في ظل فوضي سياسية وأحزاب متناحرة.. وتضارب الرؤي ودخول البلاد إلي مفترق الطرق.. ضاعت معالم الدولة وهيبة مؤسساتها حتي مؤسسة الأزهر العريقة التي قادت الثورات عبر التاريخ ووجهت الحكام.. الآن تبدلت الأوضاع.. فما أن يقوم الأزهر بدوره في محاولة لرأب الصدع وتوحيد الصف واضعا الوثائق التي تساعد البلاد علي تجاوز الأزمة الحالية نفاجأ بعدم تطبيق أي وثيقة وأبرزها وثيقة نبذ العنف التي ماتت بمجرد ميلادها.. وذلك بسبب الفوضي السياسية والصراع علي الزعامة.. وتغليب المصالح الشخصية علي مصلحة الوطن.. فهل فقد الأزهر هيبته وقدرته في التأثير علي الناس، كما ذكرت بعض الصحف الأمريكية والتي أكدت أن فقده لشعبيته يمثل كارثة للعالم الإسلامي وكذلك لمصر في الداخل بشكل أكبر.. (آخر ساعة) ناقشت هذه القضية. ذكرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية أن د. أحمد الطيب شيخ الأزهر يواجه حاليا ما أسمته معركة قديمة وهي الحفاظ علي استقلال ونفوذ الأزهر الشريف مضيفة أن هذه المؤسسة الدينية تعاني من فقدان الشعبية وسط زيادة تأثير دعاة التليفزيون والإنترنت.. وتابع تقرير الصحيفة قائلا: إن هذا الوضع صنع أزمة شرعية يمتد تأثيرها من المغرب إلي أندونيسيا مضيفا في الوقت الذي تعد فيه تلك المشكلة خسارة للعالم الإسلامي السني إلا أن تأثير تراجع الأزهر يمثل مشكلة كبيرة داخل مصر.. واعتبرت الصحيفة أن زيادة أئمة التليفزيون عمل علي تقليص نفوذ الأزهر. تقول الدكتورة ليلي قطب الأستاذة بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر إن الأزهر مازال محتفظا بهيبته.. فإذا ذهبنا إلي أي دولة عربية أو إسلامية فنجد أن الأزهر له احترامه وعلماء الأزهر لهم وضعهم في كل مكان.. وأنه كان قائد الثورات دائما. فأي ثورة كانت تخرج من الأزهر ففي عهد الرئيس الراحل عبدالناصر أثناء العدوان الثلاثي عام 6591 خرج عبدالناصر من جامع الأزهر وقال سنقاتل ولن نتخاذل.. فكل ثورة كانت تخرج منه عن طريق اجتماع العلماء الذين كانت لهم كلمتهم المسموعة عند الحكام الذين كانوا دائما يحترمون علماء الأزهر وكذلك ثورة عرابي وكل ثورات التاريخ وإذا ذكرت مصر في أي مكان في العالم ذكر الأزهر فكلمتا مصر والأزهر تقترنان دائما. أما حاليا فما يقال عن افتقاد هيبته فنتيجة الفوضي السياسية وتعدد الأحزاب وفوضي الفضائيات وكذلك الحرية غير المسئولة التي أطلقت العنان لكل إنسان يتكلم فأي شخص قرأ كتابين خرج علي الفضائيات وأفتي بمزاحه وبهواه هو فبالتالي أصبح الناس في حيرة من أمرهم لمن يسمعون وبكلام من يأخذون.. وبالتالي أصبح هناك عدم احترام للعلماء لأن ظهور هذه الكثرة الذين يقولون علي أنفسهم علماء فاختلط الحابل بالنابل بسبب فوضي الإعلام فضاعت هيبة العلماء وكذلك يرجع لسوء الأخلاق والأمية الدينية وعدم الإيمان بالله عز وجل وعدم احترام كل شخص لتخصصه. وتضيف د. ليلي: الأزهر يضع الوثيقة من هنا ولا يأخذ بها أحد لأنه لا أحد يعمل لصالح مصر ولكن كل يعمل لمصلحته الشخصية وليس غرضهم لله ولا للوطن فإن كان لله فإنه كان سينصرهم يقول تعالي: (إن ينصركم الله فلا غالب لكم)، وكذلك يقول: (إن تنصروا الله ينصركم). ولكن ما يحدث هو الصراع علي المناصب والكراسي فقط فكل شخص همه أن يرأس هو فقط دون النظر لما يحدث للبلاد وفي سبيل ذلك يتخذ أي وسيلة مهما كانت.. الإمام الشافعي رحمه الله كان يقول: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.. فكان العلماء قديما علي قدر من المصداقية والمحبة والإخوة حتي في الاختلاف، أما الآن مايسمون أنفسهم علماء قد ضيعوا هيبة العلماء.. وقديما كان الحاكم هو الذي يذهب للعالم أما الآن فتبدلت الأحوال. من جانبه يؤكد الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي السابق بالأزهر: الأزهر هو الكعبة الثانية بعد مكةالمكرمة مباشرة.. ففي العالم كعبتان: الأولي في مكةالمكرمة يحج إليها الناس من شتي أنحاء العالم والثانية: في مصر وهو الأزهر الذي يفد إليه طلاب العلوم من شتي بقاع العالم.. فللأزهر مكانته العلمية والثقافية.. ونحن نعلم جميعا أن الأزهر هو الذي طرد الحملة الفرنسية من مصر وأن رجال الأزهر هم حصن الثورة وأنه هو حافظ الدين الإسلامي في العالم أجمع ونعلم أن للأزهر بعثات في شتي أنحاء المعمورة.. وكذلك نعلم أن للأزهر مدينتين للبعوث الإسلامية إحداهما في القاهرة والأخري في الإسكندرية تستقبل الطلاب من جميع دول العالم وتكفل لهم المسكن والمطعم والمشرب وتعطيهم مبالغ نقدية كمصاريف شخصية وتقوم بتعليمهم حتي إذا تم تعليمهم الإعدادي والثانوي والجامعي أرسلتهم إلي بلادهم دعاة من قبل الأزهر الشريف.. وأقول إنه لم يفقد مكانته بأي حال من الأحوال وهو لم ولن يسيس في يوم من الأيام ففي القرون الماضية شيخ من شيوخ لأزهر عرض أحد الحكام للبيع وهناك كلمة مشهورة من يمد رجله لايمد يده ورجال الأزهر أعزاء أقوياء بقوة الله لهم وهم حفظة كتابه وقال الله تعالي عنهم: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات).. ولذلك كان لابد أن يتعرض الأزهر ورجال الأزهر لهجمات شرسة من أجل أن تنال منه ولكن الله سبحانه يرد كيدهم في نحورهم.. وهاهي العادة الشجرة المثمرة هي التي ترمي بالحجر وأن الحقد دائما لايكون إلا للمجد الناجح وبما أن الأزهر هو تلك الشجرة فلا غرابة أن يرمي ببعض من السفهاء ولكن هيهات أن ينالوا منه. ويضيف: فإذا كان الأزهر لا يعرف قدره أهل بلده من باب الجبن البلدي المر فإن للأزهر في شتي بقاع العالم مكانة سامية فلقد بعثنا إلي دول غربية وأوروبية وكنا نمشي مرتدين زينا الأزهري المتعارف عليه فكان يشار إلينا بالبنان.. وأنا عن نفسي في يوم ما وأنا متوجه لأمريكا عام 2010 لم أتعرض لأي مضايقات في المطار ولا أي مكان ووجدت الاحترام والتقدير ممن لايعرفون العربية.. ولقد ذهبت إلي أديس أبابا فالأمر لايقل حفاوة عن غيرها من البلاد.. فالأزهر له مكانته خارج مصر عالية وسامية أكبر من داخل مصر عشرات المرات فمثلا كنت في الأردن عام1980ووقعت علي الطريق وأنا مرتد الزي الأزهري مشيرا لإحدي السيارات فإذا بأول سيارة تمر علي دون أن ينتبه وبعد 100 متر وجدته يرجع للوراء ويعتذر ويعطيني زجاجة عطر وعرض عليّ الذهاب لأي مكان وأوصلني لما أريد وأعطاني كارت وطلب مني إذا احتجت شيئا أن أتصل به ويأتي إلي مكان عملي.. هكذا مكانة الأزهر خارج مصر.. أما داخل مصر فله مكانته لمن يقدر ويفهم.. أما إذا كان هناك بعض الأغبياء فلا غرابة فإن أمهاتهم وآباءهم لامكانة لهم عندهم أيضا عكس صاحب المعدن الطيب الذي يعرف مكانة الأزهر الذي يدعو للوسطية والاعتدال.