زيارة الرئيس محمد مرسي لكل من باكستان والهند في الفترة من 18 إلي 21 من مارس الحالي هي زيارة هامة بكل المقاييس حيث إنها تأتي في توقيت بالغ الدقة والحساسية حيث تشهد مصر تغيرات كبري في أعقاب ثورة 25 يناير. من حيث السعي نحو دعم وبناء أسس التحول الديمقراطي وبالتالي دعم عجلة التنمية الاقتصادية في إطار تنفيذ أهداف ثورات الربيع العربي. ومن هنا ندرك أهمية الزيارة التي يقوم بها الرئيس محمد مرسي لكل من إسلام أباد ونيودلهي سعيا لتوطيد العلاقات المصرية مع كل من الدولتين اللتين ترتبطان مع مصر بعلاقات قوية ومتميزة عبر التاريخ. ويبدأ الرئيس مرسي جولته الآسيوية بزيارة تاريخية للعاصمة الباكستانية إسلام أباد تلبية لدعوة رسمية من نظيره الباكستاني (آصف علي زرداري حيث تركز لقاء الزعيمين علي بحث العلاقات الثنائية بين مصر وباكستان كما التقي مرسي خلال زيارته للعاصمة الباكستانية يوم 18 من مارس الحالي برئيس الوزراء (راجا برفيز أشرف) بخلاف استقباله عدداً من زعماء الأحزاب الرئيسية في الباكستان. ويتخلل زيارة الرئيس مرسي الهامة لإسلام أباد التوقيع علي عدد من مذكرات التفاهم للتعاون بين الجانبين في مجالات متنوعة من أبرزها الترويج للاستثمار وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والخدمات البريدية والملاحة التجارية. وشهدت الزيارة أيضا منح الرئيس مرسي الدكتوراة الفخرية من الجامعة الباكستانية الدولية للعلوم والتكنولوجيا التي تعد من كبري الجامعات في الباكستان وذلك تقديرا لدور مصر المحوري علي المستوي الإقليمي والدولي. روابط قوية أما المحطة الثانية في جولة الرئيس مرسي الآسيوية فكانت زيارته لنيودلهي العاصمة الهندية تستغرق يومين وتتضمن لقاءات هامة علي رأسها لقاؤه مع الرئيس الهندي (براناب موخيرجي) ومحادثات مع رئيس الوزراء الدكتور (مانموهان سينج) كما يستقبل الرئيس مرسي في مقر إقامته كلا من نائب رئيس الجمهورية (حامد أنصاري) ووزير الخارجية سلمان خورشيد بالإضافة إلي الأمين العام لحزب المؤتمر وزعيمة التحالف التقدمي الموحد سونيا غاندي وزعيمة المعارضة في البرلمان الهندي (سوشما سواراج). وقد أعرب المسئولون في حكومة نيودلهي عن تطلعهم لزيارة الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي لأن مثل هذه الزيارات التي تأتي في مرحلة هامة في العلاقات الثنائية بين الدولتين وفي إطار ماتشهده المنطقة من تطورات إقليمية ولاسيما أحداث الربيع العربي التي أحدثت تغيرات سياسية تمثلت بالأساس في بدء مرحلة هامة من التحول الديمقراطي في مصر وعدد من الدول العربية مثل تونس وليبيا واليمن. وبعد اندلاع ثورة يناير 2011 كان هناك سرعة تواصل من جانب حكومة نيودلهي مع الأوضاع الجديدة في مصر حيث كانت هناك زيارات متبادلة منذ الوهلة الأولي لمصر وانعقدت اللجنة المصرية الهندية المشتركة بين الدولتين التي اتفقت علي وضع أسس التحرك والتعامل مع مصر الجديدة وكان لذلك تقديره من قبل مصر. أولوية التعاون الاقتصادي التعاون الاقتصادي مع كل من الهند والباكستان له أولوية هامة علي أجندة محادثات الرئيس مرسي في إسلام أباد ونيودلهي وقد انعكس ذلك علي مستوي الوفد المرافق للرئيس الذي يضم عددا من الوزراء من بينهم وزراء الخارجية والاستثمار والتجارة والصناعة والمعلومات ووفد كبير من رجال الصناعة والأعمال. ومما لاشك فيه فإن زيارة الرئيس مرسي للهند التي أعقبت زيارته للباكستان كان الموضوع الرئيسي علي مائدة الحوار مع الرئيس الهندي وكبار المسئولين في حكومة نيودلهي هو بحث أفضل السبل لتقوية العلاقات الاقتصادية ولاسيما أن حجم التبادل التجاري قد ازداد علي مدي العامين الماضيين من 3.2 مليار دولار حتي بلغ 4.5 مليار دولار. وقد أكد السفير الهندي لدي مصر في تصريحات له قبيل زيارة الرئيس مرسي لنيودلهي بأن هناك إرادة مشتركة بين الدولتين تهدف إلي تقوية الروابط الاقتصادية وأن حكومة الهند من جانبها ترغب بشدة في دفع علاقات التعاون الاقتصادي مع مصر قدما. ومن ثم فإن وفد رجال الأعمال الذي يرافق الرئيس مرسي والذي يقدر من 15 إلي 20 من رجال الأعمال سوف يجتمعون مع نظرائهم ومن المتوقع أن يخاطب الرئيس مرسي رجال الأعمال من الدولتين خلال هذه الزيارة الهامة كما أن وزيري التجارة في الدولتين سوف يعقدان جلسات هامة لبحث سبل نمو التبادل التجاري بين مصر والهند. وقد أشار نفديب سوري السفير الهندي لدي مصر بأن التبادل التجاري بين الدولتين قد ازداد بصفة كبيرة وسريعة علي مدي الثلاث السنوات الماضية حيث أصبحت الهند سابع أكبر شريك تجاري لمصر والهند هي الدولة الثانية من حيث استقبال الصادرات المصرية. موقع متميز وفي حقيقة الأمر فإن الجانب الهندي يولي مصر أهمية كبيرة من حيث تبادل الاستثمارات فهناك 50 شركة استثمارية هندية كبيرة في مصر تعمل في مجالات متنوعة من البتروكيماويات ونظم المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات والنسيج وغيرها من المجالات الهامة. ويعتقد المسئولون في الحكومة الهندية والعاملون في قطاع الأعمال والصناعة في الهند بأن الموقع الجغرافي المتميز لمصر يجعل منها حلقة اتصال تستطيع الصناعات الهندية من خلاله النفاذ لأسواق أفريقيا وأوروبا وأسواق الشرق الأوسط هذا بخلاف أن تعداد مصر البالغ 85 مليون نسمة يجعل منها سوقا كبيرا للمنتجات الهندية ومن هنا فإن شركات الاستثمار الهندية ترغب في دعم وتقوية الروابط الاستثمارية مع مصر. ويعتقد الجانب الهندي أنه من الإمكان أيضا ومصر تمر بمرحلة هامة في التحول الديمقراطي أن يتم تبادل الخبرات بين الدولتين في نطاق نظم الانتخابات والتعددية لاسيما أن الهند لها تجربة كبيرة في هذا النطاق. وبعد فإن زيارة الرئيس محمد مرسي لكل من باكستان والهند تأتي في إطار رغبة مصر في دعم علاقاتها الاقتصادية مع عدد كبير من القوي الاقتصادية البازغة في العالم بما يكون له آثاره الإيجابية علي مستوي القمة الاقتصادية بالداخل ويعود بالإيجاب علي المواطن المصري البسيط الباحث عن فرص عمل مناسبة من أجل حياة كريمة.