وموهبته. وقدم له يوسف شاهين دورا في فيلم »الأرض« دور »محمد أفندي« الفلاح والمتعلم الوحيد في القرية الذي يضع النظارة علي عينيه كمثقف ويلبس الطربوش ويمتطي الحمار.. يكلفه الفلاحون في توصيل الشكاوي إلي المسئولين في القاهرة.. ولكن »محمد أفندي« تغريه القاهرة التي تشده إليها.. ولكنه في النهاية يذهب إلي الشيخ حسونة الأستاذ الأزهري بلدياته من أجل رفع الظلم الذي يريد محمد بك الإقطاعي أن يفرضه عليهم بأخذ أراضيهم ليحولها إلي طريق يصل إلي قصره لكن حسونة لا يفعل شيئا بعد أن استطاع الإقطاعي أن يغريه باستبعاد أرضه من الأراضي المفروض أن تتحول إلي طريق.. يعود »محمد أفندي« إلي قريته يائسا حزينا ليدافع مع الفلاحين عن »الأرض« ضد البيه والانجليز. مثّل حمدي أحمد كثيرا من الأفلام.. لكن صلاح أبوسيف هو الذي عرف قدراته وأسند إليه أدوارا قدمها بأسلوبه الخاص المختلف عن كل الممثلين.. وكما بدأ حمدي أحمد في السينما مع صلاح أبوسيف.. فقد كان فيلم »البداية« هو آخر فيلم له أيضا مع صلاح أبوسيف. ❊ ❊ ❊ ترك حمدي أحمد التمثيل بعد أن انهارت السينما ليرشح نفسه عضوا في مجلس الشعب عن دائرة بولاق.. وينجح ويعمل بالسياسة التي وجد نفسه فيها أكثر في تلك الفترة، ثم أسند إليه في المسرح دور الشاويش »عبدالعال« في مسرحية »ريا وسكينة« وكانوا ينادونه طوال البروفات والعرض باسم »السيناتور« لكن خلافا حدث بينه وبين الفنانة القديرة شادية التي كادت تنسحب من المسرحية.. فانسحب هو قبلها وكان ذلك آخر عهده بالتمثيل. سألت عبدالمنعم مدبولي الذي قام بدور حسب الله في المسرحية ومثل مع الاثنين .. »حمدي أحمد« و»أحمد بدير« من منهما قدم الدور أحسن؟ فقال لي كل منهما أدي الدور بأسلوبه الخاص.. وقد نجح حمدي أحمد من خلال الدور.. ولسوء حظه لم يسجلها التليفزيون الذي سجلها لأحمد بدير وحقق نجاحا كبيرا.. ❊ ❊ ❊ التقيت به في إحدي المناسبات.. حين التقي ملك المغرب كبار الصحفيين والفنانين والشخصيات العامة.. ليجري بيننا حديث يذكرني فيه بما كتبته عنه مرارا أيام زمان.. زمن الفن الجميل قائلا لي: »لقد خيبت أملك..« وخسر المسرح والسينما واحدا من أهم نجومها.. وربما يلجأ الفنان للعمل بالسياسة بعد أن يئس من الفن.. فيحقق نفسه أكثر كعضو في مجلس الشعب.