الشعب يرفض الأسوار ووقف الحال كريمة الحفناوي: تذكرنا بسور برلين .. والحواجز دائما تسقط "كل الطرق المؤدية إلي ميدان التحرير وشارع قصر العيني مسدودة" هكذا لخص أحمد جلال أحد الموظفين بوزارة الإسكان، واقع حياة المواطنين في المنطقة المحيطة بميدان التحرير، بعد أن قامت قوات الأمن بسد الشوارع المحيطة بميدان التحرير والمؤدية إلي مقر وزارة الداخلية، فسياسة إقامة الحواجز الأسمنتية انتشرت في القاهرة وامتدت من التحرير إلي قصر الاتحادية الرئاسي، بعد ثورة 52يناير مع فشل النظام الحاكم علي مدار عامين في حل مشاكل البلاد السياسية والاقتصادية. معاناة لسكان الشوارع التي تغلقها الحواجز الخرسانية ويستكمل أحمد جلال عرض أزمته قائلا: "نحن في معاناة يومية فعندما نذهب إلي مقر أعمالنا في شارع قصر العيني، وهو ما يضطرنا لعبور ميدان التحرير، لكن للأسف قوات الأمن تمنع عبورنا بعد أن أغلقت الطريق أمام المارة بكتل أسمنتية، لذلك نقوم بالالتفاف من خلال ميدان طلعت حرب ثم ميدان باب اللوق والمرور بعدد من الشوارع الجانبية، وهي مسافة تأخذ أكثر من نصف ساعة علي الرغم من أن الطريق القديم لم يكن يستغرق أكثر من 5 دقائق". معاناة جلال يمر بها الكثير من البسطاء والموظفين من المترددين علي منطقة وسط البلد بعد إغلاق شوارع القاهرة المحروسة وسدها بالكتل الأسمنتية لدواع أمنية ترتجف من هتاف شعب أعزل، كان آخرها قيام قوات الحرس الجمهوري (الجمعة) الماضية ببناء جدار في مدخل شارع الميرغني المؤدي إلي قصر "الاتحادية" الرئاسي، لمنع المتظاهرين من التقدم. منهج متبع منذ ما بعد ثورة 52يناير بأيام، فالشعب بعد تأكده أن ثورته اختطفت وانحرفت عن مسارها ولم تحقق شعارات "عيش – حرية- عدالة اجتماعية"، فخرجت الجماهير لميدان التحرير من جديد، فكان رد الفعل الرسمي مزيدا من العنف في عدد من المعارك الطاحنة ما استتبع إقامة العديد من الحواجز الاسمنتية في مداخل شوارع محمد محمود وقصر العيني المؤدية إلي ميدان التحرير في أحداث محمد محمود وقصر العيني نوفمبر وديسمبر 1102.. التي سقط خلالها شهداء وعشرات المصابين، وكان آخرها إقامة حاجز جديد في مدخل ميدان سيمون بوليفار الذي يتوسط المسافة بين ميدان التحرير والسفارة الأمريكية في أحداث محمد محمود الثانية نوفمبر الماضي، لتكتمل منظومة الشوارع الجنوبية المسدودة لميدان التحرير، ولم يعد من مفر لأي قادم من ميدان الشهيد عبد المنعم رياض أو كورنيش النيل إلا أن يدخل إلي منطقة وسط المدينة ويلف دورة كاملة تستغرق نصف ساعة علي الأقل، وهي جولة قامت بها آخر ساعة، وهي بالتأكيد تجرية شاقة علي من يضطر أن يسلك هذا الطريق يوميا. الحواجز الأسمنتية أشعلت غضب المتظاهرين فعبروا عن رفضهم لها باستخدام فن "الجرافيتي" للتعبير عن رفضهم للأساليب الأمنية في معالجة القضايا السياسية التي تعصف بالبلاد، وتحولت الحواجز الأسمنتية إلي جدريات فنية خصوصا وأن الحواجز تستخدمها قوات الاحتلال الأمريكي في العراق لفصل المناطق الملتهبة بين السنة والشيعة، كما ذكر الجميع بجدار الفصل العنصري الذي حاصر به الكيان الصهيوني الشعب الفلسطيني المحتل، فكانت استعادة هذه السمعة السيئة للحواجز الأمنية سببا في رفضها شعبيا. وتري الناشطة السياسية كريمة الحفناوي أن سياسة سد الشوارع تعبير عن فشل نظام أمني يرتعش أمام غضبة الشعب، الذي أكد أنه أكبر من القمع ولم يعد يخشي شيئا، فالأساليب الأمنية العتيقة التي تذكرنا بسور برلين لم تعد تصلح مع شباب يتواصل عن طريق الفضاء الإلكتروني، فشبابنا لم تعد تحجزهم حواجز". وتابعت"ما خرجنا به من ثورة 52يناير أن الشعب ينتصر وأن الحواجز دائما تسقط". من جهته قال اللواء طلعت مسلم، الخبير الأمني ل"آخر ساعة" أن سياسة الحواجز الأمنية التي تتبعها الداخلية حاليا مفهومة لأن أي اشتباك مع المتظاهرين سيؤدي إلي وقوع جرحي وقتلي ما يزيد الأمور اشتعالا في البلاد في وقت نسعي جميعا للتهدئة، فالداخلية رأت أن الحواجز الأسمنتية قد تفصل بين قوات الشرطة وبين المتظاهرين في المناطق الملتهبة وعلي رأسها ميدان التحرير، وهو بديل جيد عن المواجهة المباشرة التي قد تؤدي إلي إشعال الموقف أمنيا". وتابع مسلم: "علي الداخلية أن تبذل كل ما في وسعها من أجل إعادة الأمن للشارع من جديد كمقدمة ضرورية للتخلص من تلك الحواجز الأسمنتية، فرغم فهمنا لضرورتها الأمنية؛ إلا أننا لا يمكن أن نعيش في ظلها للأبد، لذلك فمن الممكن إزاحة تلك الحواجز مرحليا بما يناسب الوضع الأمني وسير الأحداث بما يسمح بعودة الأوضاع إلي طبيعتها في الشارع من جديد".